ثمّن المشاركون في الصالون الجهوي للمؤسسات المصغرة المنظم، مؤخرا، بمستغانم، الجهود التي تبذلها الحكومة والوزارة المنتدبة المكلفة بالمؤسسات المصغرة والإستراتيجية الجديدة التي تبنتها لترقية المقاولاتية والتعريف بالامتيازات والتسهيلات المقدمة للشباب حاملي المشاريع، بهدف توفير المناخ الملائم لنشاط هذه المؤسسات، ما يمكنها من الاستمرار والمحافظة على حصصها السوقية، من جهة، والولوج إلى الأسواق الوطنية وحتى العالمية، من جهة أخرى.
تعتبر المؤسسات المصغرة إحدى المرتكزات الأساسية في التنويع الاقتصادي وتسريع وتيرة النشاط التجاري والصناعي، وفي المساهمة في التنمية المحلية والاقتصاد الوطني، وبهذا يعد الصالون الجهوي للمؤسسات المصغرة فرصة للمشاريع المستحدثة للتعريف بمنتجاتها وخدماتها وعقد علاقات عمل وصفقات تجارية بينها وبين مختلف المتعاملين المشاركين، فضلا عن تبادل التجارب والخبرات في مختلف المجالات.
ووقفت «الشعب» عند عيّنة من هؤلاء الشباب للتعرف عن قرب على مؤسساتهم وأهم الصعوبات والعراقيل التي تواجههم، وحسب تصريح أحد العارضين بن أحمد فتحي صاحب مؤسسة مصغرة لصناعة جميع المواد المختلفة من الورق (العلب الكرتونية الخاصة بـ «البيتزا» و»طاكوس») من ولاية غليزان، وبعدها تم تطوير المشروع بالعمل مع المصانع والشركات، من خلال صنع أكياس التعبئة الخاصة بالشركة وكل العلب على حسب الطلب.
حيث أكد أنّ المشروع انطلق سنة 2018 بدعم من «أناد» وهو ناجح مائة بالمائة نظرا للطلب والإقبال الكبير على المنتوجات، حيث يسعى الشاب فتحي إلى العمل على صنع المادة الأولية، بدلا من استيرادها من الخارج للنقص من أعباء التكاليف الباهظة.
وطالب بتنظيم المزيد من مثل هذه الصالونات التي من شأنها التقرب والتعرف على أصحاب مؤسسات أخرى للاحتكاك بهم وتبادل الأفكار فيما بينهم، وكذا التعريف بالمؤسسة والتسويق للمنتوج، ومن بين أهم العراقيل التي تواجه بن أحمد فتحي وهي المقر الذي يحد من توسعة نشاطه.
وثمّن فتحي جهود الوزير المنتدب ووقوفه على كل صغيرة وكبيرة تخصّ أصحاب المؤسسات المصغرة مع الدعم والمرافقة الدائمة إلى جانب التسهيلات الكبيرة المقدمة وفتح الأبواب للاستماع إلى كل الانشغالات والمشاكل التي تواجه الشباب.
ومن جهتها، طرحت بن صالح شريفة صاحبة معمل للخياطة العصرية والتقليدية رجال ونساء من مستغانم نفس المشكل المتعلق بالمحل، وأنّ الكراء أرهق كاهلها بالرغم من تواجدها في الميدان، منذ 3 أشهر، فقط بتدعيم من الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية، وفي هذا السياق، ثمّنت الشابة شريفة التسهيلات المقدمة في سبيل تجسيد مشروعها على أرض الواقع، خاصة وأنّ المنتوج يعرف إقبالا معتبر من قبل أصحاب المحلات في انتظار دخول مناطق النشاطات الموجهة لهم حيّز الخدمة.
أما بونوة إبراهيم من الشلف خاص بصناعة عتاد التبريد والطهي الكهربائي ولوازم المطاعم والفنادق طالب الجهات المعنية بالتدخل من أجل إنقاذ مشروعه، الذي انطلق سنة 2015، الذي كان يحظى بإقبال كبير من داخل وخارج الوطن، لكن مع الوضع الوبائي بسبب فيروس كورونا تراجع بصورة كبيرة، فبعدما كان يشغل 10 عمال أمام الظروف المادية الصعبة لم يتبق سوى عاملين، إلى جانب ندرة المادة الأولية مع نقص الاستيراد وارتفاع ثمنها بـ 3 أضعاف، كما نوّه بالدور الكبير الذي تلعبه الجهات المعنية في سبيل تمكينهم من أن يكونوا قوة دافعة للحراك الاقتصادي في الدولة.
وتعكف السلطات المحلية لولاية مستغانم على إنشاء منطقتي نشاط مخصصة للشباب أصحاب المؤسسات المصغرة بعدما تم الانتهاء من الدراسات، في انتظار التمويل من السلطات المعنية لبناء عدة مآرب في إطار الدعم والمرافقة التي توليها الحكومة لهذه المؤسسات للمساهمة في تدعيم الإنتاج والاقتصاد الوطني وتطويره.
فيما سيتم إنشاء هذه المناطق في كل من 19 بمستغانم و14 ببلدية حجاج، وبهذا ستصبح مستغانم سباقة على المستوى الوطني، ممّا سيخفف العبء على أصحاب المشاريع الذين أرقهم مشكل كراء المحلات.
