رئيس منظمة المجتمع المدني والمواطنة.. محمد الأمين عريوة لـ «الشعب»:

الكولونياليــون لم يستوعبوا رفض الجزائر النفوذ والابتزاز الفرنسي

سفيان حشيفة

أكد رئيس المنظمة الجزائرية للمجتمع المدني والمواطنة، محمد الأمين عريوة، أن الخطاب الفرنسي العدائي والتضليلي تجاه الجزائر لا ينفصل توقيته الحالي عن المكانة المرموقة التي أصبحت تحتلها في المنطقة والعالم.

قال محمد الأمين عريوة، إن الجزائر فرضت نفسها كفاعل إقليمي قوي، من خلال مواقفها السيادية في القضايا الدولية الحساسة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية ودعم حق الشعوب في تقرير المصير، ناهيك عن دورها المحوري في الملفات الإفريقية والأمنية في منطقة الساحل.
وأوضح عريوة في تصريح خصّ به «الشعب»، أن استقلالية القرار الجزائري، الذي تعزز بعد انتخاب رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، أربك النخبة الفرنسية التقليدية، وأضر بمصالحها ونفوذها السياسي والاقتصادي في الجزائر، وهو ما لم يعد ممكنا في ظل نهج جديد يقوم على تنويع الشراكات، والقطع مع الهيمنة الفرنسية المتغلغلة منذ عقود في مفاصل الاقتصاد والثقافة والإعلام.
وأضاف محدثنا، إن العلاقات الجزائرية- الفرنسية، تشهد بالفعل منذ فترة ليست بالقصيرة توترًا متصاعدًا، عاد إلى الواجهة بشكل أكثر حدة بعد تصريحات عدائية ومغرضة جديدة صادرة عن وزير الداخلية برونو روتايو، مدعومًا بعدد من الأصوات اليمينية المتطرفة في باريس، التي جعلت من التهجم على الجزائر ورقة انتخابية مفضلة لتمرير الأجندات الداخلية، مما يكشف، مرة أخرى، أن الاستعمار الذهني مازال مترسّخا لدى جزء من الطبقة السياسية الفرنسية.
مزايدات انتخابية عقيمة
وكشف محمد الأمين عريوة، أن تزامن تصريحات وزراء اليمين المتطرف ضد الجزائر مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية في فرنسا، ليس أمرًا اعتباطيًا، وإنما يعكس استراتيجية تقليدية يلجأ إليها العديد من السياسيين الفرنسيين، خاصة المنتمين إلى التيار الكولونيالي.
وأبرز عريوة، أن النخبة اليمينية تتعمّد شيطنة الجزائر واستدعاء «العدو التاريخي» بهدف توجيه الرأي العام الداخلي وكسب تعاطف الناخب الفرنسي، خصوصا أولئك الذين يحملون رواسب نفسية مرتبطة بحرب التحرير الجزائرية الكبرى، أو يتبنّون أطروحات اليمين المناهض للهجرة وكل ما يرتبط بالجالية الوطنية في الخارج.
واعتبر المتحدث، الهجوم الفرنسي الدعائي الأخير ليس مجرد موقف سياسي معزول، بل هو تعبير عن أزمة هوية استعمارية تعيشها فرنسا الرسمية، التي لم تتمكن بعد أكثر من 60 سنة من استيعاب خروج الجزائر بالكامل من دائرة النفوذ الفرنسي، وأن جيل ما بعد الاستقلال بات يفرض أجندته الوطنية بعيدًا عن منطق الإملاءات الخارجية.
كما أن دعم الجزائر الثابت للقضية الفلسطينية، وموقفها الواضح الرافض لموجة التطبيع التي اجتاحت المنطقة العربية، أزعج اللوبيات الصهيونية ذات التأثير الواسع داخل الدوائر الفرنسية، مؤديًا ذلك إلى الدفع باتجاه شيطنة الجزائر وخلق حالة من العداء المفتعل معها، خاصة وأن باريس تدرك أن بلد الشهداء يملك أوراق قوة عديدة، بداية من الطاقة إلى النفوذ الإقليمي، مرورا بالجالية الجزائرية الكبيرة في فرنسا نفسها، بحسب قوله.
فعالية المجتمع المدني
وفي ظلّ هذا التصعيد الممنهج، رأى محمد الأمين أن دور المجتمع المدني الجزائري أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى، باعتباره الدرع الأول لتحصين الجبهة الداخلية، ورفع مستوى الوعي الوطني لمواجهة الحرب الإعلامية والمعنوية التي تقودها بعض الأوساط الفرنسية المُعادية.
الحملة النفسية الفرنسية ضد الجزائر، ليست سوى حلقة جديدة من مسلسل طويل يعكس عقدة استعمارية متجددة، لكنها لن تزيد الجزائريين إلاّ تماسكًا والتفافًا حول دولتهم ومؤسساتهم الدستورية وفي مقدمتها الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني، وفقًا للمصدر ذاته.
وخلص رئيس المنظمة الجزائرية للمجتمع المدني والمواطنة، محمد الأمين عريوة، إلى أن الرسالة التي يجب أن يفهمها السّاسة الفرنسيون، اليوم، هي أن الجزائر تغيّرت جذريًا، وأن عهد الوصاية قد انتهى بلا رجعة، وبناء شراكة ندية وعادلة بين البلدين هو السبيل الوحيد لترميم العلاقة الملغّمة، أمّا سياسة الاستفزاز والابتزاز فلن تؤدّي إلا إلى تعميق الهوّة، وتجعل من فرنسا الخاسر الأكبر في معادلة التحولات الجيوسياسية المتسارعة في منطقة حوض المتوسط وقارة إفريقيا.
للإشارة، ندّدت الأحزاب السياسية الوطنية ومنظمات المجتمع المدني، بتواصل الحملة الفرنسية التضليلية والاستفزازية ضد الجزائر، واعتبرت تصرفات وزير الداخلية برونو روتايو التقييدية لتنقلات الجالية الوطنية في الخارج، انتهاكًا صارخًا للاتفاقيات والمعاهدات بين البلدين، سيكون له عواقب غير محسوبة على العلاقات الجزائرية- الفرنسية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19719

العدد 19719

الأحد 09 مارس 2025
العدد 19718

العدد 19718

السبت 08 مارس 2025
العدد 19717

العدد 19717

الخميس 06 مارس 2025
العدد 19716

العدد 19716

الأربعاء 05 مارس 2025