فقراء العالم ينزلقون على بعد خطوات خطيرة من الموت جوعا وعطشا وألما من الأوبئة المندثرة، وليس من الفيروس أو الحروب التقليدية التي خفّ فتكها بسبب الجائحة وبفعل حسابات أخرى إستراتجية لقوى عظمى وأصحاب النفوذ والمصالح على الصعيد الدولي، وفاقمت كورونا في الظرف الحالي معاناة الضعفاء حيث صارت تدفع بهم إلى ظروف أصعب وبؤس أتعس، بينما الأثرياء والميسورين والمتقدمين في العالم منشغلين بتسويق لقاحاتهم والرفع من أرباحهم والتغلب على قيود إجبارية فرضها الوباء للانطلاق مجددا في مسار سلاسل التصنيع والرفع من نسب النمو ومن شهية المنافسة.
حذّرت منظمات دولية بارزة من حدوث كارثة إنسانية في عدة مناطق من العالم خاصة في القارة السمراء، مناطق يمزقها الجوع وبؤر التوتر الأمنية فتزيد من دمار الإنسان قبل الأرض، وتهدد بنشوب المآسي حيث سيكون ضحاياها من النساء والأطفال الذين بلغ عدد المحاصرين بالجوع في مدغشقر وحدها بحسب «اليونيسيف» وبرنامج الأغذية العالمي، أزيد من نصف مليون طفل، أطفال أبرياء وجها لوجه أمام خطر الجوع، متحملين وحدهم ضريبة الجفاف، بحسب تقدير الخبراء إنه خطر حقيقي لا يمكن تداركه بعد، إذ لم يتم إنقاذ ضحايا الفقر والجفاف، على خلفية أن هذا الرقم مرشح ليتضاعف أربع مرات.
إفريقيا في قلب المأساة، لأن يد الجوع طالت 6 دول بشكل كبير، بفعل الأزمات والجفاف والجائحة، في وقت تشير آخر الأرقام أن 155 مليون شخص عبر العالم واجهوا في عام 2020 انعدام الأمن الغذائي الحاد في أوقات الأزمات، نظرا لتراجع الأمن الغذائي والإغاثة التي تأثرت كثيرا بالوباء وبالتداعيات الاقتصادية المدمرة للحركية والانتاج، لذا لا يمكن تجاهل كل ما يحدث، وينبغي الإسراع لتوفير مختلف الحلول والإجراءات التي توقف مد المجاعة المرعب، لأنه يتوقع أن ترتفع المناطق الساخنة للجوع عبر العالم إلى 23 نقطة قبل حلول فصل الشتاء المقبل.
الإغاثة والاعانة وحدها لا تكفي لأن البديل الحقيقي الذي يجعل أطفال العالم وبشكل أوسع الإنسانية على قدم المساواة، توفير الأمن الغذائي للجميع، لأنه من حق الإنسان أن يأكل ويتنفس ويتعلم، ولا يمكن تأمين حياة البشر في ظل استمرار الحروب والحروب بالوكالة التي تتخذ دولا ضعيفة مسرحا لصراعات لا تعنيها من قريب أو بعيد، والتفكير العميق والمشترك بالتغيرات المناخية محاولة جدية نحو التخفيف من وطأة تهديد الجوع لأرواح البشر.