انتصار لثقافة الاعتراف وتعبير عن الحضـور الوطني الشامخ الذي تبوأته المرأة في بلادنا
دورٌ محوري في التنميــة الاقتصادية والمجتمعية للبلاد
تكريم جزائريات سجلن بصمتهن المتميّزة في مجالات حيوية
أشرف الوزير الأول نذير العرباوي، ممثلا لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مساء أول أمس، على احتفالية بمناسبة عيد المرأة المصادف للثامن مارس من كل سنة، وذلك احتفاء بإنجازات المرأة الجزائرية تحت شعار «المرأة الجزائرية تحديات وانتصار».
جرت الاحتفالية، التي نظمت بفندق الشيراتون بالعاصمة، بحضور وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة صورية مولوجي، إلى جانب أعضاء من الحكومة ووجوه نسوية بارزة في مختلف المجالات، ناهيك عن العائلة الثورية وممثلين عن المجتمع المدني.
وبالمناسبة، أكدت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة الدكتورة صورية مولوجي، في كلمة لها بالمناسبة، أن هذه الاحتفائية توشّحت برعاية متجددة لرئيس الجمهورية، ما يترجم حرصه على الارتقاء بالمرأة وتقديرها، والعناية المرموقة التي تنالها المرأة الجزائرية، إيمانا راسخا منه بالقيمة الرمزية والحضارية بمساهمة المرأة ببلادنا، وإعلاء لمكانتها المرموقة في بناء الإنسان والأوطان.
واعتبرت الوزيرة أن إشراف الوزير الأول على الاحتفالية، إنما هو انتصار لثقافة الاعتراف، وتعبير عن الحضور الوطني الشامخ الذي تبوأته المرأة اليوم في بلادنا عن جدارة واستحقاق، مجددة الوفاء لتاريخها الحافل بالأمجاد والفضائل، خاصة وأن المرأة الجزائرية تمضي قدما في دروب المجد، سواء في المعرفة والعلوم أو في الفنون والآداب وفي الرياضة وفي كل مناحي الحياة لتكون سليلة الماجدات الجزائريات اللواتي يرفعن الراية خفاقة في الآفاق.
وذكّرت مولوجي بجميلات الجزائر من المجاهدات الصامدات في المدن والأرياف والصحراء اللائي تحملن صابرات محتسبات سنين الجمر أنجبن من ظلام الظلم، نور التاريخ والعدل، وكتبن بالثبات والتضحية قصص الفداء والبطولة، ومنحن جزائرهن عطر الخلود.
تألق وتميز لجميلات الجزائر
وحسب وزيرة التضامن، بات تكريم الجهود التي تبذلها المرأة الجزائرية نظير التألق والتميز أمرا واجبا اعترافا بمنجزها في تشريف الجزائر، فقد قطعت أشواطا مهمة على المستويين القاري والدولي في إثبات صدارتها على كافة المستويات والأصعدة، وذلك تحت رعاية خاصة وخالصة من رئيس الجمهورية، مثمنة الدفع بقضايا المرأة وكل ما من شأنه الارتقاء بها، ما يؤكد ثقته الخالصة بقدراتها في المشاركة الفعّالة في مسيرة التنمية لبلادنا، من خلال تشجيع دورها المحوري في التنمية الاقتصادية والمجتمعية، وبما يتماشى وطموحاتها الواعدة.
وأشارت المتحدّثة إلى حرص الدولة الجزائرية على تكريس التمكين السياسي للمرأة، حيث تعمل على ترقية حقوقها السياسية بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة، مع إقرار مبدإ المناصفة بين الجنسين في تشكيلة القوائم الانتخابية في الانتخابات التشريعية الوطنية والولائية والبلدية، وبفضل جهود التمكين السياسي وإقرار مبدإ المساواة، مع ضمان التعليم والتكوين للنساء والفتيات، تحقق المرأة اليوم في الجزائر نتائج مميزة.
وبلغة الأرقام تحدّثت الوزيرة عن آخر الإحصائيات التي حققتها المرأة، منها تسجيل 1.8 مليون طالب جامعي منهم %65 إناث، فضلا عن المتخرجات بمؤهلات عالية وبأرفع الشهادات، فقد بلغت نسبة الطالبات المتخرجات بعنوان السنة الجامعية 2023/ 2024 ما نسبته 68,30% من المجموع العام للمتخرجين، ناهيك عن نسبة المتخرجات من المدارس العليا التي بلغت 79%، فيما بلغت نسبة المتخرجات من العلوم الطبية 78%.
