أدانوا تجاوزات وجشـع السماسـرة..مهنيّـون لــ “الشّعـب”:

البطاطا..مضاربون يفتعلون أزمات ظرفيــة لتحقيـق أربـاح غـير مشروعـــة

زهراء. ب

تكاليف الإنتاج لا تبرّر الأسعار الخيالية  والعوامل الموسمية لا تبرّر المضاربة

 تحرص السّلطات العمومية والمصالح الأمنية، على قطع الطريق أمام كل شكل من أشكال المضاربة بقوت الجزائريّين، والضرب بيد من حديد كل من تسوّله له نفسه التأثير سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين، وقد ظهر ذلك جليا في تدخلها السريع لتوقيف مجموعة من الأشخاص حاولوا الضغط على الفلاحين بولاية مستغانم لعدم جني محصول البطاطا، وثنيهم على تموين الأسواق المحلية والوطنية بهذه المادة الواسعة الاستهلاك بحجة انخفاض سعرها، في أفعال مخالفة يعاقب عليها قانون مكافحة المضاربة رقم 21-15.

في ظل تسجيل اضطرابات ظرفية في أسعار البطاطا ببعض الأسواق الوطنية، لا سيما ما شهدته ولاية مستغانم مؤخّرا، تعالت الأصوات المطالبة بمواجهة حازمة لممارسات المضاربة، التي أضحت تشكّل تهديدا مباشرا لاستقرار السوق وتوازن العرض والطلب، رغم وفرة الإنتاج المحلي في هذا الموسم.
وقد أكّد العديد من الفاعلين المهنيّين أنّ ما يحدث لا علاقة له بندرة في المنتوج، وإنما هو نتيجة مباشرة لممارسات غير قانونية من قبل بعض المضاربين الذين يسعون إلى افتعال أزمات ظرفية، بغرض رفع الأسعار وتحقيق أرباح غير مشروعة، وهو ما يتنافى مع أخلاقيات المهنة ويشكل خرقا صارخا للقوانين المنظمة للممارسات التجارية في البلاد.

بريــش: ممارســات غــير أخلاقيـــة ومضاربــــة مفتعلــــة

 بلهجة شديدة، ندّد رئيس المجلس المهني لشعبة البطاطا بولاية المدية، محفوظ بريش في تصريحه لـ “الشّعب”، بما وصفه بـ “الممارسات غير الأخلاقية” لبعض الوسطاء والسماسرة، الذين حرضوا على عدم جني المحصول في ولاية مستغانم بهدف خلق ندرة مفتعلة ورفع الأسعار، مؤكّدا أنّ مثل هذه التصرّفات لا تمت بصلة للفلاحين الحقيقيّين، بل يقف وراءها “أصحاب المال” الباحثون عن الربح السريع على حساب المواطن البسيط.
وأردف قائلا: “كلفة إنتاج البطاطا تتراوح بين 50 و60 دينارا للكيلوغرام، وتنخفض كلما ارتفعت المساحة المزروعة والإنتاجية للهكتار، والفلاح لا يبيع البطاطا بـ 160 دينارا، بل المضاربون من يتحكّمون في السوق، فيما الفلاح برهن في أكثر من مناسبة، خاصة خلال جائحة كورونا، أنه إلى جانب دولته ومواطنيه، بل قدّم منتوجه مجانا”.
وبخصوص الجدل القائم حول ارتفاع أسعار البطاطا خلال شهر رمضان، وبعده، كشف بريش، أنّ أسباب هذا الارتفاع تعود بالأساس إلى عوامل موسمية ظرفية، وليست مرتبطة بضعف الإنتاج أو نقص في المحصول.
وأوضح بريش أنّ انتهاء عملية جني البطاطا الموسمية القادمة من ولاية الوادي، والانتقال إلى منتوج غير موسمي من ولاية مستغانم، تزامن مع مناسبة عيد الفطر المبارك، حيث يسجّل نقص في اليد العاملة الفلاحية خلال مثل هذه الفترات، ممّا أدى إلى تباطؤ وتيرة الجني، وأضاف أنّ الوضع لا علاقة له بندرة في المنتوج، بل على العكس، شهد القطاع هذا الموسم مردودية استثنائية بلغت بين 200 و600 قنطار للهكتار الواحد، خاصة بعد التساقطات المطرية الأخيرة التي أنعشت المحاصيل.
وفي السياق ذاته، شدّد بريش على أهمية آليات الضبط التي تلجأ إليها الدولة لحماية السوق من التقلبات، مشيرا إلى أنّ الدولة تدخلت في وقت سابق لشراء البطاطا من الفلاحين بسعر 60 دينارا وتخزينها، ثم إعادة طرحها في الأسواق بأسعار أقل (50 و35 دينارا)، دعما للقدرة الشرائية للمواطنين.
وأكّد بريش أنّ إنتاج هذا الموسم وفير، ومع دخول محاصيل ولايات مستغانم، عين الدفلى، البويرة، المدية، المنيعة والوادي، من المنتظر أن تنخفض الأسعار تدريجيا في غضون أيام لتصل إلى 60 أو حتى 50 دينارا، كما أشار إلى أنّ الدولة قامت بتخزين 30 ألف طنّ من البطاطا لإعادة ضخها في السوق عند الحاجة، حفاظًا على استقرار الأسعار.

