لا نشكّ مطلقا في نوايا كثير من الطيبين الذين يحرصون على التأسيس لصناعة السينما ببلادنا. فهؤلاء يدركون جيّدا أن هذا القطاع، ينبغي أن تكون له ثمراته على جميع مستويات الحياة، وأنّه يمكن أن يسهم إسهاما جادّا، معنويا وماديّا، في ترقية واقع المعيشة، أو على أقلّ تقدير، نعتبره رافدا مهمّا من بين روافد هذه الترقية..
غير أن المشكلة التي تواجه قطاع السينما – في اعتقادنا – إنّما تنبع من طبيعة هذا القطاع نفسه، فهو، مثل كثير من القطاعات النائمة، يحسب على ما يسمى «القوى النّاعمة»، وهذه لا يكون أثرها ملموسا في زمن يسير، وإنّما تقتضي بعض الصبر حتى تفصح عن آثارها وتبرهن على جدواها، لهذا نحسّ بأن هناك نوعا من الاستخفاف في التعامل معها، لا يختلف عن الاستخفاف الذي عوملت به وسائل الإعلام، ومنصات التواصل الاجتماعي، وكثيرا مما يصنّف في (مضيعات الوقت)، وهذا ما يحيل مباشرة إلى طبيعة المغالطة التي يرتكز عليها النظر إلى قطاع السينما الذي لا يمكن أن يتأسس من فراغ، وإنما يتطلب عددا معتبرا من الكُتّاب، وهؤلاء يعتمدون في وجودهم على الناشرين من جهة، والإعلاميين من جهة أخرى، إضافة إلى ترسانة من الفنيين المكونين تكوينا حقيقيا، وفنانين يجمعون بين الموهبة والتكوين، وهؤلاء جميعا، يحتاجون قبل كلّ شيء، إلى تجاوز العقليات القديمة المهلهلة التي تجعل من دور الإعلام والنشر مجرّد «بوتيكات»، ومن التكوين مجرد «نزهات»..
لسنا هنا لنشرح تفاصيل الإخفاق، لكننا يمكن أن نلخّصه كما يلي.. إذا أردنا نجاح قطاع السينما ببلادنا، فيجب أن نعود إلى أصل المشكلة، وهذه يعرفها معظمنا، ويتعاملون معها بقبول وارتياح.. في البداية، يجب أن نتخلص من سؤال (اللي اقرا، واش دار؟)..ونعلم يقينا بأن (اللي اقرا) يمكن أن يعمل..