مشاركون في ندوة المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة:

الجرائم الصهيونية.. بُعد عسكري وأبعادٌ فكرية

علي مجالدي

تقــديم منصّـة جزائريـة لمواجهة «الفايك نيـوز»

نظّم المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة أمس الأحد ندوة علمية بعنوان «التربية الإعلامية ورهانات التدقيق الإعلامي في إفريقيا»، نشطتها نخبة من الباحثين والمثقفين الجزائريين والعرب والأفارقة، تناولت عدة محاور تتعلق بالصراع مع المشروع الصهيوني، وتحديات الحرب الإعلامية والتضليل الإعلامي في ظل الأوضاع الراهنة في إفريقيا.

أكد الأكاديمي اللبناني أسعد السحمراني أن الحرب في فلسطين تمثل جزءاً من الصراع الأكبر ضد المشروع الصهيوني والأمريكي في المنطقة. وأشار إلى أن الحرب لا تقتصر على الجانب العسكري، بل هي حرب فكرية أيضاً، تستهدف الوعي الجماهيري.
وفي هذا السياق، شدّد على أهمية دور المثقفين في تسليط الضوء على هذه الأبعاد، حيث قال: «كل الطبقة المثقفة ملزمة بأن تبرز الأبعاد الفكرية لهذه الحرب.» من بين النقاط الأخرى التي تطرق لها السحمراني التركيز على ضرورة مقاطعة منتجات الدول الداعمة للكيان الصهيوني، كجزء من المقاومة الاقتصادية، مما يعزّز من التضامن العربي والإسلامي ضدّ هذا الكيان.
ومن جانب آخر، أكد المتحدث عن التشابه بين ممارسات الاستعمار الفرنسي في الجزائر والممارسات الحالية للاحتلال الصهيوني في فلسطين. وبيّن أن الاستعمار الفرنسي فشل في إخضاع الشعب الجزائري، رغم محاولاته المتكرّرة لتدمير الهوية الجماعية، وهو ما ينطبق اليوم على المقاومة الفلسطينية، التي تقف صامدة في وجه الاحتلال.
وفي سياق حديثه عن لبنان، أوضح السحمراني أن الجبهة الداخلية اللبنانية متماسكة، رغم محاولات الاحتلال الصهيوني نشر الشائعات وإثارة الفتن الداخلية. وأكد أن الإعلام يلعب دوراً مهماً في مواجهة الحرب الإعلامية التي يشنها الاحتلال، مشدداً على أهمية كشف الحقيقة والرد على هذه الأكاذيب.
كما أشار المحاضر إلى ضرورة مقاومة التطبيع، واصفاً إياه بالأمر الحاسم في مواجهة الاحتلال. وأوضح أن المقاومة الإعلامية والفنية والأدبية تلعب دوراً محورياً في هذا الإطار، إلى جانب المقاومة الاقتصادية، التي تتجلى في مقاطعة منتجات الدول الداعمة للكيان الصهيوني.
 وفي ختام مداخلته، أشار الأستاذ أسعد، عبر الانترنيت، إلى أهمية المقاومة السيبرانية، التي باتت تشكل جبهة جديدة في مواجهة الاحتلال الصهيوني. وأكد أن هذه المقاومة أصبحت ضرورة لمواجهة التهديدات التي يفرضها الاحتلال على مستوى الأمن المعلوماتي والإعلامي.

التربية الإعلامية والمعلوماتية.. رهان تربوي

في مداخلته عبر «تطبيق زوم»، أبرز الخبير في الإعلام التربوي فابريك مكام ثلاثة محاور رئيسية تتعلق بالتربية الإعلامية، أولها الاستجابة للتحدّيات الرقمية، مشيرا إلى أن التربية الإعلامية تلعب دورًا أساسيًا في إعداد مواطنين نقديين ومسؤولين، موضحًا أن «التربية الإعلامية تمكن الشباب من التمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة في العالم الرقمي.» وأكد أن هذا النوع من التربية يعزّز الوعي بمخاطر التضليل الإلكتروني ويحفز على تبني سلوكيات واعية في التعامل مع المعلومات.
ويتعلق المحور الثاني بالرافعة التربوية لتطوير الكفاءات، وشدّد المتدخل على أن التربية الإعلامية تمثل «رافعة تربوية فعالة لتطوير المهارات الأساسية المطلوبة في القرن الواحد والعشرين.» وأشار إلى أن هذه الكفاءات تشمل التفكير النقدي، الإبداع، التعاون، والاستقلالية، موضحًا أن «تلك المهارات ضرورية لتعزيز الابتكار وتحقيق تقدم اجتماعي مستدام، في ظل تعاظم التأثير الرقمي على مختلف مناحي الحياة.»
ولدى تطرقه إلى المحور الثالث حول دعوة للاستثمار في التعليم، دعا فابريك مكام في ختام مداخلته إلى ضرورة الاستثمار في إفريقيا في التكوين والموارد التعليمية لدعم إدماج التربية الإعلامية في المناهج التربوية. وقال في السياق إن «هذا الاستثمار يشمل تعزيز قدرات المعلمين وتوفير الأدوات التعليمية الضرورية لتأهيل الجيل الجديد للتعامل مع العالم الرقمي بمسؤولية.» وأكد مكام على أن التربية الإعلامية والمعلوماتية لم تعد مجرد خيار، بل أصبحت ضرورة ملحة لضمان تكوين جيل قادر على التعامل مع التحديات الرقمية الحالية والمستقبلية، مشيرًا إلى أن هذه التربية هي السبيل نحو مجتمع أكثر وعيًا وقدرة على التصدي للمخاطر المرتبطة بالتضليل الإعلامي والتطرف الإلكتروني خاصة في إفريقيا والتي تعد ساحة للصراع العالمي بين القوى العظمى.

