كلمتان رددهما كل وطني جزائري صباح هذا الاثنين الحزين بمجرد أن أعلن نبأ انتقال الفريق أحمد ڤايد صالح رئيس أركان الجيش الجزائري إلى رحاب الله... سبحان الله...سبحان الله ...سبحان الله.
تحمل قايد صالح من الضغوط والاستفزازات ما لم يتحمله قائد عسكري عبر التاريخ المعاصر، وربما القديم أيضا، ليضمن حياة كل مواطن حرّ نادى باسترجاع الشعب لحقوقه المغتصبة، وليحرص على ألا تطلق رصاصة واحدة، حتى في الهواء، محافظة على الصورة السلمية الرائعة التي قدمها الشعب الجزائري في حراكه الهائل، بقدر ما حرص على ألا ينحرف المسار السياسي قيد أنملة عن القانون الأول للبلاد، وكان احترام الدستور هو القلعة المنيعة التي حمت الجزائر من أي انزلاق نحو المجهول، الذي كان من الممكن أن يكون أكثر مأساوية مما عرفته التسعينيات.
وكان العنصر الآخر الذي حرص الفريق على حمايته هو أداء المؤسسة القضائية بواجبها بعيدا عن أي ضغوط أو تدخلات، وهكذا كان سدّا منيعا تجاه أي محاولة للتدخل في سير العدالة، وبفضل دعم المولى عز وجل وبفضل المؤسسة العسكرية تمكن القضاء الجزائري، وربما للمرة الأولى في تاريخ العدالة، من أن يضع في السجون شخصيات سياسية ومالية كان مجرد التلفظ باسمها طريقا يذهب بصاحبه وراء الشمس، طبقا للمثال المشرقي المعروف.
وسبحان الله، كان الهاجس الذي عشناه طوال الشهور الماضية هو الخوف أن يسترد المولى عز وجل أمانته قبل أن يستكمل القائد الثمانيني مهمة حماية الحراك الشعبي والوصول به إلى استكمال أهم أهدافه، وهو العودة إلى وضعية الشرعية الدستورية الكاملة.
ويستجيب ربّ العزة لدعوات أهل الخير فيحفظ للفريق حياته إلى أن كرمه رئيس الجمهورية المنتخب بأعلى أوسمة الدولة، بعد أن أجريت الانتخابات الرئاسية في أحسن الظروف الممكنة، برغم المؤامرات والدسائس وتفاهات الإعلام المُوجّه من الأعداء وبعض الأصدقاء على حد سواء.
ولعل المجاهد الكبير يكون قد استلقى في آخر لياليه على سريره وهو يقول: الحمد لله...أديت الأمانة، اللهم فاشهد.. الآن أستريح.
ويلتحق أحمد ڤايد صالح بقافلة العظماء من المجاهدين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وسيلتقي بمحمد العموري وديدوش مراد والعربي بن مهيدي وبن بو العيد وزيغود وعباس لغرور وبو ضياف وعشرات بل مئات آخرون سيحتضنونه كما لم يحدث مع أي من رفاقه المعاصرين.
وسيلتقي في دار البقاء بمن أصرّ على تكريمه بإطلاق اسمه على أكاديمية شرشال، وهو يعرف أن هناك من أرادوا للهواري بو مدين أن يموت مرتين.
والموت نقاد على كفه جواهر يختار منها الجياد»، وهو ما تقوله دموع الملايين من أبناء شعبنا اليوم، ولعل من بينهم من كان يكيل للفريق أسوأ الإهانات.
﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾. (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي)
صدق الله العظيم.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم