غرداية بعد أحداث العنف

مواصلة تطبيق إجراءات استعـادة الهــدوء

غرداية: لحرش عبد الرحيم

عادت المياه إلى مجاريها بولاية غرداية، التي كانت مسرحا لأحداث عنف في عدة مناطق تزايدت في كل مرة شرارتها لتمس أحياء جديدة، توسعت الأحداث محركة من طرف المغرر بهم في إثارة الفوضى والفتنة والنعرات الطائفية.

لكن جهود وتكاثف المواطنين الشرفاء، أعاد الهدوء نسبيا إلى المدينة عودة الهدوء كانت بفضل المخطط الأمني الذي أقامته مختلف الوحدات، تحت إشراف الطيب بلعيز، وزير الداخلية والجماعات المحلية، رفقة كل من اللواء عبد الغني هامل، المدير العام للأمن الوطني، واللواء أحمد بوسطيلة، قائد الدرك الوطني، والذي أثمر بتوقيف عدد من المتورطين خلال عمليات مداهمة وحواجز مراقبة، بإضافة عدة وحدات قدمت من كل المناطق.
يسارع ممثلو المجتمع المدني المالكي بكل عروشه وأطيافه لإجراء مشاورات حثيثة تمكنهم من تكوين المجلس المالكي، حيث بقيت الحلقة المفقودة لإعداد خارطة الطريق باعتبار أن عددا من الممثلين في كل مرة يلتقون المسؤولين لم يكونوا ممثلين بصفة رسمية، بل مؤقتين فقط.
وبناء على مبادرة الوزير الأول، عبد المالك سلال، تم الاتفاق على تشكيل مجلس موحد بين الفرقاء يدرس مختلف الآليات والحلول عند حدوث أي أزمة، كما يكون بوابة للصلح والتوافق وإعطاء بعد كبير للعلاقة المتواجدة بين أتباع المذهب المالكي من جهة، وأتباع المذهب الإباضي من جهة أخرى. غير أن المجلس الموحد سيكون فيه تعديل بتشكيل مجلسين كل واحد على حدى نظرا لعدة اعتبارات وخصوصيات تقليدية وعرفية.

اقتراحات وحلول لتدارك الأزمة
من المفروض أن تعرض عدة جهات عرفية هذه الأيام عدة مقترحات بتحويل مجموعة من الهياكل واستغلال مساحات وهياكل عمومية أخرى، في محاولة لإعادة ترتيب البيت، تجنبا لتكرار سيناريو المواجهات نهائيا، خاصة بعد عملية تمحيص لعدة تقارير رفعت للوزير الأول عبد المالك سلال تؤكد أن ضيق الوادي الذي تقطن فيه أكثر من 150 ألف نسمة، ساهم بشكل كبير ومباشر في عملية شحن المواطنين يضاف لها الأطراف الأخرى التي صبت الزيت على النار. كما أن تعليمات رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، الرامية لمعالجة الوضع الذي ترتبت عنه الأحداث التي تحركها أطراف دخيلة، ليحول دون نجاح هذه الأطراف في زرع البلبلة والفتنة في المجتمع.
أقامت قوات الأمن المشتركة 22 حاجزا أمنيا ونقطة مراقبة راجلة وراكبة بوسط مدينة غرداية لوحدها فقط، تنفيذا لقرارات وزير الداخلية والجماعات المحلية، حيث انتشرت أعداد هائلة من القوات التي تعززت بوحدات من عدة مناطق في الوطن، لاسيما بعد تشكيل جهاز أمني مشترك من الدرك والأمن، حيث ساهمت في إعادة الهدوء التام إلى مختلف أرجاء المناطق التي شهدت أحداث عنف.
وتقيم هذه القوات في عدة مراكز ومنشآت عمومية وقاعات مختلفة نظرا للحشد الهائل الذي دخلت به لفرض الأمن، هذا وتقوم عدة عائلات بطهي المأكولات التقليدية، وإرسالها لرجال الأمن المرابطين في الجبال، والذين يسعون لحماية المواطنين وإعادة استتباب الأمن، كما صنعت القوات المشتركة لوحة فنية رائعة بعد التنسيق المحكم، خاصة وأن عمران المدينة صعب إلى حد كبير لقوات الأمن دخوله.

وسائل الإعلام عليها أن تكون محايدة
وجه الإتحاد الوطني للصحفيين والإعلاميين الجزائريين بغرداية، نداء لمختلف وسائل الإعلام، يناشد فيه هذه الأخيرة بتجنيب ذكر النعرات الطائفية، والتأكد من صحة المعلومة، مع إعادة زرع الأمل في أقلام الصحفيين، كما يجب أن تكون وسائل الإعلام محايدة لما تراه على أرض الواقع.
ووجه عدة مثقفين وإعلاميين في عدة ولايات تقع بها مكاتب جهوية، انتقادات كبيرة لمختلف وسائل الإعلام التي لا تملك حتى مراسلين بالولاية، حيث تقوم بنشر تقارير أكثرها مغلوطة وهو ما ساهم بشكل وآخر في تأزيم الوضع، بتضخيمها للأحداث وتناقضها في المعلومات.
 
