كان يوم الخميس الماضي 18 جويلية 2024 عند منتصف الليل، هو آخر أجل للراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، وهذا ما أعلنت عنه السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات للراغبين في الترشح لإيداع التصريح بالترشح لدى رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، ووفقا لأحكام المادة 251 من القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات. حيث ينص القانون على أن يودع التصريح بالترشح في ظرف الأربعين (40) يوما، على الأكثر، الموالية لنشر المرسوم الرئاسي المتضمن استدعاء الهيئة الناخبة.
وضع دستور 2020 معايير جديدة وإعادة ضبط أخرى كشروط للترشح لمنصب رئيس الجمهورية.
في هذا السياق، أشار الدكتور مصطفى بوحاتم، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، في تصريح لـ»الشعب»، إلى أن الشروط التي وضعها الدستور الجديد جاءت متوافقة مع الواقع السياسي الجديد في الجزائر. من بين هذه الشروط شرط الإقامة في الجزائر لمدة لا تقل عن 10 سنوات، حيث يرى الدكتور بوحاتم أنه ليس من المنطقي أن يترشح شخص لرئاسة دولة وهو لا يعيش فيها مدة كافية ليعرف عمقها وجغرافيتها وتفاصيل الحياة اليومية فيها. كما أن الجنسية الجزائرية تعد شرطًا أساسيًا، ويُسقط حق الترشح عن الشخص المتجنس، سواء كان هو أو زوجه، حتى وإن كانت الجنسية الجزائرية المكتسبة الوحيدة، بل يجب أن تكون أصلية.
وفي إطار التعديلات الدستورية التي شهدها دستور 2020 في الجزائر، تم تحديد مجموعة من الشروط التي يجب أن تتوفر في المترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وهي تمثل نقلة نوعية في الحياة السياسية الجزائرية، وفقًا لأحكام المادة 87 من الدستور، تشمل هذه الشروط:
الجنسية الجزائرية الأصلية: يجب أن يكون المترشح من جنسية جزائرية أصلية، ويثبت أن والديه يحملان الجنسية الجزائرية الأصلية.
عدم التجنس بجنسية أجنبية: يتعين ألا يكون المترشح قد حصل على جنسية أجنبية.
الديانة: يجب أن يكون المترشح مسلمًا.
السن: يجب أن يكون المترشح قد بلغ سن الأربعين (40) كاملة يوم إيداع طلب الترشح.
الحقوق المدنية والسياسية: يجب أن يتمتع المرشح بكامل حقوقه المدنية والسياسية.
الجنسية الجزائرية للزوج: يجب أن يثبت المترشح أن زوجه تتمتع بالجنسية الجزائرية الأصلية فقط.
الإقامة الدائمة في الجزائر: يجب أن يثبت المترشح إقامة دائمة في الجزائر لمدة لا تقل عن عشر (10) سنوات قبل إيداع طلب الترشح.
المشاركة في ثورة أول نوفمبر 1954: إذا كان المترشح مولودًا قبل يوليو 1942، يجب أن يثبت مشاركته في ثورة أول نوفمبر 1954.
الخدمة الوطنية: يجب أن يثبت المترشح تأديته الخدمة الوطنية أو المبرر القانوني لعدم تأديتها.
عدم تورط الأبوين في أعمال ضد الثورة: إذا كان المترشح مولودًا بعد جويلية 1942، يجب أن يثبت عدم تورط أبويه في أعمال ضد ثورة أول نوفمبر 1954.
التصريح بالممتلكات: يجب أن يقدم المترشح تصريحًا علنيًا بممتلكاته العقارية والمنقولة داخل الوطن وخارجه. وتعكس هذه الشروط الرغبة في تعزيز النزاهة والشفافية في العملية الانتخابية وضمان أن يكون رئيس الجمهورية شخصًا يتمتع بولاء كامل للوطن وبتاريخ مشرف في خدمة البلاد.
وفي نفس السياق، ترى الدكتورة مختاري زينب المتخصصة في السياسات العامة في تصريح «للشعب»، أن هذه الشروط تهدف إلى ضمان أن يكون المترشح لرئاسة الجمهورية على دراية كاملة بالواقع الجزائري، سواء من الناحية التاريخية أو الاجتماعية أو الجغرافية. فشرط الجنسية الجزائرية الأصلية وعدم التجنس بجنسية أجنبية يعكس رغبة المشرع في التأكيد على ولاء المترشح الكامل للوطن.
كما أن الشرط المتعلق بالإقامة الدائمة لمدة عشر سنوات يهدف إلى ضمان أن يكون المترشح على اتصال وثيق بالحياة اليومية للمواطنين، وملمًّا بالتحديات التي تواجه البلاد. كما يعكس هذا الشرط رغبة في تجنب ترشح شخص قد يكون بعيدًا عن الواقع الجزائري لفترة طويلة.
من جهة أخرى، شرط المشاركة في ثورة أول نوفمبر وعدم تورط الأبوين في أعمال ضد الثورة، تبرز الأهمية التي توليها الدولة للإرث التاريخي والثوري، وتؤكد على ضرورة أن يكون رئيس الجمهورية مرتبطًا بالثوابت الوطنية والتاريخية.
أما الشرط المتعلق بالإسلام، فهو يعكس الطابع الديني للمجتمع الجزائري، حسب الدكتورة مختاري، حيث أن الدين الإسلامي يشكل جزءًا أساسيًّا من هوية الدولة والمجتمع.
وفي المجمل، تعكس هذه الشروط توجهات الدولة في الحفاظ على الهوية الوطنية، وضمان ولاء المترشح للوطن، وتأكده من ارتباطه الوثيق بالتاريخ والثوابت الوطنية.