استراتيجية رئيس الجمهورية حقّقت نتائج غـير مسبوقـة

الثّورة الفلاحية..القوّة الدّافعة للتّحوّل الاقتصادي

علي مجالدي

 يُعد القطاع الفلاحي في الجزائر من أسرع القطاعات نموًّا، حيث يتجاوز النمو السنوي سقف 6 ٪، فقد حقّقت الجزائر إنتاجًا فلاحيًا بقيمة 35 مليار دولار في عام 2023، ما وضعها في الخانة الخضراء وفق مؤشر الأمن الغذائي لمنظمة الغذاء العالمية (فاو)، وهي الدولة الإفريقية الوحيدة التي حظيت بهذا التصنيف.

 أطلقت الدّولة برنامجًا ضخمًا لرقمنة القطاع الفلاحي بدأ في شهر ماي الماضي، ويستمر حتى شهر جويلية الحالي، بهدف توفير أرقام دقيقة عن واقع الفلاحة في الجزائر، ووضع خطط إستراتيجية لدعم القطاع بناءً على بيانات موثوقة.
وخلال السنوات الماضية، تبنّت الجزائر نهجًا جديدًا في المجال الفلاحي يعتمد على الشراكة الإستراتيجية مع مستثمرين أجانب ذوي الخبرة. من بين هذه الشّراكات، تمّ إطلاق مشروع مشترك مع شركة بلدنا القطرية، وهو أكبر مشروع لإنتاج بودرة الحليب في العالم بقيمة تجاوزت 3.5 مليار دولار، على مساحة إجمالية تفوق 100 ألف هكتار. يهدف هذا المشروع الضخم إلى تغطية 50 ٪ من حاجيات الجزائريين من الحليب، بالإضافة إلى توفير كميات كبيرة من اللحوم الحمراء سنويًا.
في مجال الحبوب والبقوليات، عقدت الجزائر شراكة إستراتيجية مع إيطاليا لاستغلال أكثر من 30 ألف هكتار لإنتاج الحبوب، سعيًا لتحقيق الهدف الأسمى وهو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الحبوب بمختلف أنواعها.
ومع اقتراب رئاسيات سبتمبر المسبقة، تواجه الجزائر تحديات كبيرة تتمثل في ضرورة استدامة النمو الاقتصادي، وتحقيق المزيد من التنويع في الاقتصاد، بالإضافة إلى تحسين مناخ الاستثمار لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. ومع ذلك، فإنّ الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الخمس الماضية تعطي مؤشرات إيجابية عن قدرة الجزائر على مواجهة هذه التحديات وتحقيق أهدافها التنموية.

نمــو اقتصــادي

 خلال فترة رئاسة تبون، شهدت الجزائر نمواً ملحوظاً في الناتج المحلي الإجمالي، الذي ارتفع من 145 مليار دولار في عام 2020 إلى أكثر من 267 مليار دولار في عام 2024، وفقاً لتوقعات البنك الدولي. هذا النمو جعل الجزائر ثالث أكبر اقتصاد في أفريقيا بعد جنوب إفريقيا ومصر. كما ارتفع متوسط الدخل الفردي من 3200 دولار في عام 2020 إلى أكثر من 5500 دولار في عام 2024، ما يعكس تحسناً ملحوظاً في المستوى المعيشي للسكان.
كما شهدت الجزائر خلال العامين الماضيين زيادة كبيرة في الأجور بنسبة 48 ٪، مع خطط لزيادة هذه النسبة إلى 100 ٪ بحلول عام 2026. هذه الزيادات ساهمت بشكل كبير في تحسين القدرة الشرائية للمواطنين ورفع مستوى معيشتهم. بالإضافة إلى ذلك، قامت السلطات الجزائرية بإطلاق منحة خاصة بالبطالين بقيمة 15 ألف دينار جزائري شهرياً، لدعم الشباب العاطل عن العمل وحفظ كرامته حتى يتمكن من الحصول على وظيفة قارة.
كما عرفت الصادرات الجزائرية نمواً كبيراً، حيث من المتوقع أن تحقق البلاد 14 مليار دولار من صادرات خارج قطاع المحروقات في عام 2024، مقارنة بـ 2 مليار دولار في عام 2020.

