حذّر وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد الرحمان بن بوزيد، من الاستهلاك المفرط للمضادات الحيوية أثناء فترة انتشار جائحة كورونا، مشيرا إلى أن الاستخدام غير السليم لهذه الأدوية، قد يتسبب في الانتشار السريع لمقاومة مضادات الميكروبات والتي تشكل خطرا على صحة المرضى.
قال بن بوزيد خلال احياء اليوم الوطني لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات بمقر وزارة الصحة، إن اللجوء إلى استعمال المضادات الحيوية بشكل عشوائي في علاج الميكروبات، يؤدي إلى إطالة فترة المرض والعلاج والاستشفاء ويتسبب أيضا في زيادة التكاليف الصحية والعبء المالي على أسر المرضى والمجتمع.
في ذات السياق، أشار وزير الصحة الى وضع إطار تنظيمي بمراقبة استهلاك مضادات الميكروبات، كاشفا عن إنشاء لجنة وطنية متعددة التخصصات ستعمل بالتنسيق مع شبكات مراقبة مقاومة مضادات الميكروبات، زيادة على مساهمتها في المصادقة على الدليل العلاجي ومتابعة جميع التفاصيل المتعلقة بمخاطر استخدام مضادات الميكروبات.
وأضاف بن بوزيد أنه سيتم بذل جهود أكبر في مجال التحكم في الاستهلاك المفرط لمضادات الميكروبات خاصة وأن مقاومتها تستدعي الاعتماد على أدوية أكثر تكلفة، مبرزا أهمية الحصول على البيانات الحقيقية حول استهلاك مضادات الميكروبات لاسيما في فترة انتشار الجائحة والتي سجل خلالها استهلاك كبير للمضادات الحيوية، بالرغم من أنها غير كافية للحماية وعلاج الإصابة بفيروس كورونا.
وتابع بأنه من الضروري وضع خارطة طريق من أجل الحفاظ على مضادات الميكروبات للأجيال المقبلة بالإضافة إلى العمل على توفير دليل خاص بالاستعمال السليم للمضادات الحيوية من قبل الشبكة الجزائرية لمراقبة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية بالتعاون مع اللجنة متعددة التخصصات والمديرية العامة للصيدلة.
وجدد تأكيده خطورة عدم الاستخدام السليم للمضادات الحيوية، داعيا الى تكثيف الأنشطة التحسيسية لتوعية المواطنين بأهمية التقليل من الاستهلاك المفرط لمضادات الميكروبات، وكذا المساهمة في توعية مهنيي الصحة بمشكل مقاومة البكتيريا وتحسيسهم بالعواقب الناجمة عنها.
ويرى وزير الصحة أن اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحكم في استهلاك المضادات الحيوية بشكل عشوائي تستدعي تفعيل الإستراتيجية الوطنية في كافة المؤسسات الصحية ووضع خطة عمل وطنية فعالة وتعزيز الانجازات في مجال المراقبة ومكافحة مقاومة مضادات الميكروبات.
لجنة وطنية متعددة الاختصاصات قريبا
وكشفت المديرة العامة للصيدلة والمستلزمات الطبية بوزارة الصحة البروفيسور وهيبة حجوج، أمس، أن العمل جار «لإعداد النصوص القانونية الخاصة بإنشاء اللجنة الوطنية متعددة الاختصاصات حول الاستعمال الأمثل للمضادات الحيوية بالقطاع.
وأكدت خلال الاحتفاء باليوم الوطني والأسبوع العالمي لمكافحة المقاومة للمضادات الميكروبية الذي يصادف الأسبوع ما قبل الأخير لشهر نوفمبر أن الوزارة بصدد إعداد النصوص القانونية المتعلقة بإنشاء اللجنة الوطنية المتعددة الاختصاصات حول الاستعمال السليم للمضادات الحيوية حيث يكون فيها الصيدلي الحلقة الرئيسية في كل مؤسسة إستشفائية.
وأعلنت أن استهلاك أو وصف المضادات الحيوية «سيعرف تنظيما جديدا» في إطار هذه اللجنة يتم من خلاله تحديد أنواع المضادات الحيوية التي لا يمكن للصيدلي أن يقدمها للمريض إلا عن طريق وصفة طبية»، كما سيتم وضع حد للاستهلاك المفرط لهذه الأصناف من الأدوية.
وعرض رئيس مصلحة الطب الداخلي للمؤسسة الاستشفائية لبئر طرارية البروفيسور عمار طبايبية تجربة المستشفى في التكفل بالمصابين بكوفيد-19 من خلال وصف ثمانية أصناف من المضادات الحيوية لهؤلاء أثبت من خلالها «استهلاك مفرط «لهذه الأدوية حيث انتقل من 3300 وحدة خلال 2019 إلى 29000 وحدة سنة 2020 ثم 31000 وحدة في 2021 تضاف اليها الاقتناء بدون وصفة من الصيدليات الخاصة.
أشار إلى أن استخدام هذه المضادات الحيوية بنفس المؤسسة انتقل من 4 ، 18 بالمائة خلال الموجة الأولى لجائحة كوفيد إلى 78 بالمائة خلال الموجة الثانية ليصل 100 بالمائة خلال الثالثة محذرا من هذا «الاستعمال المفرط» الذي يسبب خطورة لصحة المريض أكثر من تقديم خدمة علاجية، وهذا ما تم ملاحظته بالمستشفيات الوطنية من خلال المقاومة للبكتيريا.
ونفس الملاحظة سجلها ذات الأخصائي لدى الأطباء العامين والأخصائيين من خلال التكوين الذي خضعوا له خلال تفشي فيروس كورونا حيث أثبت هؤلاء وصف المضادات الحيوية بنسبة 100 بالمائة وهي أدوية اعتبرها -البروفيسور طبايبية- أنها توجه لحالات خاصة لا سيما المسنين والذين يخضعون إلى العناية المركزة.
وبدورها عرضت الدكتورة حورية خليفي من مكتب المنظمة العالمية للصحة بالجزائر توصيات المنظمة المتعلقة بالاستراتيجية العالمية لمكافحة المقاومة للمضادات الميكروبية التي سنتها في 2016 وطبقتها العديد من الدول من خلال إنشاء برنامج وطني ووضع قوانين خاصة تسمح لها بالإندماج في الشبكة العالمية مثمنة في هذا الإطار مجهودات السلطات العمومية الجزائرية في تطبيق هذه التوصيات.
وألّح رئيس الجمعية الجزائرية للأمراض المعدية، الدكتور محمد يوسفي على ضرورة مصادقة الوزارة على المخطط الاستراتيجي لمكافحة مقاومة المضادات الميكروبية، مشددا على ضرورة وضع قوانين صارمة و ميكانزمات مراقبة حول استعمال هذه المضادات الحيوية بالمؤسسات الاستشفائية ولدى الصيادلة الخواص .