مواطنة كاملة

بقلم: فنيدس بن بلة
03 فيفري 2020

فرضت نفسها أولوية وطنية في مجلس الوزراء، أمس، الذي شدد على اتخاذ التدابير العاجلة للحد من الاختلالات الجهوية والتنموية التي لم تعد مقبولة في الظرف الراهن، مما يستدعي معالجتها جذريا تطبيقا لمعادلة التنمية المستديمة. إنها الفوارق التنموية التي تعمقت وباتت إشكالية معقدة، لا تقبل مزيدا من الانتظار والتريث، باعتبارها مشكلة لم تعد تمس ولايات الشمال والجنوب، المناطق الحضرية والريفية، بل تفرض نفسها تحديا بين التجمعات السكانية ومحيط المدن الكبرى.
مجلس الوزراء الذي اتخذ جملة من التدابير العاجلة في قطاعات حيوية عدة، خصص حيزا أكبر لهذه المسألة المدرجة ضمن أولويات البرنامج الرئاسي، الذي يبرز الأهمية القصوى في إصلاح شامل للتنظيم الإقليمي ولتسيير الإدارة المحلية، موصيا بإصلاحات تحدد بدقة اختصاصات الدولة والجماعات المحلية في إطار نهج تكاملي، غايته دفع عجلة التنمية المحلية نحو إقرار التوازن المفقود وفق ما يقتضيه التقسيم الإداري الجديد الذي وضع بحسب ما يمليه التحول وما تفرضه سياسة التوازن الجهوي.
بعد التدابير المتخذة في سبيل تنمية المناطق الحدودية وبعث الحركية الاقتصادية فيها لتعزيز استقرار السكان، وإثر رفع عدد الولايات إلى 58، بعد ترقية 10 منتدبة بالجنوب و44 دائرة إلى مقاطعة إدارية بالهضاب العليا، انصب أهتمام مجلس الوزراء، هذه المرة، على استكمال المسار بوضع تدابير مكملة، غايتها اعتماد برنامج استدراكي لتصحيح هذه الفجوة التي لها تداعيات وانعكاسات مباشرة على حياة المواطنين واستقرارهم وشعورهم بأنهم كاملو الحقوق ومن نفس درجة المواطنة.
من هنا، كانت الحاجة الملحة لمقاربة بديلة لا تتوقف عند علاج الخلل، بل تحدث ديناميكية في مسار تطبيق برنامج التجدد والتقويم، الذي يكون الحلقة المفصلية في اجتماع الحكومة والولاة منتصف الشهر الجاري. وهو البرنامج التكميلي الاستعجالي الذي يعد حتمية وطنية في الظرف الراهن للنهوض بمعادلة التوازن الجهوي وتهيئة الإقليم وفق المتغيرات، ويفرض برنامجا معلوماتيا على مستوى كل ولاية يحدد بدقة إمكاناتها ومواردها وطاقاتها البشرية التي تستدعي مشاريع جوارية مناسبة بحسب ما تمليه الحكامة وما يشترطه التسييرالناجع لبلوغ نموذج تنموي ملائم لكل منطقة يشعر فيها كل مواطن أن له كامل الحقوق وهو ليس من درجة أقل.
الرئيس تبون توقف أكثر من مرة عند هذا الخلل الذي قررت جزائر القرن 21 التخلص منه بأقصى سرعة وأقوى تحد، واضعة مواطنيها في نفس درجة الاهتمام والرعاية دون القبول بوجود من يشعرون أنهم خارج هذه المعادلة الوطنية.
هنا تكتمل غاية إصلاح الدولة الشامل بكل فروعها ومؤسساتها التي تسمح بأن يكون المواطن شريكا كاملا في معادلة التغيير والتطور ومنطلق التنمية المستديمة المبنية على قاعدة التوازن الجهوي معزز الجبهة الداخلية ومقوي الاستقرار الوطني.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19651

العدد 19651

الأربعاء 18 ديسمبر 2024
العدد 19650

العدد 19650

الثلاثاء 17 ديسمبر 2024
العدد 19649

العدد 19649

الأحد 15 ديسمبر 2024
العدد 19648

العدد 19648

السبت 14 ديسمبر 2024