في المقابل تعمل الدولة على ضمان التكوين والتعليم المهنيين للنساء اللواتي لم يسعفهن الحظ لمواصلة الدراسة، بفتح مراكز جوارية للتكوين المهني في كل ربوع البلاد مع الدعم والمرافقة. وتحظى المرأة أيضا بمكانة مرموقة في سلك القضاء فهي تمثل 48% من النسبة الإجمالية لعدد القضاة، ولديها تمثيل قوي على مستوى القضاء الإداري والمحاكم التجارية المتخصصة، كما تسجل المرأة الجزائرية حضورا متميزا وبرتب رفيعة في كافة الأسلاك الأمنية ومختلف القوات العسكرية في الجيش الوطني الشعبي، ناهيك عن الوظائف السامية بالإدارة المركزية والوظائف السياسية العليا.
تمكين اقتصادي ودخول المرأة عالم المقاولاتية
من جهة أخرى، أشارت مولوجي إلى إطلاق قطاع التضامن الوطني في إطار البرنامج الوطني للإدماج الاقتصادي للمرأة الريفية، شهر ديسمبر 2024، وهو البرنامج الذي يستهدف أكبر عدد من النساء الريفيات لإنشاء مؤسساتهن المصغرة، إضافة إلى برنامج التعاون المشترك مع وزارة الصناعة، لدعم المجمعات الصناعية العمومية والخاصة باليد العاملة المؤهلة من النساء الماكثات بالبيت.
ويندرج ذلك في إطار المقاربة الاقتصادية التي تتبناها الحكومة الجزائرية وتقوم على دعم استحداث النشاطات الاقتصادية المدرة للدخل، وتطوير المؤسسات المصغرة والمتوسطة، مع المرافقة الشاملة بكل البرامج والآليات التي توفرها الدولة في مجال التمكين الاقتصادي ودخول المرأة عالم المقاولاتية، لاسيما في الأوساط الريفية، ما أسهم في ظهور العديد من المشاريع النسائية الناجحة وخلق فرص عمل، بما يتماشى والتطورات الرقمية والتكنولوجية، مع الحفاظ على الموروث الحرفي وتشجيع الإبداع الريفي والمنتجات التقليدية، من أجل دعم إدماج المرأة الماكثة بالبيت والمرأة المنتجة في مسار الإنتاج الوطني والتنمية المستدامة.
الوقاية من العنف
بالمقابل، تعززت آليات الحماية والوقاية من العنف ضد النساء والفتيات، بتعديل قانون العقوبات سنة 2024، وإدراج مواد تجرم كل أشكال العنف المرتكب في كل الأماكن والظروف، وكذا وضع تدابير إجرائية للتكفل الشامل والدعم والمرافقة للنساء ضحايا العنف، والعمل على إعادة إدماجهن في الحياة العامة.
وتعزيزا لحماية المرأة وإيجاد الآليات العملية الكفيلة بذلك، تم تكليف المجلس الوطني للأسرة والمرأة، بالتنسيق مع المصالح المركزية للوزارة، بإعداد مشروع الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة. ومن الجدير، أن نشير هنا لجاهزية مشروع هذه الاستراتيجية كوثيقة مرجعية للفترة الممتدة بين 2025-2029، والتي سينبثق عنها مخطط عمل ستساهم في تجسيده مختلف القطاعات الوزارية والهيئات الوطنية والمجتمع المدني، وستكون بذلك هذه الاستراتيجية، ثاني استراتيجية لبلادنا في مجال مناهضة العنف ضد المرأة بعد تلك المنجزة سنة 2007.
وأكدت الوزيرة، أن كل هذه الإنجازات والمكتسبات هي ثمرة تضافر الجهود والإرادات الخيرة من أبناء وبنات المجتمع الجزائري، وفق رؤية رشيدة وحكيمة للبرامج الوطنية الكبرى، وهي في مجملها تصبو إلى الرقي بالوطن والعمل على رفاهية المواطن في جل مناحي الحياة.
ودعت مولوجي النساء الجزائريات إلى استلهام القيم الجمالية النبيلة التي توارثتها أمهاتنا وأخواتنا اليوم، ونشرها بفخر واعتزاز بين الناشئة والأجيال الصاعدة حفاظا على ذاكرتنا الوطنية والثقافية والاجتماعية، ومن أجل إسهام أكثر إشعاعا في مسار تنمية الوطن، والرقي به لمصاف الدول المتقدمة، موجهة بالمناسبة تحية تقدير واعتزاز لصمود المرأة الفلسطينية والمرأة الصحراوية.
وعرف الحفل تكريم العديد من الوجوه النسائية في مختلف المجالات العسكرية والفنية والعلمية والاقتصادية اعترافا وتقديرا لجهودهن كل في مجال اختصاصه.
