استعرض، أمس، وزير العدل حافظ الأختام عبد الرشيد طبي، جهود الجزائر في حماية حقوق الإنسان وترقيتها فيما يخص القضاء، مبرزا أن ما أنجزته الجزائر في سبيل المحافظة على هذه الحقوق هامّ ولا ينكره إلا جاحد. مشددا على أن الجهود تبقى متواصلة للتصدي بحزم لأي تعدٍّ غير مشروع على الحقوق الفردية والجماعية، بمساهمة المؤسسات الفاعلة، على رأسها المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومناضلو الحقوق للوصول لأعلى درجات التفعيل.
شدد الوزير خلال كلمة ألقاها بمناسبة الإحتفائية 73 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي أقيمت بفندق الأوراسي بالعاصمة، على أن الجزائر صادقت على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في أول دستور لها سنة 1963، بموجب المادة 11، مشيرا أن ذلك نابع من إيمان راسخ بحقوق الشعوب المسلوبة، وتمسكت الجزائر به في كل الدساتير المتعاقبة، وآخرها دستور 2020، الذي تناول الحقوق الفردية والجماعية وفق ما تنص عليه المواثيق الدولية ذات الصلة، منها العهد الدولي للحقوق السياسية، والعهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية.
كما أبرز أن الجزائر في دستورها لا تكتفي بالحقوق الموجودة في هذا الإعلان، بل جعلت من ممارستها حقيقة يكرسها القضاء، باعتباره حاميا لها، وأهمها ـ يضيف ـ التي لها علاقة بالحريات الفردية والحقوق ذات الصلة، كمسألة قرينة البراءة، وكذا المحاكمة العادلة التي تقوم على مبدإ الشرعية الجزائية، باعتبارها مبدأ دستوريا له عدة قواعد، وأيضا مبدأ الشرعية الإجرائية المتعلقة بالجهة القضائية المكلفة بتطبيق الإجراءات واحترام قرينة البراءة.
وخلال استعراضه لأطوار المحاكمة العادلة، قال الوزير إن “النصوص القانونية، تشير إلى عدم جواز محاكمة الشخص مرتين، وضمنت حق التقاضي، واحترام مبدأ الوجاهية، ضف إلى مواجهة أطراف بما نسب إليهم من وقائع، إلى جانب علنية الجلسات، إلا ما كان يمس بالنظام والآداب العامة، فضلا عن حياد القاضي لتحقيق العدل.
واغتنم الوزير الفرصة للرد على بعض من أسماهم “المشككين” في مدى تطابق المتابعات مع هذه المبادئ، مع وجود مراحل محاكمة عادلة، بالقول: “يقوم قضاة النيابة والأحداث بزيارات دورية وفجائية للموقوفين تحت النظر، حيث تم تسجيل 12515 زيارة لأماكن التوقيف، قام بها قضاة الجمهورية، إضافة إلى زيارة أخرى تجريها منظمات غير حكومية دولية للصليب الأحمر التي تقف على مدى احترام هذه الحقوق، حيث يؤدي الإخلال بها تعريض ضابط الشرطة القضائية للعقوبات التي ينص عليها القانون وهي عقوبات تأديبية أو جزائية.
وأبرز طبي، أن اللجنة الدولية قامت بـ296 زيارة لفائدة 7400 محبوس، قام بها أكثر من 200 مندوب تابع للمنظمة، كما يتم التحضير لبرنامج مشترك سنة 2022 لزيارة المؤسسات العقابية.
لا تفتيش ولا اعتراض مــراسلات أو تسجيل بدون إذن قضائي
أما الإجراء الآخر الذي يخضع لإجبارية القضاء هو تفتيش المنازل، إذ لا يجوز ــ بحسب الوزير ــ تفتيش أي مسكن دون الترخيص المسبق من قبل وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق، وهو إجراء وكرس الحق في حرمة السكن المنصوص عليها في الدستور، وضمان الحق في حرية الشخص الخاصة، والحق في المراسلات الخاصة التي ضمنها الدستور، أي أن أي اعتراض للمراسلات أو تسجيل للأصوات أو التقاط الصور لابد أن يخضع للإذن القضائي.
