أزمة كورونا فرصة لتدارك الأخطاء

جلسات وطنية للصحة .. المحطة الفاصلة في 2022

صونيا طبة

سيعرف قطاع الصحة في سنة 2022 جلسات وطنية ستكون محطة كبرى وفاصلة لإعادة النظر في المنظومة الصحية في الجزائر وتجسيد الإصلاح الجذري الشامل والخروج بحلول عملية للمشاكل العالقة،خاصة ما تعلق بتوفير الإمكانيات اللازمة للتكفل بالمرضى وتحسين الوضع الصحي للمهنيين على مستوى جميع المؤسسات الاستشفائية وكذا تصحيح بعض الاختلالات والأخطاء المرتكبة في تسيير الأزمة الصحية في السنة الماضية.

أكد رئيس النقابة الوطنية لمستخدمي الصحة الدكتور الياس مرابط أن المنظومة الصحية في الجزائر تحتاج إلى اصلاحات جذرية عميقة نظرا للاختلالات الكثيرة التي تعتري القطاع، منذ سنوات، والتي زادت منذ انتشار جائحة كورونا في البلاد، مشيرا الى أهمية الجلسات الوطنية للصحة لرفع النظام الصحي الى المستوى اللائق، خاصة وأن الجلسات الجهوية التي نظمت في سنة 2021 والتي شارك فيها الشركاء الاجتماعيين لم تحظ بالعناية اللازمة.

ويأمل الدكتور مرابط أن تكون الجلسات الوطنية للصحة أكثر جدية نظرا للأولوية القصوى التي يوليها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون للنهوض بالقطاع خاصة ما تعلق بالرفع من مستوى الخدمات العلاجية وتوفير الظروف الملائمة لعمل الأسلاك الطبية وتحسين الوضع العام داخل المستشفيات، مضيفا أنه من المهم الخروج بتوصيات تساير هذه الإرادة السياسية وتطبق فعليا على أرض الواقع.

وقال رئيس النقابة الوطنية لمستخدمي الصحة، إن سنة 2021 كانت الأصعب بسبب الظروف الاستثنائية التي عاشتها الجزائر على ضوء انتشار جائحة كورونا والصعوبات التي واجهت المسيرين والأسلاك الطبية وشبه الطبية في مواجهة الأزمة الصحية، مشيرا إلى أن الاختلالات التي تعاني منها المنظومة الصحية تضاعفت أكثر منذ بداية تفشي كوفيد-19.

«نقائص في التسيير تتطلب الاستدراك “

كشف رئيس النقابة الوطنية للصحة العمومية عن العديد من النقائص المسجلة على مستوى المؤسسات الصحية والتي أرجعها إلى سوء التسيير والبرمجة وغياب التنسيق بين القطاع العام والخاص ومشاكل في التمويل قائلا: إن النظام الصحي في الجزائر بحاجة إلى إصلاح جذري وعميق من خلال استدراك النقائص وإعادة النظر في الأخطاء السابقة خاصة ما تعلق بالتكفل بحاجيات المرضى في مختلف التخصصات.

ويرى بأن تسيير أزمة كورونا في البداية لم تكن موفقة نظرا للتأخر في اتخاذ بعض القرارات الاستباقية التي تساهم في مكافحة تفشي الفيروس، بالإضافة إلى تحويل أغلبية المصالح الطبية في المستشفيات إلى وحدات موجهة للتكفل بمرضى كورونا، ما نتج عنه إهمال علاج وتشخيص المصابين بأمراض أخرى، وتعريضهم إلى خطر الإصابة بالعدوى.

وأوضح أنه كان من المستحسن تخصيص رواق وأجنحة ومستشفيات لمرضى كوفيد لتفادي انتشار العدوى داخل الوسط الصحي مع فرق طبية وشبه طبية مهمتها الوحيدة التكفل بالمصابين بالفيروس، خاصة وأن تحويل المصالح الطبية الى علاج كوفيد لم يشكل خطرا على بقية المرضى فقط وإنما على جميع مستخدمي الصحة، الأمر الذي خلف عددا كبيرا من الإصابات والوفيات وسط المهنيين.

الموجة الثالثة..نقطة سوداء”

بالرغم من المجهودات المبذولة من قبل السلطات المعنية لمواجهة مخاطر وباء كورونا، لفت الدكتور مرابط إلى أن الموجة الثالثة التي عصفت بالجزائر كانت النقطة السوداء في سنة 2021، وأظهرت عيوب ونقائص النظام الصحي واختلالات كبيرة في التسيير والتنظيم والتنسيق خاصة ما تعلق بعدم توفير الإمكانيات اللازمة للتكفل بجميع الحالات الخطيرة بعد تسجيل ارتفاع قياسي لمنحنى الإصابات والأمر الذي خلف أزمة أوكسجين حادة وضغط غير مسبوق على مستوى جميع المصالح الطبية منذ بداية ظهور موجات كورونا.

أضاف رئيس النقابة الوطنية لمستخدمي الصحة أن العديد من الأشخاص الذين أصيبوا بالفيروس خلال الموجة الثالثة من مرضى وأطباء وشبه طبيين ما يزالون يعانون من تعقيدات صحية جسدية ونفسية بعد الإصابة، زيادة على الصعوبات التي تلقاها بقية المرضى في العلاج داخل المستشفيات وعدم قدرتهم على التوجه إلى العيادات الخاصة، ما تسبب لدى الكثيرون في مضاعفات خطيرة.

