استجابت لظروف تاريخية و احتوت أفكارا ناضجة

أرضية الصومام وطنية بامتياز عكست خلفيات القيــادات المشـاركة

سعاد بوعبوش

ارتكز النقاش في الندوة التاريخية المنظمة، أمس، تحت عنوان «قراءة في وثيقة مؤتمر الصومام» على مجموعة من النقاط سلطت الضوء على مختلف المراحل والظروف والتجاذبات السياسية التي ألقت بظلالها على لغة ومضامين هذه الوثيقة التي كان لها دور حاسم في رسم ملامح مسار الحركة الوطنية فيما بعد لا سيما ما تعلق بالقيادات وتنظيم الهياكل.

وفي ردّهم على الأسئلة المطروحة أوضح الباحث محمد عباس أن وثيقة الصومام تضمنت خلفيات مقرريها من القياديين وانعكست فيها أفكارهم وتطلعاتهم فكانت وثيقة وطنية يسارية بامتياز، حيث تضمنت الجانب التنظيمي من خلال أفكار شنتوف باعتباره كان محاميا والجانب الاقتصادي من خلال مالك نو، وكذا الشق الجماهيري السياسي الذي عكسته مساهمات بجاوي وأوزقان.
أما المؤرخ عامر رخيلة فأوضح أن الحركة الوطنية كانت لديها أسباب ولغة خاصة بها لا شرقية ولا غربية بل أبدعت لغة جديدة يسارية من خلال تناولها لمفاهيم لم تكن معروفة من قبل، غير أنها أهملت الخلفية التاريخية للحركة الوطنية، كما أنها جعلت جبهة التحرير تجد حلقة الثورة استجابة لظروف تاريخية وأفكار ناضجة، ومن ثم المجيء بخطاب وطرح جديد لم يكن معروف.
من جهة أخرى أشار رخيلة إلى أن الوثيقة كانت ترجمة عكست موازين القوى التي كانت متحكمة في زمام الأمور بالرغم من التجاذبات السياسية التي كانت لها انعكاسات هي الأخرى فيما بعد، ومن ثم فهي رسمت الخطوط العريضة لمسار الحركة الوطنية والثورة الجزائرية وساهمت قياداتها في إيصال القضية الجزائرية إلى أروقة الأمم المتحدة عبر الجمعية العامة، مشيرا إلى أنها لو كتبت مثالا في القاهرة أو تونس لاختلف شكلها ومضمونها تماما.
وبخصوص الوثيقة فقد عرفت بعض التحفظات سواء ما تعلق بنشرها من عدم نشرها أو مناقشتها قبل ذلك، ما جعلها لا تحظى بإجماع، خاصة وأن القيادات المتواجدة في الخارج لم تشارك في صياغتها لغياب الحرص على ضمان مشاركتهم من قبل عبان رمضان، ومن ثم كانت نتيجة ميزان قوى هشة في ظل غياب العديد من القيادات على غرار خيدر وبن بلة.
ودعا رخيلة إلى الخروج من دائرة التحفظات وذكر الأحداث ودراستها أكاديميا ونقدها، مشيرا إلى أن كل الألوان الثقافية والسياسية والاقتصادية بإمكانها أن تكتب في الثورة وتساهم في إبراز مكامنها الايجابية والسلبية لأنها كانت نتيجة لعمل بشري وليس تنزيلا إلهيا، مشيرا إلى أن وثيقة الصومام لم يكن لها أي تأثير على دستور ما بعد الاستقلال، حيث لا يمكن من الناحية القانونية الدستورية الكلام عن توافق في النص القانوني، كون أن النص الدستوري يبقى مجرد أحكام دستورية، أما التوافق فهو مصطلح سياسي بحت.
وحول شخصية عبان رمضان ودوره في مسار مؤتمر الصومام، أوضح محمد عباس أن عبان رمضان كان يتميز بقوة الطرح والاقناع، بحيث نجح في ضمّ كل الفعاليات السياسية بما فيها جمعية العلماء المسلمين في الانضواء تحت لواء تنظيم واحد تمثل في جبهة التحرير الوطني.
وفي المقابل أشار المتحدث إلى بعض نقاط الخلاف التي كانت بينه وبعض القياديين في الرؤية والتي قال بشأنها أنها أخطاء فادحة حسبت على عبان رمضان، وهي خلافات غير جوهرية لكن عبان ضخّمها لأغراض سياسية لا سيما ما تعلق بالجماعة المتواجدة بالخارج حول دور القيادة، إلى جانب قضية مطلب الاستقلال والنظر إليه بصيغة تقرير المصير،  والعمل على تحييد بعض القيادات ما انعكس فيما بعد عليه وجعله معزولا.
أما رئيس ديوان الأمين العام لمنظمة المجاهدين عبد الرحمان عروة، فأوضح أن مؤتمر الصومام انعقد في ظروف خاصة ما انعكس على مسار الثورة لا سيما من حيث الجانب التنظيمي، حيث تكونت كل الهياكل، وتكرسّت وحدة العمل الثوري وهو أمر إيجابي.
من جهة أخرى ركز المتدخل على أهداف هجومات 1955 التي لخّصها في فك الحصار على منطقة الأوراس والتضامن مع الشعب المغربي بعد نفي محمد الخامس، ووضع خندق لكل ما يتعلق بالمسلم الجزائري والأوروبي، أما بالنسبة لمؤتمر الصومام فقد ساهم انعقاده وما تمخض عنه من قرارات في إعادة تنظيم الولايات بإضافة ولاية سادسة بقيادة شريف ملاح.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024