- العالم سجّل حالات وفـــــاة بالمتحوّر الجديد
- تلقيح الأساتذة لمنع تحوّل المدارس إلى بؤر
مع بلوغ منحنى الإصابات اليومية عتبة 500 إصابة، أصبح خيار العودة الى الحجر الصحي مطروحا بقوة، فإذا أخذنا بعين الاعتبار ضعف نسبة التلقيح في الجزائر، حيث بلغت 28 بالمائة وكذا الخصائص الجينية للمتحور “دلتا “ و«أوميكرون”، الى جانب حالة التراخي العامة في احترام الإجراءات الوقائية، وغياب الصرامة في تطبيق البروتوكول الصحي في المؤسسات التربوية، سيكون تحولها الى بؤر لانتشار العدوى مسألة وقت فقط.
اتّفق المختصّون على ضرورة التطبيق الصارم للبروتوكول الصحي في المؤسسات التعليمية لكسر سلسلة العدوى، في انتظار ما ستفرزه تطورات الوضع الوبائي من قرارات، حيث أكّدوا ضرورة العودة الى الحجر الصحي للحد من شراسة وقوة رابع موجات كوفيد-19، خاصة وأن الجزائر لا تملك إحصائيات دقيقة عن العدد الحقيقي لحالات الإصابة بفيروس كورونا.
عيساني: الحجر الصحي خيار استتباقي
أكّد عضو المجلس الوطني لأخلاقيات الطب، ورئيس اللجنة الجهوية لأخلاقيات الطب على مستوى ولاية عنابة الدكتور محمد عيساني في اتصال مع “الشعب”، أنّ التطورات التي يعرفها الوضع الوبائي في الجزائر يفرض خيار العودة الى الحجر الصحي، فتزايد حالات الإصابة اليومية ليس فقط نتيجة موجة رابعة للمتحور “دلتا” بل اعتبره تزايد نتيجة دخول الطفرة “اوميكرون”، ولاحظ في الوقت نفسه أنّ الدراسة التسلسلية لا تتم بطريقة آنية، ولا تجرى في جميع المختبرات عبر مختلف مناطق الوطن لاقتصارها على معهد باستور بالعاصمة فقط، ما يجعلها تلبي أقل من 1 بالمائة من التحاليل بسبب قدرتها المحدودة على إجرائها.
ويرى عيساني أنّ المتحوّر “اوميكرون” دخل سباق المتحورات في الجزائر بدليل ان المنحنى التصاعدي لعدد الإصابات الجديدة لا ينطبق مع منحنى المتحور “دلتا”، وكأنه طفرة أخرى، لذلك يمكن القول أن المعطيات الإحصائية الرسمية لـ “أوميكرون” لا تمثل العدد الحقيقي لعدد الإصابات بهذا المتحور، حيث يمكن مضاعفته الى ألف مرة حتى نجد العدد الحقيقي لتزايد عدد الإصابات به.
في السياق نفسه، اعتبر الدكتور أن خيار الحجر الصحي إجراء استباقي لتفادي الضغط الكبير على المنظومة الصحية او حتى انهيارها لأنه بمثابة الحل الوحيد، وقال إنّ القضية هنا ليست مرتبطة بالمؤسسات التربوية والجامعات فقط بل تتجاوزهما الى المجتمع، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار حالة التراخي والاستهتار الكبيرين بين المواطنين، حيث نشاهد ونلمس يوميا ابتعادهم الكلي عن الإجراءات الوقائية، وكأنهم يعيشون حالة نسيان أو إنكار تام لخطر الوباء الذي ما زال موجودا بيننا، وهو بالضبط ما يترجمه العزوف الكبير عن التلقيح.
وكشف عيساني أن الجانب الخطير من “اوميكرون” في انه خطير على الشريحة التي تقل أعمارها عن 65 سنة، والتي تعاني من أمراض مزمنة وكذا المسنين، ما يجعل من احتمال خطر تشبع المنظومة الصحية كبيرا جدا، فالحاجة الى الأوكسجين الطبي ستتضاعف بـ 10 مرات، وإذا أجرينا حسابا دقيقا لاحتياجات الأوكسجين مع وجود المتحور “اوميكرون” نجده سيتفاقم، بالنظر الى العدد المنخفض للأشخاص الملقحين من جهة، وكذا حالات تسبب الإصابة في قصور تنفسي وحالات التهابية قوية تستوجب تنفسا اصطناعيا بنسبة 10 مرات اكبر من “دلتا”.