وأكدت فرشيشي رئيسة ديوان الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالمؤسسات المصغرة أنّ الهدف من تنظيم مثل هذه المعارض هو التعريف بالمقاولاتية وتشجيع توجه الشباب إلى تسبب مؤسساتهم المصغرة حتى يتم صنع نوع من التواصل بين أصحاب المؤسسات المصغرة، على المستوى الجهوي لعقد شراكة فيما بينهم وتبادل الخبرات والأفكار.
إبراز دور المؤسسات المصغرة
ومن جانبه، كشف مدير الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية بقدوري حكيم، أنّ الصالون الجهوي فرصة لإبراز دور المؤسسات المصغرة في دعم التنمية الاقتصادية، وأنّ تنظيمه بمستغانم جاء لعدة اعتبارات أهمها الموقع الاستراتيجي الهام وكذا التنوع الاقتصادي الموجود بالولاية، التي عرفت قفزة نوعية في مختلف القطاعات، خلال السنوات الأخيرة.
وضمّ المعرض أكبر قدر من التنوّع من ناحية النشاطات - حسب ذات المتحدث - التي تبرز جهود الدولة في دعم الشباب لخلق مؤسساتهم وكذا قدرات الشباب من ناحية التكامل الاقتصادي وترابطهم وأثرهم في الاقتصاد المحلي والوطني، وخاصة في مجالات الصناعات التحويلية والغذائية، التجهيزات المنزلية والآلات الفلاحية ومختلف المشاريع الجديدة التي تحقق إقلاع اقتصادي مباشر.
ونوّه المدير بفطنة الشباب الذي استغل –حسبه- مرحلة كوفيد، لإبراز قدراته وإبداعاته، من خلال التحوّل في إنتاج كل نقص، على مستوى السوق المحلي، بحيث قام العديد من الشباب بتعويض الواردات بتجهيزات منتجة محليا.
يعد الصالون الجهوي للمؤسسات المصغرة فرصة لالتقاء الشباب المستثمر وتبادل الخبرات والأفكار وإنشاء روابط بين مختلف المؤسسات من أجل الرفع من مستوى منتجاتهم والتسويق لها، ممّا يمكنهم من الخروج من الحلقة الضيقة (السوق المحلي) والولوج إلى الأسواق الوطنية ولما لا العالمية.
التعريف بالتسهيلات المقدمة للشباب
وأشار بقدوري حكيم إلى أنّ المساعدات المالية والمعنوية والمرافقة لا تعد ولا تحصى لفائدة الشباب حاملي المشاريع لتشجيعهم على إنشاء مؤسساتهم المصغرة التي ستساهم في التنمية المحلية، وأنّ الوكالة عن طريق الوزارة المنتدبة تأخذ كل جوانب المؤسسة المصغرة بعين الاعتبار، بحيث تعرف وجود مؤسسة تنجح ومؤسسة تواجه مشاكل وأخرى لربما تتعثر، وبهذا تم إنشاء بوابة الكترونية للمؤسسات المتعثرة حتى نتمكن من معرفة سبب تعثرها وكيفية مرافقتها وتوجيهها وخاصة في الجانب المالي.
وفي هذا السياق، كشف ذات المتحدث عن وضع آليات جديدة متمثلة في قرض الاستغلال بقيمة مالية تقدر بحوالي مليون دينار بالنسبة للمؤسسة التي ليس لديها إمكانيات مالية، ممّا سيمكنها من شراء المواد الأولية ومباشرة مهامها بكل أريحية حتى تضمن ديمومتها.
أما بالنسبة للمؤسسات التي تواجه مشاكل في ولوج الأسواق المحلية وفي المشاريع حسب الصفقات العمومية تقوم مختلف المصالح بمساعدتها ومرافقتها لدى القطاعات المعنية للحصول على مشاريع تمكنها من الانطلاق وتجسّد تواجدها على مستوى الاقتصاد المحلي، يضيف ذات المسؤول.
إقبال للطلبة والمتربصين
عرف الصالون توافدا كبيرا للطلبة الجامعيين والمتربصين بمراكز ومعاهد التكوين المهني الحاملين للأفكار والمشاريع للتعرف عن قرب على المؤسسات المصغرة والاحتكاك بأصحابها ذوي الخبرة في الميدان، فضلا عن معرفة العقبات والمشاكل التي واجهتهم لتفاديها مستقبلا، وهكذا ينتقل تفكير الشاب من فكرة طلب منصب عمل إلى إنشاء مؤسسة وبهذا يصبح خزان للوظائف.
وفي ذات الصدد، أوضح مدير الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية، أنّ مصالحه ليست بمعزل عن مختلف القطاعات بما فيها مديرية التكوين المهني والجامعة، بحيث يوجد اتفاقيتين بين كلا المؤسستين تتمثل في إنشاء دار المرافقة ودار المقاولاتية على مستوى الجامعة، يكونوا جسر تواصل بيننا وبين الطلبة والمتربصين، فضلا عن تشجيعهم على استحداث مؤسساتهم المصغرة.
للتذكير، تم تنظيم الصالون الجهوي للمؤسسات المصغرة في طبعته الأولى، أيام 16/17/18 جانفي الجاري، بمشاركة أكثر من 86 مؤسسة مصغرة قدموا من 11 ولاية.