استراتيجيـة الفلاحـة حقّقت أهدافها.. لطفـي غرناوط لـ”الشّعـب”:

لهذا يطمح الرئيس تبون إلى بلوغ الإنتاجية الأعلى

فايــــزة بلعريبـــي

الإمكانــات المسخّــرة كافيــة لتحقيق السيــادة الغذائيـة

التقييـم الدقيـق عـــبر مؤشّـرات ميدانية.. ضمانـة الفعاليـة

تحصيل  4.1  مليون طن بارتفاع ملحوظ فاق 17% خلال 2024

 اتسم موسم حصاد 2025 بنتائج تبشّر بنجاحه وتطور ملحوظ في النتائج المحقّقة، يبقى مرهونا باتخاذ جميع التدابير اللوجستية، التقنية والعلمية لحماية المحصول من الهدر والتلف، وهو ما ركّز عليه رئيس الجمهورية خلال ترؤّسه مجلس الوزراء، أول أمس، كما أمر بعقد اجتماع تقييمي للموسم يتم من خلاله رصد مكامن القوة لتدعيمها ونقاط الضعف لتداركها مستقبلا. وقدمت المساحات المسقية منتوجا مرتفعا، مقارنة مع المساحات التي تعتمد على المياه المطرية، ممّا يشجّع على اعتماد تقنيات الري الحديث والمساحات الواسعة في تطوير الزراعات الإستراتيجية وتحقيق الإكتفاء الذاتي من الحبوب ومنه الأمن الغذائي.

أوضح أستاذ العلوم الزراعية بجامعة تولوز، لطفي غرناوط، في اتصال مع “الشّعب”، أن التعليمات التي أصدرها السيد رئيس الجمهورية، الأحد، بضرورة تحقيق نتائج متميّزة في موسم 2025 تفوق ما تم تسجيله في 2024، مع إجراء تقييم دقيق بعد انتهاء عملية الحصاد، تعكس الحرص المستمر على تحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية الشاملة لتحقيق الأمن الغذائي وتقليل فاتورة الاستيراد خاصة في الشّعب الإستراتيجية كالحبوب، إضافة إلى التركيز على التقييم الدقيق عبر مؤشّرات ميدانية ما يُساهم في تحديد نقاط القوة والضعف في الأداء، ممّا يتيح وضع استراتيجيات أكثر فعالية مستقبلا.
وشدّد غرناوط على ضرورة الإشارة إلى أنّ موسم الحصاد مثل موسم الحرث والبذر، يمثل مرحلة حساسة ومحدّدة زمنيا وأي تأخّر أو خلل في إدارتها قد يؤدي إلى فقدان نسبة من الإنتاج تجاوزت حاليا 20 بالمائة، بسبب قدم الآلات وصعوبة ضبطها بشكل جيد. إضافة إلى عوامل أخرى مثل التخزين الذي يفتقر إلى التقنيات الحديثة للمحافظة على جودة الحبوب.
وحسب التصريحات الرسمية الأولية لوزير الفلاحة - التي استند إليها المتحدّث - فإنّ الجزائر حقّقت في هذا الموسم اكتفاء كاملا في القمح الصلب تجاوز 2.5 مليون طنّ من هذه المادة ذات الاستهلاك الواسع، بارتفاع قدر بـ12 بالمائة، مقارنة بموسم 2024، الذي بلغ 2.2 مليون طن بمردودية قدرت بـ55 قنطار/هكتار، وهي النسبة التي وصفها غرناوط بـ«المقبولة جدّا”، نظرا لاقترابها من النسبة المرجوة وهي 80 قنطار/هكتار، وهو ما يوضّح الإرتفاع المستمر في أداء الشّعبة التي عرفت تطورا ملحوظا خلال بين موسم 2024، أين تم تحصيل 4.1 مليون طنّ بارتفاع ملحوظ فاق 17% من إجمالي إنتاج الحبوب لموسم 2023، الذي بلغ 3.5 مليون طن.

تفـادي الهـدر وضمــان الجــودة..

