يعد المرجان أحد أشهر الأحجار الكريمة بالرغم من انه لا يعد من المواد المعدنية، بل يعتبر من المواد الحيوانية (العضوية) والمرجان هو أحد المواد العضوية الأكثر قدما وإستعمالا في صناعة الحلي حيث ظل المرجان عشرين قرنا يصنف من الأحجار الكريمة الثمينة، والمرجان يتركب من مادة كربونات الكالسيوم والمادة المرجانية الحمراء في الهيكل الصلب لمستعمرة المرجان وهي التي تعطينا شكلها المألوف، وتتركب هذه المادة من شويكات دقيقة حمراء اللون يفرزها حيوان المرجان، وبعد إفراز هذه الشويكات تتماسك مع بعضها البعض وتخرج هذه الأفراد التي تستخدم كل منها في صناعة الحلي، وقد عرفه العالم العربي (التيفاشي) بقوله: “والمرجان متوسط بين عالمي النبات والجماد وذلك أنه يشبه النبات بكونه أشجار تنبت في أعماق البحار ذات عروق وأغصان حمر متشعبة قائمة”.
تعد الجزائر من أهم مناجم هذا المعدن النفيس، لكن يبقى خارج دائرة الاستغلال بفعل العديد من العوامل، كضعف استغلال المرجان في الصناعات المحلية ما دفع إلى تهميش استخدامه محليا، لكن نجد في المقابل ازدياد الطلب عليه في السوق الدولية وهذا اكبر سبب يدفع إلى تهريب هذه المادة وبيعها بأبخس الأثمان دون أسعارها الحقيقية.
طرق وأساليب تهريب المرجان
إن تهريب المرجان من الجرائم العابرة للقارات بسبب استغلال هذه المادة في الصناعات التجميلية ما تعلق بالحلي والذهب والأحجار الكريمة والتي ترتكب كثيرا من طرف أشخاص بطرق غير شرعية هدفهم الربح السريع ولو على حساب استنزاف مقدرات هذه الثروة الطبيعية والقضاء على الشعاب المرجانية التي يجب أن تستغل استغلالا عقلانيا وإلا تعرضت إلى الموت والضمور .
ويمكن القول بأن مادة المرجان هي موضوع التهريب لأنها مادة غير مشروعة التداول خارج الأطر القانونية المحددة من طرف الدولة ولا يسمح التصرف أو المتاجرة فيها، فيلجأ المهربون بتهريبها بأسعار بخسة جدا مقارنة مع سعرها الحقيقي وهذا ما شجع الدول المجاورة على الطلب الكثير والمتزايد على هذه المادة الثمينة، وسوف نتطرق في هذا الموضوع إلى أهم منافذ تهريب المرجان بالجهة الشرقية والحيل المستخدمة في التهريب.
سلاسل التهريب عن الطريق البري
يسلك المهربون الطريق البري باستعمال العربات والسيارات إلى الأماكن القريبة من الحدود ثم يكملون الطريق سيرا على الأقدام بحلول الظلام، أين تبدأ المجموعات في السير، حيث نجدهم يقومون بأعمالهم دائما في الليالي المظلمة كما أنهم منظمون، ويدركون جيدا حجم الاستعداد من طرف قوات الأمن، بمعنى أن لهم كاشفين لتغطيتهم أثناء عملياتهم.
إلا أننا نجد في بعض الأحيان لهم كلاب مدربة إضافة إلى كلمات السر والإشارات يتبادلون بها المعلومات عبر الحدود، فنرى المهربين يحاولون قدر الإمكان أن لا يتركوا ورائهم آثار الأقدام .
وبما أن للمرجان رائحة مميزة فإن المهربين قاموا باكتشاف حيل حيث توضع قطع المرجان في لفائف قطنية وتصب عليها مواد كيميائية سائلة تزيل الرائحة تحسبا للكلاب المدربة وهناك الكثير من الأشخاص متواطئون في هذه الجريمة بما فيها عائلات تشكل دعما لوجستيكيا لهذه العصابات وبطريقة عجيبة لا يمكنك اكتشافها إلا بصعوبة إلا من خلال المرافقين .
