أرست الانتخابات الرئاسية المسبقة، التي دعا إليها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، لبنة أخرى في مسار الإصلاح السياسي الذي باشره منذ توليه رئاسة البلاد في ديسمبر 2019، ليتواصل العمل بمجرد انطلاق العهدة الثانية، بتقديم خارطة طريق للفترة اللاحقة على جميع الأصعدة، لاسيما السياسية منها. وشهدت سنة 2024 أحداثا هامة أوفى خلالها الرئيس بعديد الوعود في المجال السياسي وقطاعات أخرى.
أعلن رئيس الجمهورية، مع مطلع الربع الأول من سنة 2024، عن تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة، قبل تسعة أشهر من نهاية عهدته الأولى. وجاء القرار وفاء من الرئيس بإعادة الكلمة للشعب، ليشارك في اختيار صناع القرار بحرية ودون أية ضغوط، خاصة وأن انتخابات ديسمبر 2019، جاءت في ظروف داخلية ودولية.
ومباشرة بعد الإعلان عن انتخابات مسبقة، اجتمع رئيس الجمهورية، شهر ماي 2024، برؤساء 27 حزبا، في إطار تجسيد التزامه بتكريس سنّة الحوار والتشاور مع الطبقة السياسية، تجسيدا للديمقراطية التشاركية. وجاء اللقاء الجامع تتويجا للقاءات تمت في شكل ثنائي، استقبل فيها الرئيس عديد رؤساء الأحزاب.
وكان اللقاء فرصة طرحت فيها الأحزاب انشغالاتها بخصوص العملية السياسية، وإعادة تفعيل دور الأحزاب وتعديل بعض القوانين، لاسيما قانون الأحزاب الذي وعد السيد الرئيس بتعديله بعد التشاور مع الأحزاب السياسية.
تعديل حكومي... ولقاء الولاة
إلى ذلك، وفي سبيل مواصلة تنفيذ برنامجه، أجرى رئيس الجمهورية تعديلا حكوميا، أبقى فيه على الحقائب السيادية، فيما تغيرت أسماء وزراء العدل والتعليم والإتصال والثقافة والنقل والصناعة والسياحة والشباب والرياضة والبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية. وراعى التعديل خصوصيات المرحلة، لاسيما في الشأن الداخلي ليواكب مسيرة الاستمرارية في البرنامج الرئاسي الطموح.
وفي إطار اللقاءات الدورية مع مختلف الفاعلين، اجتمع رئيس الجمهورية في لقائه السنوي بالولاة، منتصف ديسمبر الحالي، حيث كان اللقاء فضاء لإسداء تعليمات صارمة للولاة، بضرورة تطبيق البرنامج بما يخدم المواطن ويضمن له الرفاه، محذرا من التخاذل أو الرضوخ لابتزازات ما. وأكد أن الوالي يتمتع بالحماية الكاملة من طرفه شخصيا وبقوة القانون، مادام حسن النية متوفرا. وذكر في السياق، بالقوانين التي ترفع التجريم عن فعل التسيير، لتعطي هامش حرية واسعا للوالي وسلطة تقديرية لفعل ما يراه مناسبا في خدمة المواطن، الذي قال عنه الرئيس إن الكل مجند لخدمته، من رئيس الجمهورية إلى آخر موظف في الدولة.
وقبل أيام من هذا اللقاء السنوي، أشرف الرئيس تبون على افتتاح السنة القضائية، أكد فيها على استكمال الجزائر بناء منظومة قضائية جمهورية، مُحصّنة بثقة الشعب. مشددا على أن مؤسسات الجمهورية أصبحت قوية بفضل الشرفاء من أبناء الوطن، وتعزيز العدالة في سبيل استعادة ثقة المواطن، حيث استجاب النزهاء من منتسبي القطاع للنداء، الذي رافقته نصوص تشريعية جسدت التزاماته التي تعهد بها أمام الشعب، لأخلقة الحياة العامة ومكافحة الفساد والانحرافات بلا هوادة، ووعد بالمقابل بحل كل المشاكل الاجتماعية والشخصية والعائلية للقضاة، لتمكينهم من تأدية مهامهم النبيلة على أكمل وجه.
تدابير تهدئة
وبمناسبة السنة الجديدة، قرر رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، يوم 25 ديسمبر الجاري، عفوا رئاسيا وتدابير تهدئة، شملت 2471 محكوم عليهم نهائيا، ومحبوسين، بالإعفاء من العقوبات التي تقل عن 18 شهرا، أو تخفيض مدتها بين 18 و24 شهرا. كما أصدر قرارا يقضي بالعفو عن محبوسين في جرائم تتعلق بالنظام العام.
وسيوجه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، خطابا للأمة، اليوم الأحد، وهو تقليد دستوري دأب عليه الرئيس، يعكس فيه التزامه بالتواصل مع ممثلي الشعب، وتقديم بيان شامل حول الوضع العام في البلاد.
وتتيح المادة 150 للرئيس الحق في توجيه خطاب إلى الأمة، وهي آلية دستورية هامة، يقدم عبرها رؤيته حول العديد من الملفات المهمة. وهي أيضا ترسخ مبدأ الفصل بين السلطات، والديمقراطية التشاركية، التي يحرص رئيس الجمهورية على تثبيتها في مسار الإصلاحات السياسية التي باشرها، في انتظار تنظيم حوار وطني شامل وعد به، من أجل تمتين الصف الداخلي وتحصين البلاد ضد المتربصين.
رهان وتحديات...
وواجهت هذه الإنجازات والمكتسبات، تحديات داخلية وخارجية ذكرها رئيس الجمهورية في كثير من تصريحاته الإعلامية وفي مناسبات وطنية، منها فلول العصابة التي تستعمل أسلوب نشر الإشاعة والدعاية المغرضة لثني المكلفين بتطبيق برنامج الرئيس عن القيام بعملهم على أكمل وجه، وهو ما أشار إليه عندما ترأس لقاء الحكومة والولاة، وأفصح عن تعرض ولاة إلى «حملة تشكيك» من طرف بقايا العصابة، وكذلك المؤامرات التي تحاك ضد الجزائر بفعل ثبات مواقفها من القضايا الوطنية والدولية، وعزم الرئيس ومؤسسات الدولة الوطنية على مواصلة الإصلاحات وتحقيق المزيد من الانتصارات.