قوت المواطــن.. خـطّ أحمــر

 وشدّد بريش في تصريحه على أنّ قوت المواطن “خطّ أحمر”، وأنّ الفلاحين الحقيقيّين يقفون إلى جانب الشّعب والدولة، رافضين كل أشكال المضاربة والفتنة الاقتصادية، داعيا إلى المرافقة المستمرة للفلاحين وتكثيف الرقابة على مسارات التسويق لضمان استقرار سوق المنتجات الفلاحية وحماية المستهلك.

بولـنوار: المضاربـة..سلـوك مرفـوض قانونيــا ومهنيــا

 بدوره، وصف رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيّين الطاهر بولنوار، في تصريحه لـ “الشّعب”، ما حدث في ولاية مستغانم يعتبر تجسيدا للمضاربة الممنوعة قانونيا والمرفوضة مهنيا. وقال لا نتوقع ندرة في مادة البطاطا، وأسعارها ستستقر، لأنّ الكميات المنتجة خلال هذا الموسم كافية لتغطية الطلب الوطني، مشيرا إلى أنّ الجزائر تجاوزت مرحلة الاعتماد على استيراد هذه المادة الحيوية، بفضل تطور الإنتاج الوطني في قطاع الخضر والفواكه، وعلى رأسها البطاطا.
وبالرغم من هذا الواقع الإيجابي، يواصل بعض المضاربين استغلال فترات ما قبل الجني الكامل، أو الثغرات التنظيمية، لإحداث خلل في السوق، وهو ما يستوجب، حسب بولنوار، مضاعفة جهود الرقابة من طرف مصالح وزارة التجارة، إلى جانب دور المنظمات المهنية والمنتجين أنفسهم في ضبط السوق وضمان استقرار الأسعار وتفادي الاحتكار.
كما نبه إلى أنّ المضاربة ليست فقط مساسا بحقوق المستهلك، الذي يجبر على اقتناء منتوج بسعر يفوق بكثير سعره الحقيقي، بل هي أيضا سلوك يلحق ضررا بالغا بالاقتصاد الوطني، ويشوّه مناخ الأعمال، ويعطل مسار التنمية الاقتصادية الشاملة.
وفي هذا الإطار، جدّد دعوته لوزارة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية، لتطبيق القوانين بكل صرامة ضد المتورّطين في المضاربة، داعيا جميع التجّار والمتعاملين الاقتصاديّين إلى احترام قواعد المنافسة الشريفة وتجنّب كل أشكال الاحتكار والمضاربة، التي تؤدي إلى زعزعة الثقة في السوق الوطنية، فمعركة استقرار السوق وحماية المستهلك تتطلب تعبئة جماعية، وتبدأ من المزارع، وتمرّ عبر التاجر، ولا تنتهي إلا بتدخل صارم من السلطات الرقابية، لضمان تموين مستقر وعادل للأسواق، وفق ما يخدم المصلحة الوطنية ويصون كرامة المواطن الجزائري.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19755

العدد 19755

الأربعاء 23 أفريل 2025
العدد 19754

العدد 19754

الثلاثاء 22 أفريل 2025
العدد 19753

العدد 19753

الإثنين 21 أفريل 2025
العدد 19752

العدد 19752

السبت 19 أفريل 2025