قرارات استعجالية للحد من تداعيات كورونا

إلغاء امتحان السانكيام والعودة لنظام الثلاثة فصول

خالدة بن تركي

 أسدلت سنة 2021 الستار وحملت معها الجميل والصعب في قطاع التربية، قطاع واجه تحديات كبيرة أبرزها جائحة كورونا، وما صاحبها من قرارات للحيلولة دون انتشار الفيروس في الوسط المدرسي، وضمان استمرار الدراسة وفق مخططات استثنائية اعتمدت «التفويج» مخرجا للأزمة الصحية التي تعيشها بلادنا للموسم الثالث على التوالي.

 

 ما ميّز سنة 2021 في قطاع التربية الوطنية سنتين دراسيتين مختلفتين، الأولى بعنوان 2020 - 2021 بسداسيين والثانية 2021 - 2022 بثلاثة فصول، وكذا تغيير الوزراء الأول استوزر إلى غاية بداية شهر جويلية والثاني إلى غاية اليوم، إلا أن الإيجابي فيها تعيين وزير ابن القطاع له دراية كبيرة حول ما يجري في التربية، حيث يتوسم فيه خيرا للمنظومة التربوية.

 

التّفويج للاستمرار 

 

 أكّد الناشط التربوي الأستاذ كمال نواري، أن التفويج سمح باستمرار الدراسة لثلاثة مواسم على التوالي، حيث أن التناوب مع وضع مخططات سنوية استثنائية جاء بسبب الوضعية الصحية التي تمر بها البلاد وما شاهدناه هو استقرار التمدرس، وهذا الأهم بالنسبة لنا كمتابعين للشأن التربوي.

وعرفت سنة 2021 - بحسب المتحدث - تأخير الدخول المدرسي الذي كان مبرمجا يوم 07 أكتوبر إلى 21 أكتوبر، ومنح استراحة بيداغوجية للتلاميذ بمناسبة أول نوفمبر وتقديم عطلة الشتاء من 16 إلى 09 ديسمبر إلى غاية 02 جانفي، حيث تم إعادة النظر في التقويم البيداغوجي، والاكتفاء بإجراء فرض كتابي واحد في كل مادة تعليمية في كل فصل، بعد أن كان سابقا فرضين في سنة 2021، تم أيضا تنصيب أعضاء المجلس الوطني للبرامج وتنصيب المجلس العلمي للبحث في التربية، وتوقيع اتفاقية بين الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية ومجمع سوناطراك على تجهيز لعدد من الأقسام الرقمية بالمؤسسات التربوية.

 

حقوق التمدرس 

 

 حرصت الدولة في قطاع التربية على ضمان مجانية التعليم بالرغم من الأزمة الاقتصادية الناتجة عن تداعيات كورونا، حيث قدّمت مبالغ رمزية لحقوق التسجيل، واستفادة أغلبية التلاميذ من مجانية الكتاب المدرسي ومنحة 5000 دج وتناول وجبة ساخنة في المطعم المدرسي، مع توفير النقل المدرسي لتلاميذ المناطق البعيدة عن المؤسسات، بالإضافة إلى الصحة المدرسية، حيث يملك القطاع حوالي 1433 وحدة كشف ومتابعة صحية، و41 مصلحة لطب العمل و16 مركزا طبيا اجتماعيا.

وخصصت أيضا في إطار التدابير الوقائية ضد فيروس كورونا، إعانات مالية لاقتناء وسائل الوقاية من كوفيد19، بما فيها الابتدائيات التي في الأصل تابعة  للجماعات المحلية ممثلة في البلديات، وفي مجال الرقمنة تم إعادة تصميم وتطوير الأرضية الرقمية للتسيير الإداري والبيداغوجي، واستحداث منصة رقمية - كفاء تك - التي سمحت للكفاءات المتخصصة في البرمجة بتسهيل العمل عن طريق هذه الخدمة.

