الاقتصاد الوطني خارج المحروقات أكبر رهان

تسير التحولات الوطنية والإقليمية والدولية في صالح الجزائر، خاصة من زاوية تقليص النفقات وتدارك التأخر الاقتصادي خارج المحروقات.
الجزائر التي تأثرت كثيرا من حيث الاقتصاد بما يسمى «الربيع العربي»، من خلال فقدان أسواق مهمّة، كليبيا وتونس ومالي والنيجر، التي كنّا نصدر لها بعض المنتجات خارج المحروقات، وفوق ذلك ارتفعت ميزانية الجزائر في ضمان أمنها عبر الحدود، حيث بذلت وزارة الدفاع الوطني كل طاقاتها لحماية الوطن من التهديدات الأمنية.
ويظهر أن حسن تسيير المرحلة الصعبة من قبل السلطات سيعود بالفائدة أكثر، خاصة بعد تحسن الأوضاع في مالي والنيجر، وخروج تونس من عنق الزجاجة، حيث وبعد الشك الذي انتاب الكثيرين حول مستقبل المسار السياسي، انتقلت تونس للبحث عن الشراكة الاقتصادية والتجارية وهو ما مكّنها من توقيع اتفاقيات مالية وتجارية مع الجزائر، الأمر الذي سيجعل الجزائر تستفيد كثيرا، خاصة من حيث التنمية على المناطق الحدودية، ما سيقلل من التهريب ويفتح المجال للاقتصاد الرسمي لتوظيف قدراته خدمة لخزينة الدولة ومنه خلق الثروة وتوفير مناصب عمل ما سيعزز الاستقرار أكثر.
وتوجد الجزائر في موقع قوة بتزويدها الاتحاد الأوروبي بالغاز، فبعد المخاوف التي طفت للسطح، أعادت الأزمة الأوكرانية الطمأنينة للجزائر من خلال زيادة الطلبات على التموين بالغاز وبالتالي ضمان تدفق العملة الصعبة ومنه ضمان تمويل المشاريع الضخمة التي سطرتها البلاد، وحتى أسعار النفط منذ بداية السنة الجارية لم تنزل تحت 108 دولار وهو مشهد يؤكد تحسن المؤشرات الكلية للاقتصاد الجزائري.
ويبقى على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والذين استفادوا من أموال «أونساج» ضرورة ردّ الجميل للاقتصاد الوطني من خلال التفكير في خلق الثروة والمساهمة في توفير مناصب العمل لتحسين الأداء والمردودية وتجاوز عقلية أخذ الأموال وانتظار الإعفاء من تسديد الديون، لأنّ ذلك يعتبر سلوكا غير سوي.
إن بلادنا بإمكانها الاستفادة كثيرا من الأزمة المالية والاقتصادية التي تعرفها أوروبا من خلال التفاوض حول نقل التكنولوجيا، لزيادة النمو الداخلي خارج المحروقات الذي يبقى بعيدا كل البعد عن الأموال التي وجهتها الدولة للقطاع المنتج، وحتى القطاع الخاص مدعو لتجاوز مطالب الاستفادة من القروض ومن العقار بالدينار الرمزي الذي تم تحويله في الكثير من المرات عن الوجهات التي خصصت له.