أستاذ العلوم السياسية أحمد ميزاب لـ «الشعب»:

موقف الجزائر من اتفاقية 1968.. تفكيك للابتزاز الفرنسي

حياة.ك

 

إجبـــــار باريـــــس على مواجهــــــة واقع جديد ووضعها في حجمها الطبيعــــــــي

اعتبر الدكتور أحمد ميزاب أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن موقف الجزائر تجاه اتفاقية 1968، قرار سيادي، يعيد رسم العلاقات الجزائرية الفرنسية، وخطوة لتفكيك خطاب الابتزاز الفرنسي وإجبار باريس على مواجهة واقع جديد، مبني على مبدإ السيادة والمصلحة الوطنية، وبذلك ستوضع فرنسا في وضعها وحجمها الطبيعي بعد إلغاء ورقة الابتزاز هذه التي تستعملها للضغط على الجزائر في كل مرة.

أوضح الأستاذ ميزاب في تصريح لـ «الشعب»، أن استعادة القرار السيادي ورفض منطق الوصاية، الذي تحاول وتسعى فرنسا إلى فرضه أو التعاطي أو رسم علاقاتها مع الجزائر، تؤكد الجزائر من خلاله على أنها لن تكون نسخة من نماذج أخرى، انبطحت للغطرسة الفرنسية وللفكر الاستعماري الفرنسي، والتي لم تتحرر بعد هذه الدول من فكر الوصاية الفرنسية على سلطة القرار السياسي لديها. مضيفا، أن هذا الموقف الجزائري يجعل فرنسا تصطدم بهذا الواقع، بأن الجزائر لا ترضخ لجنونها وللحالة المرضية التي تعيشها.
ويرى ميزاب، أن تقليل الجزائر من قيمة اتفاقية 1968، خطوة استراتيجية، لأنها ستكسر من خلالها القيود التي تعتقد فرنسا أنها قادرة على فرضها على بلادنا انطلاقا من الماضي الاستعماري، مذكرا أن الاتفاقية كانت امتدادا لمرحلة ما بعد الاستقلال، على اعتبار أن فرنسا حافظت من خلالها على أدوات نفوذها، وهذا عكس السردية التي يحاول الجانب الفرنسي تسويقها، على أن الاتفاقية لصالح الجزائر، بينما المستفيد الأكبر هو فرنسا التي تسعى لتوظيف نفوذها.
وأضاف المتحدث في السياق، أن الجزائر من خلال هذه «الاستراتيجية» تعيد صياغة قواعد التعامل وفق منطق سيادي بحت، كما تعد خطوة لتفكيك خطاب الابتزاز الفرنسي الذي يعتقد دائما بأن اتفاقية 1968 ورقة ضاغطة ورابحة..، وهذا ما سيجبر باريس على مواجهة هذا الواقع الجديد، في ظل الظروف الحالية التي تعيشها فرنسا اقتصاديا واجتماعيا، وكذا الشرخ السياسي الحاصل داخل دوائر السلطة الفرنسية، الذي يكون له وقع آخر، وسوف «تتجرع» من خلاله فرنسا مرارة اللعب بالنار.
وأفاد ميزاب، بأن الجزائر تعيد ضبط معادلة المصالح، على أساس أن الاتفاقية أبرمت في سياق تاريخي، حيث احتاجت فرنسا إلى العمال الجزائريين أكثر مما كان للجزائريين مصلحة في تلك التسهيلات، لافتا إلى ان الظرف الحالي وما يميزه من تغيرات اقتصادية واجتماعية، تتحرر الجزائر من أي التزام غير متكافئ، وتفتح المجال لعلاقات جديدة، مبنية على التوازن وليس الامتيازات الأحادية.
انطلاقا من هذا -يقول المتحدث- يمكن استيعاب الأبعاد الاستراتيجية لتعاطي الجزائر مع هذه الورقة التي تسعى باريس الى توظيفها، سواء كان من حيث البعد الجيوسياسي، حيث أن فرنسا ستفقد أداة كانت تمنحها تأثيرا في الداخل الجزائري عبر الجالية، ومن ناحية أخرى نجد أن الجزائر تتوجه نحو شراكات أخرى أكثر تنوعا بعيدا عن المركزية الفرنسية. وأضاف، أن إعادة صياغة العلاقات في إطار سيادي، يعزز الموقف الجزائري إقليميا ودوليا.
كما لفت ميزاب الى أن الاتفاقية لم تفعل من الجانب الفرنسي، ولذلك لن يكون هناك تغير جديد، وإنما ستسمى الأشياء بمسمياتها، حيث ستضع حدّا للتلاعب بالمصطلحات وتوظيف هذه الاتفاقية كورقة سياسية للادعاء بأن الجزائريين يتمتعون بسياسة المفاضلة، بينما العكس هو الصحيح، وأشار الى أن الجزائر ستكون لها بدائل وأورق ستوظفها، وقد تكون لها انعكاسات على الجانب الفرنسي.
وذكر ميزاب، أن فرنسا استغلت الاتفاقية للحفاظ على امتيازات معينة، وهذا جعلها ربما تحافظ على استعمار غير مباشر (لعلاقات ما بعد الاستعمار)، وبالتالي فإن إلغاء هذه الورقة سيعيد تصحيح المسار، ويؤكد بأن الجزائر لم تعد تقبل أي ترتيبات لا تخدم مصلحتها، ولذلك يعتقد أن بلادنا قد لا تسير نحو إلغاء مجرد اتفاقية، بل ستسقط رمزا من رموز التبعية التاريخية، وتوجه رسالة بأن علاقاتها مع فرنسا لن تبنى على الامتيازات القديمة، بل على أسس جديدة يحترم فيها مبدأ السيادة والمصلحة الوطنية، وبذلك ستوضع فرنسا في وضعها وحجمها الطبيعي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19726

العدد 19726

الأحد 16 مارس 2025
العدد 19725

العدد 19725

الأحد 16 مارس 2025
العدد 19724

العدد 19724

السبت 15 مارس 2025
العدد 19723

العدد 19723

الخميس 13 مارس 2025