وعن تطبيق الحجر الصحي، قال المتحدث إنه يجب ان يكون مرتبطا بالحالة الوبائية لكل ولاية لان الجزائر دولة قارة، فبينما نسجل حالات إصابة في ولاية ما نجد ان خلو الأخرى من اية إصابة بالعدوى، لذلك تسيير الازمة يتطلب أخذ خصوصية الوضعية الوبائية في كل ولاية بعين الاعتبار، بحيث يتزايد او يخفف او يرفع الحجر الصحي حسب ما تفرزه من تطورات، مع الإبقاء على الالتزام بالإجراءات الوقائية مع رصد الحالات المستجدة لان المتحور “اوميكرون” سينتشر في الجزائر كلها نظرا لسرعة انتشاره الكبيرة جدا.
في ذات السياق، ارجع ضرورة العودة الى تدابير الحجر الصحي الى التجربة العالمية وليس الجزائرية فقط، مؤكدا ان الحجر الكلي مرتبط بتجاوز عدد الإصابات اليومية الـ 1500 حالة، والجزائر لم تصل بعد الى هذا العدد في تقييمها اليومي للحالات الجديدة المسجلة.
وعن أهم الرسائل التي يمكن توجيهها الى المجتمع، قال عيساني إنّ الرسالة الأولى والأهم هي الانضباط على مستوى التجمعات السكانية والتقاطع السكاني والمؤسسات التربوية مع الاحترام التام والتطبيق الصارم للبروتوكول الصحي، أما الثانية فهي انخراط المنظومة الإعلامية الوطنية في التحسيس والتوعية لاستقطاب غير الملقحين من أجل التوجه الى مراكز التلقيح لأخذ جرعة الحماية والوقاية، أما الثالثة فهي موجهة الى أولئك الأشخاص الذين اخذوا الجرعة الثانية من اللقاح حتى يذهبوا لأخذ الجرعة الثالثة او المعززة لجهاز المناعة بعد ستة أشهر من اخذهم الجرعة الثانية من اللقاح، ملاحظا ان الالتزام بالإجراءات الوقائية سيسمح بالعودة الى الحياة الطبيعية في تعايش تام مع الفيروس بعيدا أي خطر.
ولاحظ عضو المجلس الوطني لأخلاقيات الطب ورئيس اللجنة الجهوية لأخلاقيات الطب على مستوى ولاية عنابة، أيضا تزايد حالات الوفيات وسط ممارسي الصحة العمومية في مصالح “كوفيد”، وأكد تسجيل حالتين الى ثلاث حالة وفاة كل أسبوع منذ شهر، داعيا السلطات العليا توفير وسائل الحماية للأطباء، وكذا الوزارة الوصية من أجل تهيئة أروقة “كوفيد” عازلة لمرضى “كوفيد” عن المرضى الآخرين من أجل الاستمرار بالتكفل بهم على مستوى مختلف المؤسسات الاستشفائية، حيث لاحظ اختلاطا كبيرا في التكفل بين مرضى “كوفيد”، وغيرهم من المرضى في الاستعجالات لمنع انتشار العدوى في المستشفيات.
حميدي: إجبار الأساتذة على التّلقيح
في اتصال مع “الشعب”، قال المختص في الصحة العمومية الطبيب رشيد حميدي في تقييمه للوضع الوبائي، أنّ سرعة انتشار المتحور “اوميكرون” مرتبطة بامتلاكه 50 طفرة، من بينها 35 طفرة تفتح المجال للعدوى، لذلك ستكون الجزائر امام تزايد حالات الإصابة بهذا المتحور في الأيام القادمة، مع الاخذ بعين الاعتبار ان معهد باستور هو الوحيد الذي يجري تحليلات جينية لتشخيص نوع المتحور، بالإضافة الى ان الحالات المأخوذة هي تلك المتعلقة باختبار “بي سي آر”، أما الأخرى فغير معنية بالإحصاء ما يعني ان العدد الحقيقي أكبر بكثير من العدد الرسمي يتضاعف الى ثلاث او أربع مرات.