 

 توصيات استعجالية 

 

 انتهت سنة 2021 بتوصيات استعجالية لحل ثقل المحفظة المدرسية، حيث عكفت الوزارة على إيجاد حلول»فورية»، وذلك «من خلال تشكيل لجنة تتولى مهمة البحث عن إجراءات بيداغوجية، هيكلية، مادية وسلوكية لإشكالية ثقل المحفظة المدرسية التي أثارت استياء أولياء التلاميذ وفعاليات جمعوية وتربوية بسبب ما ينجم عنها من أضرار صحية على التلاميذ.

مقابل ذلك اتخذت وزارة التربية قرارات إيجابية تتعلق بإلغاء امتحان شهادة نهاية المرحلة الابتدائية المعروف باسم «السانكيام «ابتداء من السنة الدراسية 2022 - 2021، هذا القرار جاء استجابة لمطالب النقابات التي دعت إلى ضبط آليات الانتقال إلى المتوسط بشكل بيداغوجي علمي دقيق، مستنكرة عدم إشراكها في قرار مصيري كهذا، في المقابل قالت أخرى أنه كان من الأحسن إجراء الامتحان شكليا فقط دون احتسابه.

بخصوص لقاءات وزارة التربية الوطنية مع الشركاء الاجتماعيين - قال المتحدث - إن الاجتماعات كانت كثيفة، خاصة وأن رئيس الجمهورية أمر بفتح القانون الخاص بالتربية، حيث سارعت الوزارة بتشكيل لجنة تقنية لهذا الموضوع، ووضع رزنامة دقيقة لدراسته بمشاركة الشركاء، وسيكون جاهزا للإثراء يوم 25 فيفري المقبل.

 

إينباف: تراجع النّتائج

 

 أكّد المكلف بالإعلام لدى نقابة عمال التربية والتكوين «اينباف»، عبد الوهاب العمري زوقار، أن اعتماد نظام التفويج ليس لتحسين المستوى وإنما للحفاظ على سلامة التلاميذ والأساتذة، خاصة وأنه جاء لتجسيد التباعد الجسدي للحيلولة دون انتشار الفيروس في المدارس.

وأضاف المتحدث بخصوص النتائج الدراسية، أنها تراجعت نسبيا بالمقارنة مع سنة 2020، الأمر الذي دفع النقابة إلى المطالبة بإعادة النظر في البرامج المدرسية الهياكل، خاصة في الطور الإبتدائي يوجد كثافة وغزارة في المفاهيم، مما جعل التلاميذ يفقدون التركيز ويملون من الدروس، وأشار في مقارنة بسيطة بين السنتين إلى أن التعليم تراجع في الأطوار الثلاثة.

وأوضح المتحدث، أنه بالرغم من وجود بعض النقائص إلا أن وزارة التربية وضعت جملة من الركائز الأساسية لضمان دخول مدرسي عادي للتلاميذ وفق ثلاث ركائز أساسية، على رأسها ضمان صحة المتمدرسين ومستخدمي القطاع كلهم، تليها إلزامية مواصلة التدريس الحضوري في المؤسسات التعليمية ومواصلة تطوير التعليم. هذا بالإضافة إلى رغبتها في إشراك الشريك الاجتماعي في القرارات من خلال اللقاءات الدورية التي تعقدها، في حين المطالب المهنية والاجتماعية ما تزال عالقة إلى الآن.

وعن علاقة الوزارة بالشريك الاجتماعي، عرفت فتورا في سنة 2020 مقارنة بسنة 2021، حيث وجهت دعوة لبعض النقابات من أجل الاستشارة والعلاقة كانت مقبولة، خاصة بعد إصدار أوامر لدى مديري التربية من أجل فتح المجال مع الشركاء الاجتماعيين لمناقشة القضايا التي تهم التلميذ والأسرة التربوية.