مشاريـــع إستراتيجيـة

 منذ استقلالها، تبنّت جل الحكومات الجزائرية شعار تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد شبه المطلق على قطاع المحروقات. كان هذا الهدف أيضًا محور اهتمام الرئيس عبد المجيد تبون، الذي وضع خطة إستراتيجية واقعية صادقة وقابلة للتنفيذ لتحقيقه. تتكون هذه الخطة من عدة مراحل، حيث تعتمد المرحلة الأولى على إطلاق مشاريع إستراتيجية كبرى في مجال التعدين، بينما تركز المرحلة الثانية على دعم الشركات الناشئة والصناعيين الجزائريين لتعزيز الإنتاج الصناعي الوطني. يتم ذلك من خلال تنظيم عملية الاستيراد العشوائي وحماية المنتجات الوطنية.
أحد أهم المشاريع التي ستدخل حيز الخدمة قريبًا هو استغلال منجم غارا جبيلات بولاية تندوف، والذي يُعد أحد أكبر مناجم الحديد في العالم باحتياطي يتجاوز 3 مليارات طن من خام الحديد. تسعى الجزائر إلى تحقيق إنتاج سنوي من الحديد المصنع يصل إلى 40 مليون طن، ممّا يجعلها أحد أكبر المنتجين لخام الحديد في العالم. يرافق هذا المشروع الضخم إطلاق أكبر مشروع للسكة الحديدية في الجزائر منذ الاستقلال، بطول يتجاوز 2000 كيلومتر، موزعة على عدة مناطق لتسهيل نقل المواد الأولية من مناطق الاستخراج إلى مصانع التحويل.
علاوة على ذلك، أطلقت الجزائر مشروعًا ضخمًا لاستغلال الفوسفات في شرق البلاد، من شأنه أن يدعم التنمية المحلية في ولايات تبسة، سوق أهراس، سكيكدة وعنابة. يهدف المشروع إلى خلق آلاف مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة، بالإضافة إلى ذلك، بدأت الجزائر في استغلال أحد أكبر مناجم الزنك والرصاص في العالم في ولاية بجاية بوادي أميزور، حيث يهدف المشروع إلى استخراج 2 مليون طن من المعادن سنويًا، منها 170 ألف طن من مركز الزنك و30 ألف طن من الرصاص. تجدر الإشارة إلى أنّ كمية الزنك قابلة للزيادة مستقبلًا، ويمكن أن تصل إلى 250 ألف طن عندما يصل المصنع إلى ذروة الإنتاج.
بالإضافة إلى إطلاق العديد من المشاريع الأخرى في عنابة، أم البواقي، معسكر، وتلمسان، حيث تسعى الجزائر إلى استغلال الثروة المعدنية المتوفرة لديها. وتقليص فاتورة الاستيراد وتوجيه الإنتاج للسوق الوطني في المرحلة الأولى، ومن ثم تصدير الفائض في المرحلة الثانية.ويرى العديد من الخبراء أن هذه المشاريع الإستراتيجية يمكن أن توفر ما بين 15-20 مليار دولار سنويًا من صادرات العملة الصعبة بعد بلوغها مراحل الإنتاج النهائية، وما قيمته 60-70 مليار دولار كقيمة مضافة للناتج المحلي الإجمالي. يساهم ذلك في تحقيق هدف الجزائر المحدد لعام 2026، وهو الوصول إلى ناتج محلي إجمالي قدره 400 مليار دولار. وقد أكد رئيس الجمهورية في عدة مناسبات أن تحقيق هذا الهدف ليس بالأمر الصعب.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024