إنشاء منصة إفريقية لمكافحة المعلومات المضللة.. وزير الاتصال:

الجزائر في قلب المعركة الإعلامية من أجل إفريقيا

زهراء. ب

بلادنا نجحت في التصدي لحملات خبيثة بفضل وعي شعبها ويقظة إعلامهـا الوطنـي

تعزيز الإعلام الوطني ليكون مصدرا موثـوقا للمعلــومــة الصحيحة والموثوقـة

أكد وزير الاتصال محمد مزيان، أمس، أن المعلومات المضللة أخطر أدوات زعزعة الاستقرار في إفريقيا. موضحا أن التحولات التكنولوجية السريعة، وانتشار منصات التواصل الاجتماعي، مكنت أطرافا متعددة من توظيف التضليل كأداة «ناعمة» لكن شديدة الفعالية، تستخدم لتشويه الحقائق، وإضعاف الروح الوطنية، وتقويض الثقة في الحكومات، كما أنها تستغل بشكل ممنهج في إطار ما يعرف بـ «حروب الجيل الرابع والخامس»، التي تستهدف الدول من الداخل، بدون جيوش ولا طلقات.

أبرز وزير الاتصال، في كلمة قرأها نيابة عن الوزير الأول، في افتتاح أشغال الورشة الإقليمية لشمال إفريقيا لجنة أجهزة الاستخبارات والأمن الإفريقية، أن «الجزائر ليست بمعزل عن هذه التهديدات»، مشددا على أنها «تواجه منذ سنوات محاولات منظمة لزعزعة استقرارها عبر حملات إعلامية خبيثة»، لكنها نجحت في التصدي لها بفضل وعي شعبها ويقظة إعلامها الوطني. وذكر مزيان، أن انعقاد هذه الورشة يأتي في ظرف حساس يشهد تصاعدا غير مسبوق لترويج المعلومات المضللة والأخبار الزائفة، يؤكد على مدى أهمية هذا الموضوع وتأثيره العميق على استقرار وأمن دولنا، كما أنه يعكس التزام الجزائر الراسخ، حكومة وشعبا، بمكافحة كل الظواهر التي تهدد أمن الدول الإفريقية، وتعزيز التعاون بين دول القارة لمواجهة التحديات المشتركة. ولفت الوزير الانتباه إلى أن ما يزيد من خطورة هذه الظاهرة، هو استخدامها بجزء من حروب الجيل الرابع، حيث يتم استهداف الدول من الداخل عبر حملات تضليلية ممنهجة تهدف إلى إضعاف اللحمة الوطنية، مثلما قال، «وإثارة الانقسامات والتأثير على توجهات الشعوب. كما أنها أصبحت وسيلة رئيسية للتدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول الإفريقية، وهو ما يستدعي منا جميعا يقظة دائمة واستراتيجية فعالة لمواجهتها».
وأشار مزيان، إلى أن دول القارة الإفريقية ليست بمعزل عن هذه التحديات، بل هي أكثر المناطق تأثرا بالمعلومات المضللة والأخبار الكاذبة، نظرا لما تعانيه بعض دولها من نزاعات سياسية، وتحديات اقتصادية وصراعات جيوسياسية وكثيرا ما يتم استغلال الأخبار الزائفة لإشعال الفتـن، وتأجيج الصراعات الداخلية، والتشكيك في مؤسسات الدولة بهدف زعزعة استقرارها.
وأكد وزير الاتصال، أن إفريقيا مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، بتوحيد الجهود لمجابهة هذه التهديدات، من خلال تعزيز التنسيق الأمني والإعلامي بين دول القارة، وتطوير آليات لمواجهة حملات التضليل التي تستهدف استقرار دولنا وشعوبنا.
ولأن الرهان اليوم، كما أوضح الوزير، لا يقتصر على «الرد» على الأخبار الكاذبة، بل يتطلب بناء منظومة إعلامية إفريقية قادرة على التحليل، الاستباق وكشف التلاعب المعلوماتي، ولهذا أطلقت الجزائر سلسلة من الإصلاحات الرامية إلى تحديث الإطار القانوني للإعلام، إنشاء مجلس أعلى لأخلاقيات المهنة، مكافحة الأخبار الكاذبة بآليات رقابية وقانونية متقدمة، تعزيز احترافية الصحافة الوطنية من خلال التكوين المستمر وتمكين الصحفيين من أدوات التحقق الرقمي ومواكبة التحديات الرقمية.
