ابتسامـة تاريخيــة للشهيد أعطــــت بعـدا إنسانيا للثـــــورة التحريريــة
أجمع باحثون ومجاهدون، على عظمة المسيرة النضالية المشرّفة للشهيد العربي بن مهيدي، رمز الثورة الجزائرية، وأكّدوا أنه نسخة أصلية من الشعب الجزائري بأجياله، أعطى بابتسامته التاريخية بعدا إنسانيا للثورة التحريرية.
نظم المتحف الوطني للمجاهد، ندوة تاريخية، بمناسبة ذكرى وفاة الشهيد البطل العربي بن مهيدي، قال فيها محمد ودوع، أستاذ التاريخ بجامعة الجزائر 2، إنّ تخليد الذكرى 68 لاستشهاد هذا البطل، هو وقفة عظيمة لاستذكار أمجاد وبطولات الماضي، وهو واجب منا كجيل حتى نحافظ على رسالة بناء هذه الأمة، والتي ما تزال مستمرة.
وصف الأكاديمي، الشهيد بن مهيدي، بأنه رمز من رموز الصورة ومعلم تاريخي، و«حياته النضالية كمسؤول، كانت قصيرة، كان عمليا، ومن مؤطري مظاهرات الثامن ماي 1945، ومن أوائل مهندسي الثورة التحريرية في مرحلة صعبة جدا”.
وأضاف المحاضر، أنّ العربي بن مهيدي، ينتمي لجيل العشرينيات، الذي عمل على تصحيح الحركة التاريخية وفهم أن المشكل الذي يعاني منه الجزائريّون هو ظلم، وتجهيل وغياب العدالة بسبب الاستعمار الفرنسي، وأنّ الحل الوحيد هو طرده، وهذا ما نادى به الأمير خالد، ومصالي الحاج.
وأبرز الباحث ودوع، أنّ الشهيد العربي بن مهيدي، من بين الذين فجروا الثورة في ظروف داخلية وخارجية صعبة، وكانوا شباب غير معروفين، في مواجهة الدعاية الفرنسية، التي كانت بالمرصاد تحاول تشويه الثورة الجزائرية ونعت المجاهدين بالفلاقة، والخارجين عن القانون.
وأضاف أنّ الشهيد، تربى في مدرسة الوطنية، وهو ابن زاوية حفظ القرآن الكريم والتزم بالدين الإسلامي، وعمل على إنجاح الثورة وتنظيمها بعد مؤتمر الصومام، حيث كلّف بالإشراف على العمل الفدائي بالعاصمة، وهي استراتيجية لتحويل القصبة إلى عاصمة المقاومة ونقل الثورة إلى المدن، وإشراك كل فئات الشعب الجزائري في الثورة. أوضح المحاضر.
وأكّد الأستاذ الجامعي، أنّ الشهيد هو صاحب مقولة “ألقوا الثورة إلى الشارع يحتضنها الشّعب”، بعدما احتدم الصراع حول تفجير الثورة، ومواجهة الاستعمار الذي يملك أعتى الأسلحة والدبابات، حيث عمل بن مهيدي، على تطبيق هذا الشعار في الميدان بتوعية الجزائريّين بأنّ الخلاص الوحيد من الاستعمار هو تفجير الثورة. ومن أشهر مقولة للشهيد لجلاديه: “إنكم تمثلون الماضي ونحن نمثل المستقبل، هناك الكثير من الأجيال، التي ستخلفنا.”وقال عنه السفاح بيجار: “لو كان لنا ثلة من العربي بن مهيدي سأغزو العالم”.
شرف الصورة والتاريخ
من جانبه، أكّد المجاهد عبد الله عثامنية، أنّ الشهيد أحد إطارات حزب الشعب، ثم الحركة من انتصار الحريات الديمقراطية، تربى في مدرسة الكشافة الجزائرية الإسلامية ببسكرة، كان رئيس المنطقة الخامسة، التي تحولت إلى ولاية بعد مؤتمر الصومام 1956، سافر إلى إسبانيا ثم القاهرة لمطالبة أحمد بن بلة، بتوفير السلاح للثورة.
وأضاف أنّ بن مهيدي شرف الثورة الجزائرية والتاريخ. وتطرّق المجاهد محمد دباح، عضو المالغ، إلى نضال الشهيد العربي من مهيدي، الذي كان في المنظمة السرية، لتفجير الثورة، الذي كان يسمى الحكيم والصديق، ثم عرّج على كل المحطات التي مرّ بها الشهيد، الذي كان له دور في حل المشاكل خاصة المتعلقة بالسلاح. وقال البروفيسور حسان مغدوري، مدير المتحف الوطني للمجاهد، أنّ الشهيد بن مهيدي، هو نسخة أصلية عن الشعب الجزائري بأبعاده الاجتماعية، والنضالية، نظم وسلم المشعل بابتسامة الأمل والتحدي.
ابتسامة خالدة
وأضاف البروفيسور مغدوري، أنّ ابتسامة الشهيد تعكس البعد الإنساني لبصمة خالدة تعبّر عن الشخصية الجزائرية. وأشار إلى أنّ الشهيد كان ذا مسيرة نضالية على الصعيد السياسي والثقافي، كان مسرحي متفتّح على الثقافات العالمية. وأضاف المحاضر، أنّ المراهنة على الشعب الجزائري هو صمام الأمان، وأنّ ابتسامة بن مهيدي خلّفت وراءها سلاحا فتاكا هو أنّ الشعب الجزائري لا يخاف.
وبالمناسبة، تم عرض شريط وثائقي حول المسيرة النضالية للشهيد العربي بن مهيدي، من إعداد المتحف الوطني للمجاهد، وتكريم محاضرين ومجاهدين.