ولاحظ الطبيب ان المتحور “دلتا” ما زال يحصد الأرواح بل هو في تزايد مستمر في الموجة الرابعة مثلما كان في الثالثة، ما يستدعي حسبه الإقبال على التلقيح لتفادي الأسوأ، خاصة وان نسبة 95 بالمائة من وفيات هذا المتحور غير ملقّحين، لذلك لا بد من الانتقال من حالة التراخي والاستهتار، وتصديق الإشاعات إلى الالتزام التام بالإجراءات الوقائية والابتعاد عن التجمعات خاصة الأعراس والجنائز، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار الارتفاع الكبير في عدد استشفاء مرضى كوفيد، وكذا تشبع مصالح الإنعاش في المستشفيات.
وعن الطفل في معادلة العدوى، قال انه ناقل للعدوى لذلك يجب ابعاده عن المسنين، خاصة وان “أوميكرون” له نفس أعراض الزكام، حيث يتميز بالتهاب في الحلق يصل الرئتين فقط في حالة الأشخاص الذين يعانون امراضا مزمنة، لهذا يخطئ الناس كثيرا في زيارة الجد والجدة بصحبة أطفالهم المزكومين، لقدرتهم على نقل العدوى، لذلك يجب البقاء في البيت في حالة الإصابة، فالكثير ممن توفوا في الموجة الثالثة كانوا ممن يعانون السكري والقلب.
ونصح الدكتور بالعودة الى طريقة العزل، فمن يجد نفسه يعاني اعراض الزكام او الرشح يعزل نفسه عشرة أيام أو على الاقل 5 أيام، وخلص إلى القول “حقيقة لم نحص حالات معقدة من “اوميكرون” لكن العالم سجل حالات وفاة بهذا المتحور الجديد”، مرجعا غيابها في الجزائر الى غياب التشخيص بسبب وجود معهد واحد فقط عبر الوطن هو معهد باستور لتشخيص الحالات.
وأشار في نفس الوقت إلى ضرورة توحيد العلاج الطبي لحالات كوفيد، فالملاحظ في الميدان يجد أن كل طبيب يعطي المريض وصفة خاصة به قد تضم اكثر من مضاد حيوي قد يصل عددها الى ثلاث، وتساءل عن جدوى إعطاء المريض مضادين حيويين لان واحد يكفي لمنع التعفنات، فكورونا تصيب من يعانون نقصا في المناعة، واعطائه مضادات حيوية أكثر من واحد ستتسبّب في مقاومة البكتيريات الاخرى، ما يزيد التعفن ويساهم في خفض مناعة المريض.
أما عن تفادي تحول المدارس او المؤسسات التعليمية لبؤر لانتشار العدوى، قال حميدي إن أول خطوة هي اجبار الأساتذة على التلقيح، بالإضافة الى التطبيق الصارم للإجراءات الوقائية، خاصة ارتداء القناع الواقي والتباعد الاجتماعي، مع وجود عدد قليل للتلاميذ في القسم مع تهوية قاعة التدريس، حتى نستطيع كسر سلسلة العدوى داخلها.
في سياق ذي صلة، لاحظ الطبيب غيابا تاما للصرامة في تطبيق البروتوكول الصحي على مستوى المؤسسات التعليمية، بل حتى في مختلف المؤسسات يجب احترام الإجراءات الوقائية مع توفير وسائل التعقيم داخلها مع المحافظة على التباعد الاجتماعي لمنع انتشار العدوى داخلها، متسائلا عن الدور طب العمل في احترام الإجراءات الوقائية وتوفير وسائل الوقاية على مستوى المؤسسات، وأخذ كل الاحتياطات اللازمة لتفادي انتشار فيروس كورونا، فحتى الذي يقول بأن “أوميكرون” كالزكام أعراضه خفيفة، يجب أن يعلم أن الزكام قاتل، وأنّ “اوميكرون” شديد العدوى.