  وعلى الرغم من التحسّن الملحوظ - يقول غرناوط - تبقى ضرورة الرفع من قيمة إنتاج الحبوب، مطروحة لتلبية حاجيات السوق الوطنية التي تتجاوز 11 مليون طنّ سنويا من القمح بنوعيه، وهذا راجع بشكل كبير إلى ضعف إنتاج القمح اللين الذي قدر الموسم الماضي بحوالي 0.8 مليون طنّ - حسب الأرقام الرسمية - في حين يتجاوز الإستهلاك المحلي من هذه المادة 7 مليون طنّ، أي بفارق يتجاوز 6 مليون طن/سنويا، وهذا راجع لعدة عوامل على رأسها النمط الإستهلاكي للجزائريّين.
كما عرفت مادة الشعير تحسّنا طفيفا في الإنتاج خلال الموسم الماضي بحوالي 1.2 مليون طنّ، وعجز قدّر بمليون طنّ تستوردها الجزائر لمواجهة العجز المحلي. كما شدّد غرناوط على ضرورة تكثيف الجهود فيما يتعلق بالزراعات الإستراتيجية الواسعة كالذرة الحبية الموجهة للاستهلاك الحيواني، والتي لا تقل أهمية عن القمح، مستندا إلى الكمية الكبيرة التي تستوردها الجزائر من هذه المادة والتي تتراوح بين 4 و5 مليون طن/سنويا.
وثمّن محدثنا التعليمات الصارمة التي أسداها رئيس الجمهورية للاهتمام بتطوير زراعة هذه المادة بشراكة مع القطاع الخاص بالجنوب الجزائري، خاصة على محور المنيعة وأدرار، وغيرها من الزراعات التي تهدف إلى ضمان تحقيق أفضل نتائج ممكنة، وذلك عبر توفير الإمكانات الميكانيكية واللوجستية اللازمة في الوقت المناسب لتسريع العملية وتقليل تعرض المحصول للظروف المناخية، إضافة إلى مرافقة ضبط عمليات الحصاد وآلياتها، وتحسين وتنظيم شروط التخزين، لتفادي الهدر وضمان جودة الحبوب، حيث أنّ عملية الحصاد تتقدم بنسب تجاوزت 60 بالمائة في بعض المناطق الشمالية والداخلية.
وأضاف غرناوط أنّ هذه النتائج الإيجابية المحقّقة ترتبط بشكل مباشر بالإستراتيجية الوطنية لتنمية الشعب الإستراتيجية، ومن خلالها التوجّه نحو تطوير الزراعات الصّحراوية وتقليص الإعتماد على الزراعة المطرية، إضافة إلى توسيع المساحات المسقية حيث تم تسجيل ارتفاع ملحوظ في المساحات المسقية من 1.5 مليون هكتار سنة 2023 إلى 2.1 مليون هكتار لموسم 2025، حيث ارتفع إنتاج القمح الصلب في ولايات مثل أدرار، الوادي و المنيعة، وتيميمون بسبب التوجّه إلى الرّي الحديث ليتراوح إنتاج الهكتار ما بين 60-80 قنطار/الهكتار مروية، مقارنة بـ15-20 قنطار في المناطق المعتمدة على الأمطار.

مـا بعـد الموسم.. تقييم دقيـق

 ومن النقاط الهامة التي تطرّق إليها رئيس الجمهورية في لقاءه الوزاري - يقول محدثنا - الدعوة إلى عقد اجتماع بعد موسم الحصاد لتقييم المجهودات الميدانية، كآلية للتقييم تعتمد على مؤشّرات الأداء لتصحيح أي خلل مستقبلا، إضافة إلى قراره بضبط وإعادة تجديد الهيكل التنظيمي للتنفيذ ضمن القطاع الفلاحي. وهذه خطوة اعتبرها غرناوط أساسية كونها تهدف إلى تعزيز الفعالية والكفاءة والنزاهة عن طريق كفاءات ميدانية جاهزة، تتمتع بخبرة في التسيير والتخطيط الإستراتيجي على مختلف المستويات ومعرفة تقنية وقدرة على تحليل البيانات والتكيف مع التقنيات الحديثة في الزراعة، وبالتالي فإنّ الطموح الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية لتحقيق إنتاجية عالية مقارنة بالسنوات الماضية، يتماشى تماما مع الإمكانات المسخّرة من طرف الدولة كالمدخلات الأساسية في الوقت المناسب والمكنّنة الحديثة إضافة إلى توفير البذور المناسبة والعالية الجودة في الوقت المناسب أيضا.
من جهة أخرى، شدّد أستاذ العلوم الزراعية، على ضرورة العمل على زيادة الفعالية والإسراع مع الدقة في تنفيذ الإستراتيجية، سواء على المستوى المركزي أو المحلي من خلال تجديد الهياكل التنظيمية لكل الشعب خاصة مع تراجع شعبة الإنتاج الحيواني، التي تشهد خللا هيكليا وتنظيما قبل أن يكون تقنيا، ما يجعلها تقليدية عموما. وقد ركّز المتحدث على أهمية الإعتماد على التخطيط الإستراتيجي الدقيق والإستشراف، وتحيين الأولويات والإعتماد على الوسائل التكنولوجية الحديثة لتعميم النتائج الإيجابية. مع تحيين المؤشّرات التي ترتكز عليها عمليات التقييم الدوري.
كما اعتبر التوجّه نحو الزراعة الصّحراوية رؤية استراتيجية حكيمة بالاعتماد على المساحات الواسعة والمياه الجوفية، شريطة الاستدامة وتعزيز العمل المشترك مع البحث العلمي للتحسين الجيني للبذور والموارد الحيوانية، وطرق الإنتاج وتسيير الموارد الطبيعية والتنسيق المحكم مع مختلف القطاعات الفاعلة، من أجل فعالية أكثر وسرعة في تحقيق الأهداف.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19798

العدد 19798

الإثنين 16 جوان 2025
العدد 19797

العدد 19797

الأحد 15 جوان 2025
العدد 19796

العدد 19796

السبت 14 جوان 2025
العدد 19795

العدد 19795

الخميس 12 جوان 2025