وتطرق الوزير لحماية حقوق الإنسان في الجزائر، التي تشمل السجون من خلال “أنسنة ظروف الاحتباس والحرص على احترام حقوق المحبوسين، حيث يتم توفير التكفل الصحي النفسي والعقلي والجسدي، يضمنها طاقم طبي وشبه طبي في مختلف التخصصات يبلغ عددهم 1345 طبيب، يضاف إلى ذلك 113 جناح للمعالجة الاستشفائية داخل القطاعات الصحية العمومية. علاوة على ذلك، يتم الحرص على تدعيم الروابط العائلية للمحبوسين، وضمان حقهم في الزيارة وتوفير ظروف احتباس، حسب جنسهم ووضعيتهم الجنسية، وتحسين ظروف الإيواء، لاسيما بتشييد مؤسسات عقابية جديد للحد من ظاهرة الاكتظاظ”.
لزهاري: الإفراج عن 118 ألف سجين
كشف رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بوزيد لزهاري، خلال تدخله، عن الإفراج عن 118 ألف سجين في إطار العفو الرئاسي، منهم من يطلق عليهم بـ “معتقلي الرأي”، خلال هذه السنة، وهو ما يشجع على مواصلة هذه السياسة مع نبذ خطاب الكراهية، مشيرا إلى أن بيان أول نوفمبر 1954، يتضمن مبادئ إعلان حقوق الإنسان فيما يتعلق بتقرير المصير.
في السياق، أكد لزهاري أن التعديل الدستوري الأخير، أشار للإعلان العالمي في ديباجته، حيث ربط بين تمسك الشعب بحقوق الإنسان، والإرادة الشعبية المُعبر عنها في الحراك الشعبي، والمتعلقة بمطالبة القضاء بمكافحة الفساد والمظالم باستخدام سلاح حقوق الإنسان.
وأشار إلى أن خطاب الرئيس تبون، حين اعتلى سدة الحكم، أكد أن كل السياسات ستقوم على حقوق الإنسان، وهو ما جسده في مساعيه الهادفة إلى القضاء على التفاوت بين مناطق الظل وبين المواطنين فيما يخص حقي العلاج والتربية وغيرهما من الحقوق المكفولة دستوريا، تحقيقا للمساواة ولعل مُخرجات اجتماع الحكومة في خنشلة أكبر دليلا على ذلك طبقا له.
ووجه لزهاري دعوة، إلى كل المدافعين عن حقوق الإنسان داخل وخارج الوطن من أجل التنسيق المشترك والتشاور حول كل ما يخص حقوق للإنسان، وإدراجها في التقرير السنوي الذي يرفع لرئيس الجمهورية مع احترام حق المؤلف بما فيها حتى الآراء التي لا يوافق عليها المجلس.
وأشار أن هيئته ستستمع لكل الاقتراحات والآراء المختلفة، مع الترحيب بنداءات المدافعين عن حقوق الإنسان، شريطة أن تكون موثقة بأدلة حول ادعاءات حصول تجاوزات وانتهاكات لحقوق الإنسان.
كما أشاد مسؤولون أمميون، عرب وأفارقة تدخلوا عبر تقنية الفيديو، بالجهود المبذولة من قبل الجزائر في ترقية حقوق الإنسان، مهنئينها بهذا اليوم، في انتظار بذل المزيد من تلك الجهود، على غرار سلطان الجمالي المدير التنفيذي للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وجيلير سييقو المدير التنفيذي للشبكة الإفريقية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وكاترينا روز ممثلة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بجنيف.
زروقي: الجزائر ناضلت وتواصل النضال
من جهتها، أكدت ليلى زروقي، المبعوثة الخاصة المكلفة بالشركات الكبرى لدى وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، خلال كلمة لها، أن دستور نوفمبر 2020 ومن خلال نصوصه، يثبت أن الجزائر دولة تحترم حقوق الإنسان وتلتزم بالمواثيق الدولية، حيث يكرس مطالب الحراك الشعبي السلمي الحقيقية، والذي دعا لإنشاء دولة ديمقراطية تولي أهمية لحقوق الإنسان، بما في ذلك حرية التعبير وإنشاء الجرائد مع ترسيخ مبدإ المساواة في إطار تحقيق الحريات الأساسية.
