جميع المؤشّرات الاقتصادية والمالية للجزائر أصبحت خضراء
في خطاب مليء بالتفاؤل والإصرار، عبّر رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون عن رؤيته الشاملة لبناء الجزائر المنتصرة، حيث شدّد على التزامه الكامل بالخطاب أمام نواب الشعب باعتباره تقليداً سنوياً وتجسيداً للمنهج الجديد في إدارة الشأن العام وحرصاً على تكريس الحكم الراشد.
قدّم رئيس الجمهورية أمام البرلمان بغرفتيه رؤيةً واضحة لمسار الجزائر في الفترة المقبلة، حيث أعلن عن الالتزام بممارسة الخطاب المسؤول أمام نواب الشعب كرمز من رموز الحوكمة الرشيدة، وأداةً لتكريس الشفافية والالتزام بتنفيذ وعود التنمية الوطنية الشاملة.
خطاب رئيس الجمهورية الثاني من نوعه، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن الجزائر تتجه بثبات نحو مرحلة جديدة من الديمقراطية الحقيقية، حيث يرى في إقرار قانون جديد للبلدية والولاية خطوة حاسمة في استكمال بناء هرم الدولة، فهذه الإصلاحات، كما قال السيد الرئيس، ليست مجرّد قرارات إدارية، بل حجر الزاوية لديمقراطية قوّية ومتجدّدة.
ولم يغب عن حديث الرئيس تبون التأكيد على أهمية الحوار الوطني البنّاء، بعيداً عن الضجيج والمساومة، بل كان خطابه دعوة للهدوء والعمل الجاد في إطار من التفاهم والتعاون، ليعرّج على مسألة مكافحة الفساد مشدداً على أن هذه المعركة مستمرة بلا هوادة حتى آخر نفس.
ولأن الاقتصاد هو أساس بناء المستقبل، فقد أكّد الرئيس تبون على أن جميع المؤشّرات الاقتصادية والمالية للجزائر باتت خضراء، حيث استطاعت الجزائر تحقيق تقدّم كبير على مستوى قطاع الطاقة والصناعة. فبفضل المشاريع الكبرى التي تم الشروع فيها قبل سنوات قليلة، أصبح استغلال ثروات البلاد واقعاً ملموساً، بدءًا من ميناء وهران الذي يستعد لاستقبال حديد غار الجبيلات، مروراً بتوسيع السكة الحديدية لتصل الى تندوف في أقصى الجنوب الغربي وتمنغست في أقصى الجنوب الشرقي لتسهيل استغلال الثروات المنجمية الهائلة.
وتعدُّ مشاريع الإسكان جزءًا أساسياً من هذه الرؤية، حيث بيّن الرئيس تبون أن توزيع السكن أصبح أساساً لكرامة المواطن، ليس تبديداً للمال العام كما يدّعي المشكّكون. وأوضح بأن هذه المشاريع تنفّذ باستخدام مواد جزائرية بالكامل، مما يقلّل من الاعتماد على الاستيراد ويحافظ على الأموال الوطنية.
واستعرض رئيس الجمهورية في خطابه السنوي جملة من المواضيع الحيوية التي تمسُّ المواطن الجزائري، حيث أكّد أن التغيير يجب أن يكون جاداً ومسؤولاً وبعيداً عن الجدل العقيم أو الوعود الفارغة. وأضاف قائلاً بأن هناك من يطالبون بالتغيير ولكنهم لا يتحمّلون المسؤولية اللازمة في تحقّقه، مؤكداً بأن الدولة ماضية في حربها ضد الفساد.
وفيما يتعلّق بالأمن الغذائي، أكّد الرئيس تبون أن الجزائر قد حقّقت اكتفاءً ذاتياً في العديد من المحاصيل الزراعية، لا سيما القمح الصلب، وأنها تسعى الى تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح اللين، مشيراً الى أن الجهود في هذا المجال ستمكّن البلاد من تعزيز استقلالها الغذائي وتقليل الاعتماد على الواردات.
عرّج السيد الرئيس للحديث عن السياسة الخارجية، حيث شدّد على أن الجزائر ستظلّ ثابتة على مواقفها تجاه القضايا العادلة وعلى رأسها فلسطين والصحراء الغربية. وأشار الى أن بلادنا لن تساوم في موقفها المتضامن مع فلسطين، ولن تغيّر من موقفها الثابت في دعم حق الشعوب في تقرير مصيرها.
واستنكر الرئيس تبون في سياق حديثه عن الاستعمار الفرنسي، الاستمرار في التعتيم على الجرائم التي ارتكبتها فرنسا في الجزائر، مطالباً بالاعتراف العلني بتلك الجرائم وبتنظيف النفايات النووية في مناطق التجارب في الصحراء الجزائرية.
خطاب رسم فسيفساء من الأمل والتحدّي
كان خطاب رئيس الجمهورية أمام نواب الشعب بمثابة، خارطة طريق تضيء درب الجزائر نحو الغد المشرق، وتحمل في طيّاتها معاني العزم والإصرار على بناء وطن مستقل وقوّي. خطابٌ، عكس عمق الرؤية الاقتصادية التي نظّر لها ووضع أسسها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون.
إن ما ورد في الخطاب السنوي الثاني للسيد الرئيس، كان بمثابة إعلان عن مرحلة جديدة في تاريخ الجزائر، مرحلة تتّسم بالحكمة والعقلانية، فكانت كل كلمة في هذا الخطاب لها معانيها ودلالاتها، وكل جملة حملت في طيّاتها وعداً بعهد جديد، لا مكان فيه للمساومة ولا للتخاذل.
لم يكن خطاب رئيس الجمهورية مجرّد خطاب رسمي فحسب، بل كان بمثابة إعلان عن بداية عهد جديد يعكس الإرادة الوطنية، التضامن الشعبي، والتمسّك بالهوية، حمل معه رؤية للمستقبل ووجّه البوصلة نحو أفقٍ بعيد من التقدّم والازدهار، كما حمل رسائل من الأمل والتحدي، بلُغة تؤكد على أن الجزائر تسير بثقة نحو المستقبل، معزّزةً قدراتها التنموية وصامدة أمام كل التحدّيات السياسية والاقتصادية.