ووري الثرى، ظهر أمس الجمعة، جثمان الإعلامي والكاتب الجزائري عياش يحياوي، الى مثواه الأخير بمقبرة السحامدة، بعين الخضراء، ولاية المسيلة، وسط حضور كبير لم تسعه المقبرة، جمع أفراد عائلته والمثقفين والإعلاميين، بالإضافة إلى جموع المشيعين الذين قدموا من كل الولايات لتوديع الفقيد.
قدم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون تعازيه إلى عائلة الفقيد الأديب قائلا: «برحيل عياش يحياوي الشاعر والأديب والباحث، تنطفئ شمعة أضاءت بنورها عالم الثقافة في الجزائر على امتداد عقود؛ لكن يذهب الرجال ويبقى الأثر وأثر عياش في جينات المشهد الثقافي الجزائري» .
وصل جثمان عياش، الخميس إلى مطار هواري بومدين، وكانت وزيرة الثقافة مليكة بن دودة رفقة جمع من الكتاب والأدباء وأفراد من عائلته في استقبال الجثمان، حيث عبرت في كلمة التأبين عن حزن الجزائر قائلة: «ها أنت اليوم تتجلى في صفاء الكلمة والشعر والروح الصدّاح بالأبدية الغنّاء، ما يمكن قوله أمام هذا الفيض كله الذي غمرتنا به كقراء ؟، ما الذي تسعه الكلمات لاستعادة حبك اللانهائي للإنسان؟»، حيث وصفته بالإنسان المثالي، لتعود و تقول «كان الإنسان هاجسك وأنت تجوب براري المدن ومتاهات البلدان القريبة والبعيدة ؛ من ذا الذي يذكرك وأنت مهووس بالمدينة التي أحببتها وعشقتها حتى النخاع، وهران، كتبتها حروفا راقصة وبهيجة، كل كتاباتك تشهد من (تأمل في وجه الثورة) و(مايراه القلب في زمن التحولات ) إلى ديوانيك (قمر الشاي) و( العلامة والتحولات).
عياش بقي وفيا كلّه للشعر، لم يخنه ولم يخذله لأنه ظل أصل العالم بالنسبة إليك، ظل الكلمة التي تمنح الحب، النبوءة، وعلامات الخلق والإخلاص وما يبقى يؤسسه الشعراء، وكان هذا الإخلاص هو ما تركه يحرك في قرائه طفولته التي ظلت تتحدى أسوار العمر والزمن والموت، وتعيد بعث الحياة في علاماتها السرمدية عبر الشعر الذي تركه إرثا جميلا لكل هؤلاء الشبان الرائعين، المبدعين الحالمين بجزائر خلاقة، تسود فيها سلطة الذوق الرفيع وتعود فيها الثقافة لأهلها وبناتها وبنيها.
ها هو اليوم يعود إلى أرض الوطن .
بقيت وأنت بعيد عنا تلك السنوات جسدا قريبا منا بحلمك الذي لم يتوقف وظل يتنفس الحلم شعرا، وها نحن نعدك يا شاعرنا الجميل أن نجعل من حلمك حقيقة، شعاعا ينير الطريق نحو المعرفة والحرية والانتشاء من خلال الثقافة «.
عين الخضراء الغربة والعودة
تخاطب الدكتورة بن دودة وهي ترثي الفقيد عياش وارتباطه لوطنه «قد قررت عودتك إلى عين الخضراء، كما كنت تريدها، فلا نقول لك وداعا بل مرحبا بيننا لأنك كلمة أبت الاندثار والانطلاق، لأنك شعر اختار البقاء والاستمرار والخلود ولأنك روح قررت أن تسكن أرواحنا جميعا.
«فأهلا بك خالدا في جنات الخلد
وسهلا بك قصيدا لا ينضب
رحمك الله.»