«ظروف صعبة عاشها مهنيو الصحة”

قال الدكتور مرابط إن الظروف الصعبة التي عاشتها الجزائر بسبب انتشار جائحة كورونا فرضت على مهنيي الصحة التضحية من أجل مواصلة التكفل بالمرضى بالرغم من الإرهاق الكبير ولكن استمروا في العمل وأداء واجبهم دون توقف والبعض منهم استفادوا فقط من عطلة قصيرة لم تتجاوز 15 يوما، مشيرا إلى أن الجهود المبذولة من قبل مهنيو الصحة لم تجد تقديرا على ضوء غياب الرعاية الطبية والنفسية لهذه الفئة.

وذكر بأن التحفيزات المالية الممنوعة لمستخدمي الصحة في إطار الكوفيد جاءت بقرار وإصرار من رئيس الجمهورية ولكن التعليمات لم تنفذ خاصة ما تعلق بالتحفيز للمتقاعدين وكذا رفع التأمين الصحي للمهنيين من 80 بالمئة الى100 بالمئة والقيمة المالية التي كانت من المفروض أن تقدم الى عائلات الأطباء ضحايا الفيروس.

ويرى أنه من الضروري تحسين واقع الصحة والتقييم على مستوى الأداء وكيفية تنظيم العمل داخل المؤسسات الصحية والتكفل ببقية المرضى بالاضافة الى الاستجابة للمطالب التي يطرحها المهنيون خاصة ما تعلق بالوضع العام للعمل داخل المستشفيات وتوفير المستلزمات وإدخال مدة مكافحة وباء كورونا في نظام المعاشات والتقاعد والاعتراف بكوفيد كمرض مهني، مشيرا الى مشكل التأخر في صب منحة كورونا الذي ما يزال مستمرا بالرغم من مجهوذات الوزارة الوصية لمعالجته.

« مناقشة الواقع الصحي”

تابع رئيس النقابة الوطنية لمستخدمي الصحة بأن اللقاءات التي جمعت وزير الصحة مع الشركاء الاجتماعيين، في سنة 2021، تم التطرق فيها إلى مختلف المشاكل التي تعترض القطاع خاصة ما تعلق بمطالب تحسين الوضع العام للعمل داخل المستشفيات وتوفير المستلزمات والإمكانيات اللازمة للتكفل بالمرضى، وكذا طرح مسألة عدم اشراك ممثلي مهنيي الصحة في وضع المخططات وأخذ آراءهم واستشارتهم في القرارات والإجراءات المتخدة بما أنهم يتواجدون في الميدان ويواجهون الأزمة الصحية الحالية ومختلف الأمراض في الصفوف الأمامية. 

في ذات السياق، أوضح أن نقابات الصحة تلقت وعودا من وزير القطاع بمعالجة الاختلالات التي تعرض عمل المهنيين خاصة ما تعلق بظروف العمل الصعبة والتكفل بالأسلاك الطبية وشبه الطبية على الصعيد الطبي والنفسي، وكذا مسألة الامتيازات والتحفيزات المالية، مشيرا إلى أن القرارات لم تطبق على أرض الواقع لحد الآن، متسائلا عن سبب التعطيل في تطبيق تعليمات الرئيس التي تبقى حبيسة الأدراج بسبب البيروقراطية وتلاعب الادارات.

ولم ينف المجهودات المبذولة من قبل وزارة الصحة للتكفل بانشغالات المهنيين من خلال مراسلة المؤسسات الاستشفائية بإستمرار ولكن لم تلقى إلى حد الآن ردا إيجابيا، مشيرا الى أنها تتطلب عملا مشتركا بين بعض القطاعات والمتمثلة في وزارة الصحة ووزارة العمل والضمان الاجتماعي ووزارة الوظيف العمومي ووزارة المالية.

المناعة الجماعية .. أكبر تحدٍ

وبخصوص حملة التلقيح ضد فيروس كورونا والتي تعتبر أكبر تحد ينتظر الجزائريين في سنة 2022، أفاد الدكتور مرابط أننا بإمكاننا استدراك التأخر المسجل في وثيرة التلقيح من خلال تكثيف الأنشطة التحسيسية لدفع أكبر عدد من المواطنين إلى الاقتناع بأحد اللقاحات والاستمرار في التعامل مع الوضع الوبائي بكل حزم وجدية بعيدا عن التراخي في حملة التلقيح، وكذا في الالتزام بإجراءات الوقاية بمجرد انخفاض منحنى الوباء واستقرار الحالة الوبائية في البلاد، ما يتسبب في انتشار الفيروس على نطاق واسع.

وتابع بأن الأهداف المسطرة والمتمثلة في تلقيح على الأقل 70 بالمائة من المواطنين لم تتحقق في السنة الماضية بسبب ضعف الأنشطة التحسيسية وعدم التعامل بجدية مع الوباء، مضيفا أن عدد الملقحين ضد فيروس كورونا في الجزائر ضئيل ولا يكفي لبلوغ المناعة الجماعية،والحملة من المفروض أن تنطلق بسرعة وتستمر لوقت أطول لتحقيق النتائج المرجوة في أقرب وقت ممكن، لأن تلقيح 27 بالمائة من المواطنين إلى حد الآن غير كاف للتصدي لانتشار الفيروس ويساعد على استمرار انتشار الوباء وظهور سلالات متحورة جديدة.

ويتطلب استدراك الأخطاء المرتكبة وعدم تكرارها في 2022 -بحسبه - بذل جهود أكبر للرفع من وثيرة التلقيح بالعمل بصرامة ومسؤولية أكبر والاستمرار في الحملة الوطنية، وفي تطبيق فرض الجواز الصحي الذي يعتبر أهم قرار اتخذته السلطات العليا لدفع أكبر عدد إلى تلقي والوقاية من انتشار الفيروس.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024