تعبر الحكومة في مشروع مخطط عملها، الذي سيعرض على البرلمان يوم الثلاثاء المقبل، وينقسم إلى خمسة فصول، عن «التزامها المطلق» بخدمة المواطن بما يضمن له حياة كريمة، وذلك في كنف «جمهورية جديدة نابعة من التطلعات الشعبية».
في الفصل الأول من مشروع مخطط العمل الذي صادق عليه مجلس الوزراء يوم الخميس الماضي، تقترح الحكومة نمطا جديدا للحكم يتسم بـ»الصرامة والشفافية»، وذلك من أجل «جمهورية جديدة نابعة من التطلعات الشعبية»، ويرتكز هذا النمط على «إصلاح المنظومة التشريعية لتنظيم الانتخابات، أخلقة الحياة العامة وإصلاح تنظيم وأنماط تسيير الدولة وفروعها».
أما المحور الثاني من هذا الفصل، فيتعلق بالممارسة الكاملة للحقوق والحريات، حيث يشمل «حرية الاجتماع والتظاهر، إقامة مجتمع مدني حر ومسؤول، تعزيز الحوار والتشاور، ترقية المرأة وتحقيق استقلاليتها، وضع مخطط وطني لترقية الشباب، عدالة مستقلة وعصرية، ضمان أمن الأشخاص والممتلكات، تكريس حرية الصحافة ووسائل الإعلام، ترسيخ مكونات الهوية والذاكرة الوطنيتين وترقيتها وحمايتها وضمان علاقة تكاملية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية».
ويخص الفصل الثاني، الإصلاح المالي والتجديد الاقتصادي، ويشمل الإصلاح المالي «مراجعة النظام الجبائي، اعتماد قواعد جديدة لحوكمة الميزانية، عصرنة النظام البنكي والمالي وتطوير المعلومات الإحصائية الإقتصادية والاجتماعية ووظيفة الاستشراف».
فيما يرتكز التجديد الإقتصادي على «تعزيز إطار تطوير المؤسسة، التحسين الجوهري لمناخ الأعمال، ترشيد الانتشار الإقليمي للتنمية الصناعية واستغلال العقار الاقتصادي، التطوير الاستراتيجي للشعب الصناعية والمنجمية، تعزيز القدرات المؤسساتية في مجال التطوير الصناعي والمنجمي، تثمين الإنتاج الوطني، ترشيد الواردات وترقية الصادرات، تطهير المجال التجاري، الانتقال الطاقوي، فلاحة وصيد بحري عصريين من أجل أمن غذائي أمثل، من أجل صناعة سياحية وسينماتوغرافية حقيقية، تطوير منشآت لدعم تكنولوجيات الإعلام والاتصال واقتصاد المعرفة والتحول الرقمي السريع».
كما يتطرق ذات الفصل إلى مقاربة اقتصادية لمكافحة البطالة وترقية التشغيل، تنطلق من «تكييف برامج التكوين مع احتياجات سوق العمل، ترقية التشغيل ودعم استحداث النشاطات».
ويتناول الفصل الثالث من مشروع مخطط العمل، التنمية البشرية والسياسة الاجتماعية، وتشمل التنمية البشرية «التربية، التعليم العالي، التكوين المهني، الصحة والحصول على العلاج والثقافة وترقية النشاطات البدنية والرياضية ورياضة النخبة».
أما السياسة الاجتماعية، فتتعلق بـ «رفع القدرة الشرائية للمواطن وتعزيزها، التكفل بالفئات الهشة من السكان، الحفاظ على نظامي الضمان الاجتماعي والتقاعد وتعزيزهما، الحصول على السكن والتزويد بالماء الشروب والطاقة والتنقل والنقل».
كما يشير ذات الفصل إلى إطار معيشي «ذي نوعية»، يتم تحقيقه من خلال «تهيئة الإقليم والمشاريع المدمجة، احترام قواعد التعمير والمعايير والبيئة والتنمية المستدامة».
وجاء الفصل الرابع بعنوان «من أجل سياسة خارجية نشطة واستباقية»، فيما يتضمن الفصل الخامس «تعزيز الأمن والدفاع الوطنيين».
وتتصدر وثيقة مشروع مخطط العمل، ديباجة لخصت الأهداف التي تسعى الحكومة إلى تحقيقها من خلال مختلف هذه النقاط، كما تضمنت هذه الديباجة «التزام» الحكومة بالتكفل بجميع انشغالات المواطنين والمواطنات وتوفير جميع الشروط المناسبة لمشاركتهم الكاملة والفعالة في تنمية البلاد، وحرصها أيضا على «اعتماد منهجية وعقيدة تضعان ضمن صميم أولوياتها انشغالات المواطن، الذي تعبر له عن التزامها المطلق بخدمته بما يضمن له حياة كريمة في كنف السلم والسكينة».
وأشارت الديباجة إلى هبة الشعب الجزائر «التاريخية والرائعة التي ميزها طابع سلمي لا مثيل له، وأكد من خلالها على تطلع قوي إلى التغيير والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ودولة القانون»، مؤكدة أن هذه «القيم الأساسية كانت منطلق الاحتياجات التي عبر عنها الجزائريون والجزائريات الذين خرجوا إلى الشارع بكل سلمية في 22 فيفري 2019، لوضع حد لأخطاء السلطة الحاكمة آنذاك، والمطالبة بإصلاحٍ حوكمة الدولة على نحو يصب في اتجاه بناء ديمقراطية حقيقية تمكن الشعب من أن يكون المصدر الوحيد لجميع السلطات».
وأضاف ذات المصدر، أن الحكومة ستجعل هذه «الديناميكية التاريخية من صميم عملها، وستسهر، مباشرة بعد مراجعة الدستور، على تجسيد التزام رئيس الجمهورية، المتمثل في إعادة النظر بشكل عميق في منظومة تنظيم الانتخابات بهدف جعلها وسيلة تعبير حقيقية للإرادة الشعبية».
وتتطلب تطلعات الشعب الجزائري التي عبر عنها من خلال هذه «الهبة السلمية والجديرة بالتقدير» —تضيف نفس الوثيقة—، تشييد «جزائر جديدة، فخورة بتاريخها الذي بني على تضحيات الملايين من الجزائريين والجزائريات، قوية بمؤسساتها التي يعاد بناؤها انطلاقا من رؤية وروح مبتكرتين وواعدتين بالحداثة والبراغماتية والعقلانية والشفافية والذكاء، ولاسيما في مجال الاقتصاد واقتصاد المعرفة».
وعبرت الحكومة في ذات السياق، عن عزمها «رفع هذه التحديات التي تترجمها جيدا رؤية رئيس الجمهورية الشاملة، التي تغذيها الحقائق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتلهمها التطلعات المعبر عنها بصفة واضحة وحاسمة من طرف المواطنين والمواطنات».