تعزيز مكانة الجزائر في البحر المتوسط وإفريقيا
ميناء الحمدانيـة..مشروع استراتيجي وركيزة أساسية لتطوير القطاع اللوجستي والتجاري
أكد رئيس الجمهورية ضرورة مواصلة بعث الاستثمارات الضخمة والمشاريع الكبرى والبنى التحتية التي تسهم في دعم الاقتصاد الوطني وزيادة القدرة التنافسية للجزائر على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ويعدّ ميناء الحمدانية، أحد أهم المشاريع الاستراتيجية التي تعوّل عليها الجزائر بشكل كبير لدعم اقتصادها، كونه يعتبر ركيزة أساسية لتطوير القطاع اللوجستي والتجاري، خاصة وأن الجزائر مؤهلة لأن تصبح مركزًا تجاريًا ولوجستيًا إقليميًا مهمًا، نظراً لموقعها الجغرافي الذي يربطها بعدة دول، وحدودها البرّية والبحرية مع أكثر من 10 دول إفريقية وأوروبية، ما يمنحها فرصة للعب دور محوري بالمنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، يعمل الرئيس تبون على تجسيد هذا المشروع بشكل كامل، خصوصاً بعد نجاحه في استغلال منجم غارا جبيلات، الذي يُعدّ واحدًا من أهم المشاريع الاستراتيجية في تاريخ الجزائر. ويأتي هذا النجاح بعد فشل العديد من الحكومات السابقة في استغلال المنجم، ما يُبرز قدرة الرئيس تبون على تحقيق إنجازات ملموسة على أرض الواقع.
بوابــة التجـارة والاستثمــار
يعتبر ميناء الحمدانية الواقع في مدينة شرشال بولاية تيبازة أحد أكبر المشاريع الاقتصادية التي تمثل نقلة نوعية في الجزائر، حيث يمتاز الميناء بموقعه الإستراتيجي المطل على البحر الأبيض المتوسط، ما يجعله بوابة رئيسية لربط الجزائر بإفريقيا ودول حوض المتوسط.
ويتوقع أن يعزّز الميناء تدفق البضائع والخدمات اللوجستية، ما سيسهم في جعل الجزائر مركزًا للتجارة الدولية وفك العزلة عن الدول الإفريقية التي ليست لها منافذ بحرية وما يرافق ذلك من إعطاء دفع قوّي للحياة الاقتصادية وتوفير مناصب الشغل.
ويندرج مشروع ميناء الحمدانية في إطار رؤية الرئيس تبون لتحويل الجزائر إلى «بوابة لإفريقيا» في مجال البضائع والخدمات اللوجستية، حيث سيسهم في تحسين بنية النقل وتطوير شبكة طرق جديدة لربط الميناء بمختلف الولايات الجزائرية، وسيكون هذا التحرّك عاملًا مهمًا في تسهيل نقل البضائع بين الجزائر والبلدان الإفريقية عبر الطريق العابر للصحراء، الذي يعد شريانًا رئيسيًا يربط الجزائر بعمقها الإفريقي، بالإضافة إلى مشروع السكك الحديدية الذي يعمل عليه حاليا والذي يصل إلى تمنراست في عمق الصحراء الجزائرية، والذي يضمن نقل الأشخاص والسلع وهذا المشروع يتكامل مع توجه الجزائر إنشاء مناطق اقتصادية حرّة خاصة مع النيجر ومالي لتسهيل حركة البضائع وتصدير المنتجات الجزائرية الى هذه الدول.
عمـلاق البحـر الأبيـض
ومن المتوقع أن يصبح ميناء الحمدانية أحد أكبر الموانئ في منطقة البحر الأبيض المتوسط، بقدرة معالجة تصل إلى 6.5 مليون حاوية سنويًا، ما يجعله يتجاوز العديد من الموانئ المهمة في المنطقة، مثل ميناء مرسيليا الذي تبلغ قدرته حوالي 1.4 مليون حاوية سنويًا، وميناء فالنسيا الذي تصل قدرته إلى 5.05 مليون حاوية سنويًا. وحين يتم تنفيذ المشروع بحسب الخطط المرسومة، يمكن أن يصبح ميناء الحمدانية منافسًا رئيسيًا لموانئ كبيرة مثل ميناء بيريوس في اليونان الذي يعالج 5.65 مليون حاوية سنويًا. وبحسب هذه الأرقام، يتوقّع أن يصبح ميناء الحمدانية أحد المحطات الرئيسية للتجارة البحرية في المتوسط.
ويرى العديد من المختصين أن هذا المشروع يتعدى كونه مجرد مشروع بنية تحتية، بل يعد خطوة استراتيجية تهدف إلى استعادة مكانة الجزائر كقوّة بحرية في منطقة البحر المتوسط، بالنظر إلى أهميته الجغرافية والاقتصادية.
ويُتوقع أن يغير ميناء الحمدانية قواعد اللعبة في مجال اللوجستيات والتجارة العالمية في المنطقة، خاصة وأن الميناء يُعد جزءًا من مبادرة الحزام والطريق الصينية، وتشير التوقعات أن تمويله يقدر بملايير الدولارات، ويأتي كجزء من التعاون الاستراتيجي بين الجزائر والصين.
وتعزّز هذه الشراكة من دور الجزائر كعنصر محوري في المشاريع الاقتصادية العالمية، وتربطها مباشرة بثاني أقوى اقتصاد في العالم، وبالنظر إلى ضخامة المشروع، فإنه لن يقتصر على البعد الاقتصادي فحسب، بل سيسهم في تعزيز موقع الجزائر بالمنطقة، ويمنحها نفوذًا أكبر على المستوى الدولي.