الخبير طرطار: المضاربة جريمة اقتصاديــة تمسّ باستقـرار السّوق
كثفت السلطات العمومية، أنشطة مكافحة المضاربة غير المشروعة، بمختلف السلع والبضائع، وأقرّت إجراءات ردعية قاسية، لوضع حد للممارسات التي أدت إلى رفع الأسعار بشكل جنوبي، خاصة في مادتي الموز والتفاح، قبل أن تمتد لقطاع السيارات، وتستند المقاربة على القضاء على الوسطاء الذين يشكلون حلقة مهمة في دعم وتفشي الظاهرة، حسبما يراه الخبير الاقتصادي أحمد طرطار.
أبرز الخبير طرطار، في تصريح لـ «الشّعب» أهمية الإجراءات المتخذة في إطار محاربة المضاربة غير المشروعة، التي تمثل شكل من أشكال الجريمة الاقتصادية، حيث عمدت الدولة إلى محاربتها من خلال التنظيمات المختلفة وكل أشكال الردع، بداية من الردع الإداري، المتمثل في التفتيش والمراقبة، التي تقوم به مصالح وزارة التجارة المختصة، والوزارات المعنية، التابعة للقطاع المعني بالمضاربة، وكذلك الفرق المشتركة بين وزارة النقل وبعض الجهات المختصة والأجهزة الأمنية، في محاولة للتصدي إلى هذه الظاهرة بشكل أو بآخر، وأحيانا من خلال « التصدي المسبق «، لمنع حدوثها.
وأضاف طرطار أنّ الردع، يأت من خلال العدالة، كآخر إجراء، يتم اللجوء إليه، لمحاربة المضاربة، بعد أن يتم ضبط ممارسيها متلبسين بسلع بكميات كبيرة جدّا، مكدّسة في مخازن قصد إحداث الندرة وخلق تذبذب في تموين السوق، وهذا ما أدى بالدولة للضرب بيد من حديد، حيث تصل عقوبة التجار المضاربين إلى 30 سنة سجن.
غير أنّ طرطار يرى أنه رغم كل هذه الإجراءات والردع، ما تزال تواجه مقاومة من قبل المضاربين الذين يستفحل نشاطهم خاصة في المناسبات الخاصة كالأعياد الدينية، محاولين التخفي وعدم الوقوع في قبضة المتابعة من الجهات المختصة، سواء كانت إدارية أو القضائية.
وتتمثل هذه الإجراءات في غلق المحلاّت، وإيداع المضاربين رهن السّجن، وهو ما تقوم به السلطات العمومية، آخرها ما قضت به محكمة السانية بوهران بـ 12 سنة حبسا نافذا في حق 4 متورطين في قضية المضاربة غير المشروعة في فاكهة الموز.
وبالمقابل، يرى المتحدّث أنه لا بد من تحريك جمعيات حماية المستهلك، ودعم الفرق المختصة التي تحاول من حين لآخر، إعطاء نوع من التوعية بالنسبة للتجار، وجلبهم أكثر فأكثر للانصياع للقوانين، والابتعاد عن سلوك المضاربة.
ويعتقد طرطار أنّ لرجال الدين كذلك دور في محاربة المضاربة، وذلك من خلال خطب الجمعة، والدروس المسجدية، بالإضافة إلى دور الإعلام السمعي البصري والإلكتروني، حتى يكون هناك تكامل بين جميع الأطراف المتدخلة في محاربة المضاربة من مربيّين ورجال إعلام ورجال دين.. للتقليل والإحاطة بهذه الظاهرة. كما يرى المتحدث أنه من الضروري إيجاد حلول للإشكالات التي تؤدي إلى هذه الظاهرة، وذلك بالقضاء على الوسطاء الذين يشكلون حلقة مهمة لتفشيها، مشيرا إلى آثارها الوخيمة باعتبارها جريمة من أهم الجرائم الاقتصادية التي تقع على الأموال، وتنعكس سلبا على الاقتصاد الوطني لأنها تمس باستقرار السوق، من خلال إحداث الندرة وبالتالي الإضرار بالقدرة الشرائية للمستهلك.