تعزيز التواصل.. لمواجهة المعلومات المضللة

ومن جانبه، قدم المتخصص في علوم المعلومات والاتصال الدكتور حكيم أكراب، رؤية شاملة حول كيفية تعزيز فعالية التواصل العام في هذا السياق، وسلط الضوء على أهمية التواصل العام في مواجهة التحديات التي تفرضها المعلومات المضللة والبيانات الرقمية غير الموثوقة.
وأكد الدكتور أكراب أن المؤسسات العامة تواجه تحديات متزايدة في ظل تعقيد القضايا المجتمعية اليوم. وأوضح أن التواصل العام لم يعد يقتصر على نشر المعلومات فقط، بل أصبح يشمل ضرورة تحسين جودة هذا التواصل من خلال ابتكار أدوات جديدة تمكن من مواجهة التحديات الرقمية الراهنة.
وأشار إلى أن المعلومات المضللة التي تنتشر بسرعة عبر وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية تمثل خطرًا كبيرًا على عملية التواصل بين المؤسسات والجمهور، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في استراتيجيات التواصل الحالية لتكون أكثر شمولًا وشفافية.
وشدّد الدكتور أكراب على أهمية إنشاء نموذج عام شامل يعتمد على مشاركة فعالة من المواطنين في عملية صنع القرار. هذا النموذج، بحسب قوله، سيكون أداة قوّية لتقليل الفجوة بين الدولة والمواطن، حيث سيسهم في تعزيز الثقة بين الطرفين. وأشار إلى أن التواصل العام الناجح يجب أن يكون قادرًا على إشراك المواطنين من جميع الفئات المجتمعية، مما يسهم في تطوير فهم أعمق للقضايا المجتمعية وفتح باب الحوار بين المؤسسات والمواطنين.
واختتم الدكتور أكراب مداخلته بتقديم مجموعة من التوصيات، أبرزها تعزيز التواصل العام على جميع المستويات من خلال تمكين المواطنين من التعبير عن آرائهم وتوفير وسائل تتيح لهم الوصول المباشر إلى المعلومات والمؤسسات العامة. كما دعا إلى ضرورة نشر وتبسيط المعلومات لتعزيز الشفافية والمصداقية في عملية التواصل، مؤكدًا على أن هذه الإجراءات ستسهم في تقليل تأثير المعلومات المضللة على الجمهور.

إبداع جزائري

وخلال الندوة، تم تقديم منصة إعلامية جزائرية تطوعية يديرها شباب وأساتذة مختصون في المجال الإعلامي، تهدف إلى تقديم معلومات دقيقة حول الأخبار المزيفة، خاصة تلك المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي والمتعلقة بالمؤسسات أو الشخصيات السياسية والعامة. تعمل المنصة على كشف وتفنيد هذه الأخبار والوسائط، مثل الصور المعدلة أو الفيديوهات التي يتم استخدامها في سياقات مضللة.  وأشار المتحدثون إلى أن بعض الجهات تقوم بإعادة نشر فيديوهات وصور قديمة في سياق حالي بهدف تضليل الرأي العام، وأحيانًا للتحريض. تم استعراض أمثلة على ذلك، مثل إعادة نشر فيديوهات لحرائق سابقة والترويج لها على أنها حرائق خلال الصيف الماضي، بهدف نشر الهلع والسخط بين المواطنين.
وأكد المتدخلون على أهمية التصدي لهذا النوع من الأخبار المزيفة، خاصة أن مصدرها جهات معادية تهدف إلى زعزعة الاستقرار الداخلي. كما شددوا على أن مواجهة هذه الأخبار تتطلب جهدًا جماعيًا واعيًا ومنظمًا، نظرًا لتكرار انتشارها بشكل يومي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19607

العدد 19607

الإثنين 28 أكتوير 2024
العدد 19606

العدد 19606

الأحد 27 أكتوير 2024
العدد 19605

العدد 19605

السبت 26 أكتوير 2024
العدد 19604

العدد 19604

الخميس 24 أكتوير 2024