وأضافت المتحدثة خلال كلمة ألقتها بالمناسبة، أن “الجزائر كافحت وناضلت من أجل ذلك وعليها مواصلة العمل لوضع حد لكل من يقف في طريق تحقيق هذه الجهود، مشيرة إلى دور المرأة منذ الاستقلال وما قدمته في سبيل الحريات وممارسة الحق السياسي الذي سمح لها بأن تكون منتخبة بالمجالس الشعبية. مؤكدة أن المجتمع الجزائري يحتاج للتطور من أجل القضاء على التمييز بين الجنسين، خاصة بوجود المرأة في دوائر المجتمع، لاسيما وأن القطاعات الخاصة كانت عصيّة على المرأة، ما يستوجب فرض المساواة بين الجنسين وهو ما يحتاج لمزيد من العمل.
كما أبرزت زروقي ليلى، جهود الجزائر في مجال وضع الآليات والميكانزمات وهي تحتاج إلى مزيد من الجهود، مؤكدة أن “الجزائر الجديدة” اليوم اختارت عدة توجهات تصب في صلب حقوق الإنسان، منها إنشاء المجلس الأعلى للشباب من أجل تغطية التكفل بكافة إفراد المجتمع عن طريق تأطير دور الشباب ومنحه الفرصة لتعزيز دوره في المجتمع، وهي آلية تضمن المساواة والولوج للحقوق المدنية، تقول ممثلة وزارة لخارجية.
وأضافت، أن “الجزائر التزمت بمكافحة التمييز العنصري من خلال اعتماد الاتفاقيات الدولية في هذا المجال، ثم سنّ قانون جديد لمواجهة خطاب الكراهية من أجل مكافحة ومحاربة كافة أشكاله، واجتثاث كل أشكال التمييز العنصري.
فيما اعترفت أنه وبالرغم من الجهود المبذولة وما حققته على الصعيدين الإفريقي والدولي، إلا أن الجزائر لاتزال بعيدة عن تحقيق المساواة في المجتمع وهو ما يستدعي انخراط الجميع في هذا الكفاح، طبقا لها.
ممثلة الأمم المتحدة تثمن جهود الجزائر
من جهتها ثمنت بلرتا أليكو المنسق المقيم بالنيابة لنظام الأمم المتحدة بالجزائر، جهود الجزائر المبذولة في مجال ترقية حقوق الإنسان، مؤكدة أن الجزائر ومنذ استقلالها اختارت التضامن عنوانا لسياستها الخاصة بمجال حقوق الإنسان، وتحقيق أهدافها لبلوغ المستوى الاجتماعي والاقتصادي.
وشددت بلرتا أليكو خلال كلمة، ألقتها بمناسبة مشاركتها في يوم احتفائي بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، على أن الجهود المبذولة من قبل الجزائر سمحت بالتحلي بالمرونة في مواجهة جائحة كورونا. مشيدة بما تضمنه قانون المالية للسنة المقبلة للقضاء على السوق الموازي، وجهود الجزائر لرأب الصدع والقضاء على إشكال التمييز تعزيزا لحقوق الأجيال القادمة.
وأكدت الممثلة الأممية، أن المراجعة الدستورية التي أجرتها الجزائر خلال السنة الماضية، عززت الحقوق الاجتماعية والمدنية، مبرزة أنه وبالرغم من تكريس مبدإ المساواة، إلا أن الدولة الجزائرية تعترضها عديد التحديات، منها مواجهة التمييز في نسبة البطالة المتفشية في أوساط الشباب والجنسين، وقالت إن نسبة بطالة النساء هي ضعف نسبة بطالة الرجال في الفئات العمرية التي تتراوح بين 18- 24 سنة.
كما تحدثت المسؤولة الأممية، عن ضرورة الإنصاف في القوائم الانتخابية، حيث لاتزال نسبة النساء محدودة. وأضافت، أن الوظائف لا تحظى بالتأمين الاجتماعي ولابد من معالجة الأمر، داعية لبذل المزيد من الجهود في دعم الفئات الهشة.