جزائر الأحـرار تعيد القضية الفلسطينيـة إلى الواجهـة الدولية

الرئيس تبون يرسم معالم جديدة لدبلوماسية قوية

آسيا قبلي

إنهـاء «عنصريـة» الوثـائق فـي المجلس الأممي

مكــافحـة الجريمـة السيبرانيــة نجـاح دولي ببصمة جزائريـة

رسّم رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، معالم جديدة للدبلوماسية الجزائرية، تجلت في عديد الإنجازات، سواء تعلق الأمر بعمل مجلس الأمن، أو اعتماد اتفاقيات جديدة أو فيما تعلق بقضايا التحرر واستصدار قرارات قضائية تاريخية، لاسيما القضية الفلسطينية. وقد ساعد في تحقيق تلك الإنجازات، ظروف دولية سارت في صالح توجهات رئيس الجمهورية دوليا، ودعم دول صديقة وشقيقة مساعي الجزائر في مجلس الأمن، من خلال مقعدها غير الدائم فيه، واستطاعت وفي فترة وجيزة تحقيق الكثير ليكون أساسا ممهدا يتواصل عليه بناء عالم أكثر عدلا وأمناً.

عادت الدبلوماسية الجزائرية لتبرز بقوتها ووهجها الذي تميزت به سنوات ما بعد الاستقلال، وأعادت رفع القضايا العادلة إلى الواجهة ورفعت صوت أفريقيا عاليا لاسترجاع الحق وتصحيح الظلم التاريخي عن القارة السمراء، مستندة في ذلك بقوة الدعم الشعبي لرئيسه السيد عبد المجيد تبون، الذي حقق إنجازات داخلية تتعلق على وجه الخصوص بالاقتصاد، وتحسين الظروف المعيشية، وترسيخ حماية الطابع الاجتماعي للدولة، والتي كان لها الأثر البالغ في قوة الموقف الخارجي.

أم القضايا.. انتصارات قضائية

حققت القضية الفلسطينية نتائج قضائية إيجابية، وقفت الجزائر وراءها، حيث كانت، ممثلة في رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، أول دولة تدعو إلى اللجوء بقوة إلى الهيئات القضائية الدولية، نظرا لتعدد الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني في غزة، والتي يعاقب عليها القانون الدولي الإنساني. حيث دعا السيد الرئيس «أحرار العالم والعرب والهيئات الدولية إلى رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية والمنظمات الحقوقية الدولية ضد انتهاكات الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني».
ونجحت مساعي الجزائر، رفقة دول أخرى، على رأسها جنوب أفريقيا التي رفعت دعوى قضائية ضد الكيان بشأن ارتكابه جريمة الإبادة الجماعية في غزة، وأصدرت المحكمة قرارها الذي يأمر المحتل باتخاذ وضمان كافة التدابير لمنع الإبادة الجماعية، ورافعت أمام محكمة العدل الدولية، شهر فيفري 2024، لإنهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، وفرض احترام القانون الدولي عليه والحرص على امتثاله له.
كما أصدرت الجنائية الدولية مذكرتي توقيف دولية بحق مجرميْ الحرب الصهيونيين، قبل أسابيع. وفي هذا السياق قادت النقابة الوطنية للقضاة الجزائريين والاتحاد الوطني لمنظمات المحامين، مبادرة دولية تحت مسمى «إعلان الجزائر»، شارك فيها محامون وقضاة من مختلف الدول العربية والأجنبية لرفع دعاوى جزائية ضد مرتكبي الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، ومخاطبة المنظمات والهيئات الدولية لمحاصرة هذا الاحتلال وملاحقته، وتقديم بلاغات إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
وفي جانفي 2024 عقدت البعثة الدبلوماسية الجزائرية لدى الأمم المتحدة عددا من الاجتماعات في مجلس الأمن، خصصت لفلسطين وللوضع في غزة تحديدا، وتمكنت من استصدار قرارات لصالح القضية على مستوى المجلس والجمعية العامة للأمم المتحدة، وكللت جهودها بتصويت مجلس الأمن وبالإجماع، شهر مارس الماضي، على مقترح وقف العدوان على غزة.
وفي شهر فيفري من السنة نفسها، قدمت مشروع قرار بوقف فوري لإطلاق النار، صوتت عليه 13 دولة. ثم تبنى مجلس الأمن الدولي قرارا آخر شهر جوان، تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية، واستطاعت الجزائر إدراج بعض التعديلات على النص النهائي لمشروع القرار «بما يتوافق مع تطلعات الفلسطينيين، وذلك في إطار البحث عن منفذ لإنهاء المجازر الصهيونية بحق المدنيين في غزة. وهما القراران الوحيدان اللذان تبناهما مجلس الدولي بشأن وقف إطلاق النار في غزة.

