بسبب البلطجة الدبلوماسية مع الجزائر

انقسام وارتباك.. حكومة بايرو تغرق في مستنقع قذر

آسيا قبلي

 

 تزايد قناعة الأوساط السياسية في الداخل الفرنسي بخسارة القبضة الحديديـــــة
 الغــــــاضبـــــــــــــــــــــون مــــــــــــــــــــن روتـــــــــــــــايـــــــــــــــــــــــــو: «مــــــــــــــــاذا ستفعــــــــــــــــــــــــــــــــــل الآن»؟

مازال الانقسام الحاد بين أعضاء الحكومة الفرنسية الحالية الهشة، سيد الموقف، في التعامل مع حزم الجزائر، حيال القضايا الخلافية المتعلقة بالهجرة والتي يصر وزير الداخلية برينو روتايو، على طرحها بطريقة استعراضية، فيما ازدادت قناعة الأوساط السياسية في الداخل الفرنسي بخسارة القبضة الحديدية.

توجهت ردود الفعل في فرنسا، على الرد الجزائري، بخصوص قائمة الأشخاص الصادرة في حقهم قرارات الإبعاد، صوب الحكومة الفرنسية، وتحديدا وزير الداخلية روتايو، الذي كان قد صرح أن رد الجزائر سيكون لحظة «حقيقة»، فإذا به يقف هو شخصيا أمام لحظة الحقيقة، حيث واجهته القوى السياسية بسؤال ساخر، «ماذا ستفعل الآن»؟.
هذا الوزير الصغير الشرير، الذي استثمر في عداء الجزائر، راح يلوح في أول رد فعل، بتعليق اتفاقية 2007 الخاصة بإعفاءات التأشيرة لحاملي جواز السفر الدبلوماسي، بينما اقترح وزير العدل درمانان، سحب السفير الفرنسي لدى الجزائر، وهي ردود تؤكد ضيق الأفق لدى هؤلاء المنحدرين من بيئة استعمارية حاقدة على الجزائريين.
وضمن الحكومة ذاتها، رفض الوزير الأول فرنسوا بايرو، هذه المرة، النأي بنفسه عن لغة التصعيد مع الجزائر. ونقلت عنه مصادر إعلامية فرنسية، بأنه صرح لمقربين، أمس، أنه يفضل الحوار. ما يعزز حالة الانقسام وعدم الانسجام السياسي داخل هذه الحكومة.
في المقابل، دعت الكتلة البرلمانية لحزب «فرنسا الأبية» إلى حجب الثقة عن حكومة بايرو، التي جلبت متاعب لفرنسا، بالتصعيد ضد الجزائر.
وهاجمت رئيسة الكتلة ماتيلد بانو، وزير الداخلية الفرنسي روتايو، الذي وصفته بـ»مثير المشاكل»، مؤكدة أنه منح لنفسه صلاحيات ليست له. وقالت، إن العلاقة «مع الشعب الجزائري الشقيق لا يجب أن تخدم المصالح الشخصية لمثير مشاكل صغير مثل السيد روتايو»، وأنه يستعمل عبارات عنصرية على غرار «فرنسيو الوثائق» أو «أفضل لحظات الاستعمار» أو أيضًا «الانحدار إلى الأصول العرقية».
وقررت الجزائر عدم دراسة القائمة التي قدمتها السلطات الفرنسية، ودعتها إلى اتباع القنوات الاعتيادية القائمة بين المقاطعات الفرنسية والقنصليات الجزائرية»، رافضة لغة التهديد والمهل. وردت الجزائر بالقانون على تجاوزات فرنسا التي يقودها وزير داخليتها، وبالاحتكام إلى نص الاتفاقيات التي تحكم العلاقة بين البلدين.
حقد وعنصرية
وتنطوي تصريحات وزارة الداخلية الفرنسية، على قدر غير متناهٍ من العنصرية والوقاحة وخطاب الكراهية تجاه المهاجرين الجزائريين، الذين بنوا فرنسا بسواعدهم بعد أن دمرتها الحرب العالمية الثانية، فكانوا أداة البناء في العمارة والمصانع ومختلف مناحي الحياة المنهارة هناك. وبالتالي، فإن ملف الهجرة الذي ترفعه فرنسا المتطرفة، وتريد تسييسه، هو ملف اجتماعي بامتياز، وليس وليد سنوات قليلة بل يزيد عمره عن ثمانية عقود، ويتعلق الأمر بثلاثة أجيال من الجزائريين المقيمين بفرنسا، بصفة قانونية وفي إطار اتفاقيات ثنائية، وليس مجرد مهاجرين غير شرعيين كما تروجه لطمس مساهمات المهاجرين من أبناء الجزائر في تشييد فرنسا الحديثة. هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فإن ملف اتفاقية الهجرة 1968، التي أفرغت من محتواها في شقه الذي يمنح امتيازات للمهاجرين الجزائريين، بل إن ما هو مكفول لبقية المهاجرين من دول أخرى بموجب القانون العام، أفضل بكثير من الاتفاقية.
تنصل أحادي
وتتنصل فرنسا من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين، بشكل أحادي الجانب، وتريد أن تفرض على الجزائر رغباتها غير القانونية، بينما تحتفظ هي بكامل الامتيازات التي تمنحها هذه الاتفاقيات، وينم ذلك عن عدم احترام فرنسا لمبدإ المعاملة بالمثل المنصوص عليه في الاتفاقية، إذ تريد الاستئثار بما يخدمها من مزايا وتنزعها عن الجزائر، وتحملها فقط الجزاءات والمخالفات، بانتقائية وتطبيق خارج إطارها القانوني وقنواتها الدبلوماسية، كما اتخذت من وسائل الإعلام طريقا لتبليغ رسائلها بدل التواصل عن طريق القنصليات والسفارة.
 كما لم تلتزم فرنسا بواجباتها، سواء في الاتفاقيات الثنائية أو الدولية المتعلقة بتسليم المتابعين في قضايا فساد فروا إليها، ولم تتعاون مع الجزائر في مسار استرجاع الأموال المنهوبة.
وفي مقابل تنصلها من التزاماتها، لاتزال فرنسا تتمتع بالامتيازات التي حصلت عليها منذ الاستقلال، على غرار ملف العقارات الذي كشفت عنه وكالة الأنباء الجزائرية، حيث تستفيد فرنسا من عقارات شاسعة لقنصلياتها وسفارتها، وبالفرنك الرمزي، وقيمتها التي لم تتغير منذ 1962. كما يستفيد رجال أعمال فرنسيون من صفقات بالملايير، بينما تضيّق هي على رجال الأعمال الجزائريين وعلى السلع الجزائرية التي غزت أسواقها وزاد الطلب عليها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19727

العدد 19727

الإثنين 17 مارس 2025
العدد 19726

العدد 19726

الأحد 16 مارس 2025
العدد 19725

العدد 19725

الأحد 16 مارس 2025
العدد 19724

العدد 19724

السبت 15 مارس 2025