أكد أمس وزير التجارة السيد مصطفى بن بادة أن الجولة القادمة الثانية عشر من المفاوضات مع المنظمة العالمية للتجارة ستجرى قبل نهاية الثلاثي الأول من السنة الجارية بعد أن تكون الجزائر قد أجابت على 1933 سؤالا منذ انطلاق المسار قبل سنوات، في إطار التفاوض المتعدد والثنائي الأطراف المؤدي إلى الانضمام إلى هذه الهيئة التجارية الدولية.
في قاعة المحاضرات بجامعة الجزائر ٣ وبمبادرة من الجمعية الوطنية للاقتصاديين الجزائريين في إطار نشاطاتها المتعددة لإثراء النقاش حول العديد من الملفات الاقتصادية الهامة والحساسة كملف انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة استعرض السيد بن بادة مختلف المراحل المتعلقة بمسار الانضمام و التفاوض الذي أفضى إلى تحرير تقرير فوج فريق العمل في نسخته المنقحة الأخيرة التي تعود إلى 5 أفريل 2013 و في 6 فيفري الماضي تم إرسال ذات التقرير استعدادا للجولة القادمة من التفاوض المقرر قبل نهاية مارس القادم.
وفي سياق التفاوض المتعدد الأطراف أوضح وزير التجارة أنه لأول مرة تم إجراء جولة من المفاوضات حول القطاع الزراعي مع كل من كندا واستراليا وزيلندا الجديدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وكان ذلك في جويلية من العام الماضي، بينما لا تزال بنود أخرى قيد المناقشة تتعلق أساسا بالنظام الجبائي والضريبة المحلية والضريبة على القيمة المضافة المطبقة على المنتجات الفلاحية المستوردة وحماية حقوق الملكية الفكرية والإعانات الممنوحة للصناعات والمؤسسات التجارية العمومية والحق في ممارسة التجارة الخارجية للأجانب كلها مدرجة على جدول التفاوض في الجولة القادمة، بعد إجراء التعديلات الازمة.
أما عن المفاوضات الثنائية، فإن الأمر يتعلق حسب الوزير بمفاوضات لولوج أسواق السلع والخدمات والخاصة بالرسوم الجموكية والأخذ بعين الاعتبار لتلك الفروع الهشة التي قد تتأثر من أي انفتاح وتمت مراجعة العديد من التنازلات المعلن عنها في سنة 2002 وكان ذلك من قبل اللجنة الحكومية المكلفة بالمراقبة والاشراف على عملية الانضمام وآخر مراجعة للتنازلات تمت في 31 جويلية من سنة 2013 وكل العروض المقدمة يتم التصديق عليها من ذات اللجنة الحكومية برئاسة الوزير الأول. ومن جهة أخرى التزمت الجزائر بفتح تجارة الخدمات في حوالي 89 قطاع فرعي، ويبقى ذلك غير كاف من وجهة نظر منظمة التجارة التي تستند إلى معايير في مستوى الانفتاح تماثل بعض الدول الحديثة الانضمام على غرار السعودية وروسيا التي وصلت فيها درجة الانفتاح إلى 120 قطاع.
وحول التقييم الأولي لمسار التفاوض الثنائي الأطراف أوضح السيد بن بادة أن العملية اكتملت مع خمس دول مثل كوبا وفينزويلا وسويسرا والبرازيل والأرغواي وذلك ضمن عشرين دولة مهتمة بالسوق الجزائرية، وأن تقدما هاما تم إحرازه مع كل من الأرجنتين وأندونيسيا، معتبرا أن هذا النوع من التفاوض الثنائي في غاية من الأهمية ويسمح بتعزيز ملف التفاوض ككل خاصة وأن لهذه الدول وزن اقتصادي وسياسي أيضا.
لكنه في ذات السياق أكد المحاضر أنه إذا كانت الانطباعات العامة تعتبر أن الجزائر توجد في مرحلة متقدمة من المفاوضات منذ إعادة بعث التفاوض فإنه من المهم أن تقرن هذه الانطباعات بإجراءات عملية تسير في اتجاه دعم التفاوض حقيقة في الجولة القادمة.
النقاش الثري الذي أعقب مداخلة الوزير دار في مجمله حول ما يمكن اعتباره ببعض الأخطاء المرتكبة في عملية الانفتاح التي حدثت خلال تسعينيات القرن الماضي، الأمر الذي دفع بن بادة إلى اعتبار أن هذا الانفتاح تم بطريقة عشوائية في الوقت الذي كانت فيه البلاد تعيش أوضاعا مزرية على أكثر من صعيد، سياسيا واقتصاديا ولكن أيضا أمنيا، مشيرا إلى أنه لو تم التوقيع على الالتزام بالانضمام في سنة 1994 لاختزلت الجزائر هذا المسار الطويل من المفاوضات الذي لا يزال مستمرا وقد يكون إلى أجل غير مسمى، حسب ما يبدو.