الصحراء الغربية.. تصفية الاستعمار

ولئن دأبت الجزائر على دعمها المطلق للقضية الفلسطينية، فقد واصلت بثبات إسناد قضية عادلة أخرى ويتعلق الأمر بالقضية الصحراوية، حيث دعمت البعثة الجزائرية مرافعاتها لملف الصحراء الغربية بالقرار الصادر عن محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاق الصيد والزراعة الموسع للأراضي الصحراوية، بين المغرب والاتحاد الأوروبي، واللذين يرتكز على أساسين، الأول أن «الصحراء الغربية إقليم منفصل عن المغرب ووضعه هو مسألة إنهاء استعمار». والثاني هو أن «جبهة البوليساريو هي الممثل الشرعي والحصري للشعب الصحراوي».
وأكدت مجددا، أن كل قرارات الأمم المتحدة واضحة ولا غبار عليها بخصوص تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، ولم يبق سوى الالتزام بها وتطبيقها، وهو ما تسعى الجزائر إلى تحقيقه نصرة للحق.

إنهاء أبرتايد الوثائق

وبشأن الممارسات الداخلية لمجلس الأمن، انتهت المعركة الدبلوماسية القانونية التي بدأتها الجزائر، دفاعا عن حق المساواة في الاطلاع عن الوثائق، بنجاح مسعاها فيما أصبح يسمى «المبادرة الجزائرية لتقنيـن التعامل والاطلاع على وثائق عمل مجلس الأمن»، والتي تشير إلى إقرار مجلس الأمن الدولي، بمبادرة من الجزائر وبعد مشاورات دامت أكثر من 6 أشهر، بمبدإ المساواة في الاطلاع على وثائق المجلس الداخلية وغير المتاحة للنشر، لكل أعضائه، دون تمييز، بعدما كان يقتصر على الأعضاء الدائمين دون سواهم، وهي ممارسة لم تكن تستند إلى أية حجة قانونية.
 وقد عملت الجزائر رفقة الدول الإفريقية الثلاث غير دائمة العضوية، على رفع هذه الممارسة غير القانونية، ثم انضمت باقي الدول غير الدائمين، ووضع هذا النجاح جميع أعضاء مجلس الأمن الدائمين والمنتخبين على قدم المساواة، بعد مسيرة من المشاورات والعمل الدبلوماسي والقانوني المكثف بقيادة البعثة الجزائرية، مع تحديد دقيق للإجراءات المتعلقة بطلبات الاطلاع على بعض الوثائق.

مكافحة الجريمة السيبرانية

ويضاف إلى رصيد العمل الدبلوماسي الجزائري على المستوى الدولي، مصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة 2024، على اتفاقية أممية لمكافحة الجريمة السيبرانية قادت الجزائر مسارها التفاوضي على مدار ثلاث سنوات مع كافة الدول الأعضاء من أجل تحقيق هذا الإنجاز.
وتوفر الاتفاقية أساسا لقوانين وإجراءات جنائية أكثر فعالية، وتعزيز التعاون الدولي. كما تعتبر خارطة طريق للتدابير الوقائية والمساعدات التقنية. ويعتبر هذا نجاحا باهرا للدبلوماسية الجزائرية، بخصوص إحدى إخطر الجرائم، بفعل التطور التكنولوجي الهائل واستعمالاته غير القانونية من طرف جماعات الجريمة المنظمة.