كذلك قيام الرعاة بتداول المادة المهربة خاصة وأن المنطقة الحدودية تتميز بطابعها الرعوي الغابي والجبلي ويكثر فيها ممارسو هذه الحرفة ولا يمكن تحديد أشخاص معينين مهما كانت فطنتك.
التهريب من خلال الطريق البحري
تهريب المرجان عن الطريق البحر يتم بإستعمال قوارب الصيد الصغيرة، من خلال وضع المرجان في صناديق ثقيلة محكمة الغلق ويقومون بربط الصندوق في القارب ورميه داخل البحر مما يسهل عليهم تمريره إلى الضفاف المجاورة، وعند مداهمة حراس السواحل لهم أو عند الشعور بأي خطر فإن أكثرهم ما يقوم برمي تلك الحبال في البحر والإستغناء عن المرجان لعدم ثبوت الجريمة عليهم وعدم مسكهم متلبسين فتهدر تلك الثروة الثمينة في البحر.
طرق مكافحة ظاهرة التهريب في ظل الأحكام الجديدة
شددت الدولة الجزائرية الطوق على المجموعات المهربة للمرجان بغرض حماية هذه الثروة الطبيعية من أيادي العابثين ممن يستنزفون مقدرات البلاد من هذا المعدن الطبيعي النفيس كان آخرها إنشاء المرصد الوطني لحماية المرجان بولاية الطارف العام الماضي، هذه الأخيرة التي تعتبر اهم الحقول الطبيعية لهذه الثروة، بالإضافة إلى كون ولاية الطارف على خط النار الذي تتخذه عصابات التهريب لانطلاق عملياتها لمحاذاتها للحدود البرية لتونس وكذا حوض البحر الأبيض المتوسط ، كما اتبعت هذه الإجراءات العملية بترسانة من القوانين طيلة العشر سنوات الفارطة بإشراك كافة الفعاليات والفئات الاجتماعية في الحفاظ على هذه الثروة الطبيعية ، أهمها الأمر رقم 05-06 المؤرخ في 18 رجب عام 1426 الموافق لـ 23 أوت سنة 2005 والمتعلق بمكافحة التهريب و الذي يهدف إلى دعم وسائل مكافحة التهريب من خلال :
وضع تدابير وقائية وتحفيز مشاركة المجتمع المدني
لقد خصص الأمر 05-06 فصلا كاملا للتدابير الوقائية لغرض زيادة تفعيل مكافحة التهريب كما نص على ضرورة إصدار النصوص التنظيمية المتعلقة بذلك، حيث وفي هذا الشأن أكد على ما يلي:
- مراقبة تدفق البضائع التي تكون عرضة للتهريب وهي مهمة خاصة بالجمارك .
- وضع نظام للكشف عن مواصفات البضائع ومصدرها.
- مهمة إعلام وتحسيس المستهلك حول مخاطر التهريب وهي مهمة مسندة كذلك إلى إدارة الجمارك والمصالح الأمنية، إضافة إلي الهيئات المكلفة بمكافحة الغش (مديريات التجارة والمنافسة ومكافحة الغش و كذا مصالح الضرائب).
تعميم نشر القوانين المتعلقة بحماية الملكية الفكرية (الديوان الوطني لحماية الملكية الفكرية).
- تعميم إستعمال وسائل الدفع الإلكتروني .
- دعم الترتيب الأمني للشريط الحدودي وبشكل خاص في المناطق البعيدة عن مراكز المراقبة وهذا بالتنسيق بين الجمارك والجيش الوطني الشعبي (حرس الحدود).
- ترقية التعاون الدولي في مجال مكافحة التهريب على المستويين القضائي والعملياتي .
- ومن جهة أخرى فقد حفز الأمر مشاركة المجتمع المدني وذلك عن طريق المساهمة في تعميم ونشر برامج تعليمية وتربوية وتحسيسية حول مخاطر التهريب على الإقتصاد والصحة العمومية.
- إبلاغ السلطات العمومية عن أفعال التهريب وشبكات توزيع وبيع البضائع المهربة والمساهمة في فرض إحترام أخلاقيات المعاملات التجارية .
- كما تضمن المادة الخامسة من الأمر تحفيز الكشف عن أفعال التهريب حيث يمكن تقديم تحفيزات مالية أو غيرها للأشخاص اللذين يقدمون للسلطات المختصة معلومات من شأنها أن تقضي الى القبض على المهربين .