 

 الجائحة ألقت بظلالها على التّعليم

 

 قال الخبير التربوي بن زهرير بلال في تصريح لــ «الشعب ويكاند»، إن قطاع التربية واجه عدة تحديات، أبرزها الأزمة الصحية التي تعيشها بلادنا وما نجم عنها من قرارات، حيث كانت البداية مع نظام «التفويج» فقامت وزارة التربية باعتماده، حيث جعلت من التعليم مقتصرا على فترة صباحية أو مسائية لكل فوج من الأفواج التربوية، بحجم ساعي يقدر بـ 10 ساعات أسبوعيا، بعدما كان النصاب العادي للتمدرس بأكثر من 20 ساعة أسبوعيا

وأوضح المتحدث، أن القرار ألقى بظلاله على تحصيل التلاميذ بعد سنتين من اعتماده، فتراجع تحصيلهم المعرفي، وهو تحصيل حاصل على ضوء الظروف التي مر بها التلميذ، هذا بالنسبة للتلميذ، أما المعلم والسلك الإداري فقد تضاعف مجهودهم، والسبب في ذلك التفويج، لكنهم حملوا التحدي وقاموا بدورهم على أكمل وجه، والدليل نهاية الفصل الأول من السنة الدراسية لهذه السنة على أكمل وجه، خاصة من الناحية الصحية، أما من ناحية البيداغوجية، فالمستوى تراجع لأنه حتمية ناتجة عن التفويج وتقليص ساعات التدريس إلى أكثر من النصف.

أما القرار الثاني فهو قرار مصاحب له ومرتبط به - يقول المتحدث - ألا وهو «تخفيض معدل الانتقال» الخاص بالمستويات النهائية، وهو قرار أيضا اتخذته الوزارة خلال سنة 2021 إلا أنه غير صائب تماما، لأن التلميذ درس بشكل اخف سواء من ناحية التوقيت أو البرامج، وعليه قرار تخفيض معدل الانتقال غير مناسب تماما، هذا بالنسبة لأهم القرارات التي اتخذتها الوزارة الوصية خلال سنة 2021.

وإذا نظرنا لإشراك نقابات التربية وجمعية أولياء التلاميذ وخبراء التربية، نجد أن إسهامهم في قرارات وزارة التربية غير كاف بل منعدم أحيانا، فالوزارة للأسف لم تشرك أحيانا الأسرة التربوية في قراراتها المتخذة سواء تعلق الأمر بالتفويج أو بتخفيض معدل الانتقال، وهو ما يعكس بوضوح حجم الهوة الواسعة بين تلك الأطراف، ما يطرح كذلك الكثير من التساؤلات حول العلاقة بين الأسرة التربوية المتمثلة في النقابات وجمعية الأولياء وخبراء التربية وبين الوزارة الوصية في مثل هكذا قرارات مصيرية.

وفي نظري كمتابع للشأن التربوي، لو تجسّد الوزارة العملية التواصلية الايجابية بينها وبين الجميع، وتعمل على ربط جسور الثقة بينها وبين الأسرة التربوية ككل، لاستطعنا تجاوز الكثير من العقبات التي نعاني وتعاني منها المنظومة التربوية الآن، والتي جعلت من منتسبيها يعانون معها، لأن الكل مرتبط بعضه ببعض، وعملية التأثير سواء الايجابي أو العكسي ما هو إلا تحصيل حاصل عن ذلك.

وما تزال جهود الفاعلين في القطاع قائمة من أجل إصلاح المنظومة التربوية خاصة في التعليم الابتدائي، حيث قدّم مشروع مقترح لإصلاح المنظومة تدعو فيه النقابات إلى رفع سن التمدرس إلى 7 سنوات كاملة، والعودة إلى التدريس بنظام ست سنوات في التعليم الابتدائي وتطبيق نظام التخصص في الدور الأول.

وتضمّن المشروع عدة مقترحات لتحسين تمدرس التلاميذ في الطور الابتدائي، في المقابل أبدت الوزارة نيتها في تحسين التعليم باتخاذ جملة من القرارات تصب في صالح المتمدرسين، أبرزها العودة لنظام الثلاث فصول في السنة الحالية بالرغم من استمرار الجائحة، وإلغاء امتحان «السانكيام»، وكذا العمل على إيجاد حل لثقل المحفظة المدرسية باعتماد التعليم الرقمي، وهذا دليل على الرغبة في إصلاح القطاع وتدارك النقائص.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024