تعاون وتضامن أفريقي

بقيت الجزائر وفية لضرورة أن تكون إفريقيا للأفريقيين، وناضلت ومازالت لأن يكون مصير أفريقيا بيد شعوبها، مع رفض التدخل الخارجي. ومن ذلك، دعوتها لتفعيل القوة الإفريقية الجاهزة، التي وافق عليها الاتحاد الإفريقي خلال الاجتماع نصف السنوي 6 المنعقد مؤخرا.
كما حملت الجزائر لواء القارة، بصفتها عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي، وقد صبت كل جهدها ورفعت سقف مصالح القارة عاليا والمطالبة بإرجاع الحق للقارة التي عانت ظلما تاريخيا جراء طول فترة الاحتلال الذي تعرضت له منذ القرن السادس عشر، واستمرار ظاهرة الاستعمار فيها.
وقط طالبت الجزائر من موقعها في مجلس الأمن، بمنح القار الإفريقية مقعدين دائمين في مجلس الأمن الدولي، ليكون لها صوت، على غرار باقي القارات، إلى جانب مقعدين غير دائمين في قائمة الأعضاء المنتخبين دوريا.
 كما عززت الدبلوماسية الجزائرية، تحت قيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، علاقات التعاون والتشاور مع عديد الدول الإفريقية، من خلال قيامه بعدد من الزيارات إلى دول إفريقية عربية، على غرار مصر وموريتانيا، وإيفاد مبعوث شخصي له ممثلا في وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، إلى عدد من الدول الإفريقية.
ومن أجل إصلاح عمل الاتحاد الإفريقي، قدمت الجزائر مرشحتها لنيابة رئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي وهي السفيرة سلمى مليكة حدادي، على أن تجرى الانتخابات شهر فيفري 2015.
للإشارة، صرح أحمد عطاف، عقب تجديد الثقة فيه خلال التعديل الحكومي الأخير لمواصلة مهامه، أنه التقى الرئيس تبون عشية التعديل الذي قدم له توجيهات «للارتقاء بالسياسة الخارجية للوطن إلى مستويات فاصلة من النجاعة والنفوذ والتأثير». مضيفا، أن «المصلحة الوطنية كانت البوصلة في كل ما صدر عن الرئيس تبون من تحليل وتقييم واستقراء واستشراف».
ومن أجل خدمة المصلحة الوطنية، قال عطاف إن رئيس الجمهورية حدد الأولويات والمقاربات والمنهجيات. مبرزا في السياق، أنه ستكون لوزارته «في المستقبل القريب فرصة للوقوف عند كل ورشة قصد تحويلها إلى خطط عمل تتلاءم ومقتضيات كل ملف من الملفات التي أضفى عليها رئيس الجمهورية طابع الأولوية والاستعجال». ولفت الوزير، الى أن «المرحلة التاريخية الراهنة تتميز بالحساسية والدقة على كافة الأصعدة الوطنية منها والجهوية والعالمية».
وتأتي هذه الجهود الدبلوماسية القارية للتوجهات التي رسم رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون معالمها بهدف تقوية العلاقات البينية ضمن الفضاء القاري وتعزيز العمل المشترك والتنسيق مع قادة الدول الإفريقية، من أجل إعلاء مصالح القارة على الصعيدين الداخلي والخارجي، وإعطائها مكانتها اللائقة بها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19870

العدد 19870

الإثنين 08 سبتمبر 2025
العدد 19869

العدد 19869

الأحد 07 سبتمبر 2025
19868

19868

السبت 06 سبتمبر 2025
العدد 19867

العدد 19867

الخميس 04 سبتمبر 2025