بارو عبر عن رغبـــــة بلاده في تجـــــاوز الخلافـــــات

الجزائــــــر- باريـــــس... تكريس علاقات متكافئة ومربحـــــــة للجانبـــــــين

علي مجالدي

 

 النديـــــــة في التعــــــامل وتعزيــــــز التعاون الاقتصــــــادي
استقبلت الجزائر يوم أمس، وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، في زيارة رسمية حظي خلالها باستقبال وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، بمقر وزارة الخارجية، قبل أن يلتقي رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون.

تأتي الزيارة في سياق خاص بعد مرحلة شهدت توترات دبلوماسية بين البلدين، لكنها تعبر في الوقت نفسه، كما يرى العديد من المراقبين، عن رغبة حقيقية في تجاوز الخلافات والسير نحو إعادة بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون المثمر.
تكمن أهمية هذه الزيارة، برأي مراقبين، في أنها تأتي بعد أقل من أسبوع من اتصال هاتفي جرى بين الرئيسين تبون وماكرون، حيث اتفقا على ضرورة استعادة الديناميكية التي تم إطلاقها في «إعلان الجزائر» لعام 2022. تصريحات الوزير الفرنسي خلال الزيارة أكدت هذه النية، حيث أشار إلى أن فرنسا ترغب في تجاوز التوترات وإعادة بناء علاقة قائمة على أساس «الندية» و»الشراكة المتكافئة»، وهو ما يعكس إدراكاً متزايداً لدى الجانب الفرنسي بأهمية إعادة النظر في نمط التعامل مع الجزائر.
وقد تطرقت المحادثات إلى التعاون الأمني والقضائي، فضلاً عن ملفات تتعلق بالهجرة والتعاون القنصلي، وهو ما أكده الوزير الفرنسي بتصريحاته حول استئناف اللقاءات بين كبار المسؤولين الأمنيين وتفعيل آليات التعاون المشتركة. كذلك تم التطرق إلى التعاون القضائي، من خلال الترتيب لزيارة وزير العدل الفرنسي إلى الجزائر، مما يعكس اهتماماً جادّا بمعالجة الملفات العالقة وفق مسارات مؤسساتية وقانونية وهو المسار الذي دعت الجزائر إليه في أكثر من مناسبة، مع ضرورة احترام سيادة البلدين.
على الصعيد الاقتصادي، تم التأكيد على ضرورة الدفع بالعلاقات التجارية والصناعية بين البلدين، لاسيما في مجالات الزراعة، الصناعة، النقل البحري والصناعات التحويلية. وأبدى رئيس الجمهورية اهتمامه بإعطاء دفعة جديدة لهذه الشراكات، بما يخدم مصالح البلدين بشكل متوازن.
كما تم الاتفاق على تنظيم لقاءات مستقبلية بين المسؤولين الاقتصاديين من البلدين، مثل الاجتماع المزمع عقده، شهر ماي المقبل، للجنة الاقتصادية المشتركة، ما يعكس حرص الجزائر على توسيع آفاق التعاون وفق قاعدة الندية والمصالح المشتركة، بعيداً عن أي إملاءات أو ضغوط.
وتأتي هذه الزيارة أيضاً كرسالة واضحة من الجزائر على نجاحها في تجاوز محاولات التشويش على علاقاتها مع فرنسا من طرف أطراف فرنسية متطرفة، على رأسها وزير الداخلية الفرنسي، حيث سعت إلى تدمير هذه العلاقة من خلال استغلال قضايا حساسة كالهجرة والجالية الجزائرية في فرنسا كورقة ضغط. غير أن الدبلوماسية الجزائرية استطاعت الحفاظ على تماسكها واستقلالية قرارها، مؤكدة على أن العلاقات بين البلدين يجب أن تقوم على أسس الاحترام المتبادل والسيادة الكاملة.
كما أن هذه الزيارة، بكل تفاصيلها وتصريحاتها، تعبر عن مرحلة جديدة من العلاقات الجزائرية- الفرنسية التي يبدو أنها تتجه نحو إعادة الترميم وفق قاعدة من الندية والاحترام المتبادل. ويبقى التحدي الأساسي أمام الفرنسيين، هو ترجمة هذه النوايا إلى خطوات عملية ملموسة، بما يحقق مصالح البلدين المشتركة ويعزز استقرارهما الإقليمي والدولي.
وتظل الجزائر المنتصرة، مصممة على تعزيز مكانتها في المنطقة، مع التأكيد على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية أو التلاعب بالمسائل الأمنية. علاوة على ذلك، تظل الذاكرة عاملاً أساسياً في رسم ملامح العلاقات المستقبلية مع فرنسا، التي ينبغي أن تدرك أن الوقت قد حان للاعتراف بجرائمها في الجزائر وتقديم التعويضات المستحقة. فصفحات التاريخ قد تُطوى، لكنها لا تُمزق، ولا يمكن تحريفها لخدمة مصالح باريس على حساب تضحيات ودماء الجزائريين.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19742

العدد 19742

الإثنين 07 أفريل 2025
العدد 19741

العدد 19741

الأحد 06 أفريل 2025
العدد 19740

العدد 19740

السبت 05 أفريل 2025
العدد 19739

العدد 19739

الجمعة 04 أفريل 2025