إشادة بجهود الجزائر في التسوية السلمية
أعطت التطورات الأخيرة الإيجابية في قضية الأزمة بشمال مالي، الدليل القاطع على صحة المقاربة الجزائرية الداعية إلى أنه “لا حلّ للمشكل سوى بالطرق السلمية، ومن خلال حوار مالي ـ مالي ومصالحة وطنية يصبان في إطار وحدة التراب المالي وسلامة وأمن أبنائه ومؤسساته”. وقد ترجمت مساعي وجهود الجزائر اليوم، بوجود قناعة وإرادة فعلية للسلم عند أبناء مالي، تجلت مؤخرا بالتوقيع - الأسبوع الماضي - على إعلان الجزائر من طرف ثلاث حركات مالية من الشمال، والتوقيع، أمس الأول، على أرضية تمهيدية لإيجاد حل “نهائي للأزمة بالشمال”، من قبل كل من حركة الأزواد العربية والتحالف من أجل شعب الأزواد، وكذا تنسيقية الحركات والجبهات الوطنية للمقاومة من جهة، واحتضان الجزائر، اليوم، لاجتماع وزراء خارجية دول الساحل من جهة أخرى”.
وإن حددت الأرضية الموقعة بين الحركات الثلاث معالم شمولية للحوار بين كل أبناء مالي، فإن انعقاد اجتماع وزراء خارجية دول الساحل المؤيدة للحوار بين الماليين، يترجم بدوره الاهتمام الكبير الذي توليه حكومات المنطقة لاستتباب الأمن والاستقرار بهذا البلد، الذي بات يعاني من تردي الأوضاع الإنسانية واضطراب سياسي وأمني به خصوصا بالشمال، الأمر الذي ولد انعكاسات جد سلبية، سواء على الصعيد الداخلي الذي شهد مؤخرا أحداث كيدال الدامية، أو الإقليمي بما يعرفه من خطر الجماعات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة العابرة للقارات.
وتزامن الموعدان الهامان من مساعي المصالحة الوطنية والحوار مالي ـ مالي مع زيارة رئيس بعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما)، البير جيرار، للجزائر، وكذا بيار بويويا، ممثل الاتحاد الإفريفي المكلف بقضايا الساحل ومالي، إلى جانب قدوم 3 موفدين من الحكومة المالية إلى الجزائر وهم وزير الخارجية، وزير المصالحة الوطنية ووزير تطوير مناطق الشمال، وهذا في إطار “الحوار الاستراتيجي بين الجزائر والحكومة المالية”.
يعتبر قبول حركات الشمال مبدأ الجلوس إلى طاولة المفاوضات والموافقة على المشاركة في الحوار الشامل، خطوة جد إيجابية تترجم إرادة فعالة للمضي قدما إلى الأمام وتجاوز الأزمة، بالرغم من المشاكل التي عصفت بها مؤخرا وأدت إلى تفتيت كيانها وانقسام البعض منها.
تثمين دور الجزائر والإشادة بأهمية المفاوضات
وقد اتفق كل من موفد الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، على الدور الهام والفعّال الذي تلعبه الجزائر في مساندتها القوية لوحدة شعب مالي ولاستتباب الأمن والاستقرار بالشمال، وجلوس كل الأطراف إلى طاولة المفاوضات.
وصف موفد الأمم المتحدة، البير جيرار، “دور الجزائر بالجد بناء، كون استقرار وأمن منطقة الساحل مهددين بالخطر في غياب السلم والمصالحة بمالي”.
وكشف البير جيرار للصحافة، عقب استقباله من قبل وزير الخارجية الجزائر، رمطان لعمارة، أن “زيارته للجزائر ترمي إلى البحث عن سبل دعم جهود السلم والدفع إلى الأمام بالمفاوضات الشاملة بين الأطراف المالية وتجسيدها على أرض الواقع في أقرب الآجال”.
وأشاد من جهته، ممثل الاتحاد الإفريقي، بيار بويويا، “بدور الجزائر الفعال في تشجيع أبناء مالي ومساعدتهم للذهاب نحو حوار شامل مالي - مالي، يرتكز على وحدة البلاد وسلامة شعبها واستقرار أمنها”.
وعبر بويويا في لقاء له مع الصحافة، عقب استقباله من قبل وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، عن “عظيم ارتياحه لما وصلت إليه المساعي والجهود اليوم التي أدت إلى توصل حركات الشمال إلى اتفاق إيجابي والتوقيع عن أرضية المعاهدة التي تؤسس حتما إلى مصالحة وطنية وحوار شامل بمالي”.
ودعا بويويا، كونه متابعا للأحداث بمالي منذ بدايتها، “إلى التعجيل بوضع معاهدة سلام بمالي”، مؤكدا في ذات السياق أن “على الجزائر التي سعت وساعدت على تنظيم المفاوضات الأولية بين حركات الشمال، أن ترافق كل مراحل الحوار الشامل الذي من المقرر أن ينعقد قريبا بمالي”.
وأكد الموفد الإفريقي من جهة أخرى، على تردي الأوضاع الإنسانية بمالي، وعلى تكفل الجزائر المستمر بمساعدة الشعب المالي، خصوصا سكان الشمال، مؤكدا أن كل مساعدة من أي جهة كانت مرحب بها حاليا بمالي.
من جهة أخرى، زكى وزير خارجية مالي، عبد الله ديوب، “الجهود المعتبرة والعمل الجبار للإخوة الجزائريين الذين وبالرغم من كل الصعوبات التي واجهتهم لم يدّخروا أي مجهود لمساعدة مالي وشعبه لتجاوز المحنة”.
وأضاف ديوب، قائلا بشأن التعامل الثنائي والشراكة بين بلده والجزائر، أن هذه الأخيرة، تعرف تقدما ملحوظا على أكثر من صعيد، حيث تحتضن الجزائر، اليوم، رابع لقاء للجنة المشتركة منذ شهر جانفي الماضي، الأمر الذي يترجم تقارب نظرة البلدين بشأن التعامل مع كل ما يتعلق بالتعاون الثنائي أو القضايا الراهنة بمنطقة الساحل.