وذكر الوزير، أن للجزائر، عبر تاريخها الحديث، العديد من المحاولات الهادفة إلى زعزعة استقرارها عبر حملات إعلامية مضللة، وهو ما جعلها تطور استراتيجية متكاملة لمجابهة هذه التهديدات، وتعمل على تعزيز الإعلام الوطني ليكون مصدرا موثوقا للمعلومة الصحيحة، وقادرا على كشف وتفنيد الأخبار الزائفة، نشر الثقافة الإعلامية والتوعية المجتمعية، لا سيما بين فئة الشباب لتعزيز الوعي بخطورة الأخبار الكاذب. وأكد وزير الاتصال، أن الحديث عن التضليل الإعلامي في إفريقيا لم يعد قضية إعلامية بحتة، بل أصبح قضية سيادة وطنية وقارية، تتطلب توحيد الرؤى والجهود بين أجهزة الأمن والمخابرات، ووسائل الإعلام والمجتمع المدني. وقال، «إن موقع الجزائر وانتماءها الإفريقي يجعلها في قلب الجهود الرامية إلى تعزيز التضامن والتعاون بين الدول الإفريقية لمواجهة التحديات المشتركة. ومن هذا المنطلق، تواصل بلادنا العمل على دعم الأمن والاستقرار في القارة، سواء عبر المبادرات الدبلوماسية التي تسعى إلى حل النزاعات، أو من خلال تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي بين دول القارة». وهنا برزت دعوة الجزائر الصريحة إلى إنشاء منصة إفريقية لمكافحة المعلومات المضللة، تكون بمثابة غرفة عمليات رقمية، تجمع خبرات الإعلاميين والتقنيين والأمنيين، وتقدم حلولا عملية ودائمة، حيث دعا الوزير مزيان إلى إنشاء آليات تنسيق بين أجهزة الاستخبارات والأمن في إفريقيا، تعمل على رصد ومكافحة المعلومات المضللة، وتضع استراتيجيات وقائية لمواجهة هذه التهديدات التي تمس السيادة دولنا. كما دعا إلى تعزيز التشريعات الوطنية والدولية لمكافحة الأخبار الزائفة، وضمان محاسبة الجهات التي تقف وراءها، إنشاء منصة إفريقية لمكافحة المعلومات المضللة، تضم خبراء في الإعلام، الأمن والتكنولوجيا، وتعمل على تقديم حلول عملية لمواجهة الظاهرة، الاستثمار في التوعية المجتمعية، خاصة بين فئة الشباب لمجابهة الأخبار الزائفة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتعزيز ثقافة التحقق من المعلومات الصحيحة. وقال مزيان، «ليس غريبا أن تأتي هذه المبادرة من الجزائر، بلد المليون ونصف شهيد، الذي لطالما شكل درعا سياسيا وأمنيا للمنطقة. فأمن الجزائر هو جزء لا يتجزأ من أمن إفريقيا»، لذلك فهي تتحرك بديناميكية على عدة جبهات، من تعزيز التضامن القاري، إلى دعم الحوار السياسي في الدول التي تمر بأزمات، مرورا بإرساء شراكات أمنية لمجابهة التهديدات الرقمية الناشئة. وأشار الوزير إلى أن هذه الورشة الإقليمية تمثل خطوة مهمة في مسار تعزيز القدرات الوطنية والإقليمية لمجابهة هذه التحديات، ونأمل أن تخرج بتوصيات عملية قليلة، تسهم في تحصين مجتمعاتنا وتقوية مناعة دولنا الإعلامية والأمنية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19753

العدد 19753

الإثنين 21 أفريل 2025
العدد 19752

العدد 19752

السبت 19 أفريل 2025
العدد 19751

العدد 19751

الجمعة 18 أفريل 2025
العدد 19750

العدد 19750

الأربعاء 16 أفريل 2025