مبادرات لعودة المياه لمجاريها
سطرت المديرية العامة للأمن الوطني، تحت إشراف اللواء عبد الغني هامل، المدير العام للأمن الوطني، ووالي ولاية غرداية محمود جامع، مراطون عبر كامل سهل وادي ميزاب، حيث جمع أزيد من 250 مشارك من مختلف البلديات كالمنيعة وغرداية والقرارة وبريان، منقسمين إلى فئتين منهم فئة الإناث وتضم 84 مشاركة تنافسن على مسافة 6 كلم وفئة الذكور وتضم 166 مشارك تنافسوا على بعد مسافة 8 كلم.
 كما شارك في الماراطون الذي حمل شعار الأخوة عدة أفراد من وحدات الدرك الوطني والشرطة والجمارك والحماية المدنية، هذا ومن المقرر أن تسلم التكريمات للفائزين شخصيا من طرف اللواء عبد الغني هامل الذي سيقوم بإحياء يوم الشهيد المصادف لـ18 فيفري بغرداية.
وقامت عدة مجالس وأعيان لعدة مناطق في الوطن بتنظيم زيارات ميدانية بولاية غرداية قصد الالتقاء بالفرقاء وبحث آليات إحلال السكينة بالمدينة التي قالوا أنها أقلقت المجتمع الجزائري كون أن المدينة جزء من أجزاء هذا التراب الوطني، في مقابل ذلك يقوم الأخصائيون النفسانيون المبعوثين من طرف المديرية العامة للأمن الوطني بحملة تجوب السكنات والمراكز التي تأوي المتضررين.  
وفي غضون ذلك، تتواصل قوافل المساعدات التضامنية التي تنظمها عدة أحياء ومناطق في الولاية وجمعيات خيرية واجتماعية للعائلات المنكوبة التي أحرقت منازلها، حيث فاق عدد هذه القوافل 60 سيارة نقل بضائع منذ بداية الأحداث.
وقد تجمع عدد من المنكوبين في عدة مؤسسات تربوية مؤقتا ريثما تتكفل بهم السلطات المحلية، وتمثلت مختلف المساعدات التي وصلت لحي مرماد في مواد غذائية وأفرشة وأغطية بالإضافة لأواني منزلية، في انتظار تنظيم قوافل مساعدات أخرى ستصل قريبا من عدة أحياء أخرى، وقد صنعت المساعدات صورا تضامنية رائعة للمجتمعين لرفع الغبن عن هذه العائلات.
رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
رغم التقلبات الجوية بين حرارة الشمس وبرد المطر، يقضي المئات من رجال الأمن والدرك بشهادة جميع السكان يومهم في الشوارع والجبال ناصبين الخيام للمناوبة، يقضون فترات عملهم لا لشيء سوى من أجل توفير الأمن للمواطنين، هذه اللوحة لم تثنيهم يوما من النزول من أعالي الجبال الحجرية الصلبة يقول عدد من الأفراد الذين جلسنا معهم، لأنهم يسعون للحفاظ على هذا البلد.
 
رئيس الجامعة يتحكم في الوضع.. الطلبة والمنتخبون يدعون إلى الهدوء
ناشد كل من روؤساء المجالس الشعبية البلدية للبلديات التي شهدت أحداث عنف، المواطنين للتفطن أكثر حيال ما تخطط له بعض المجموعات المأجورة لزرع الفتنة.
 وقال المنتخبون في المجالس الشعبية البلدية والولائية أن المياه بدأت تعود لمجاريها، خاصة وأن خطوات إنفراج الأزمة قد انطلقت منذ أسبوع، بدليل أن التجار استأنفوا فتح محلاتهم، وعودة تلاميذ المدارس الحرة والخاصة والعمومية دليل آخر على عودة المياه لمجاريها، مؤكدين أن المبادرات التي انطلقت في عدة أحياء والقوافل التي بدأت تتهاطل دليل على عودة التعايش من جديد.
 من جهة ثانية، جنب رئيس جامعة غرداية البروفيسور محمد الطاهر حليلات الجامعة أحداث العنف خلال الأسابيع الماضية باتفاقه مع الطاقم الإداري والتعليمي وكذا النقابات تأجيل الامتحانات التي استأنفت يوم أمس في ظروف جدية.
وأكد الإتحاد العام للطلبة الجزائريين أن خطوة تأجيل الامتحانات كانت إيجابية طلبها المئات من الطلبة لتفادي أي انزلاقات محتملة، كما أكد الإتحاد العام للطلبة الجزائريين والإتحاد العام الطلابي الحر أن وعي طلبة جامعة غرداية يؤكد، أن الجامعة الجزائرية لا زالت بخير وأن أي محاولة لجر الجامعة إلى المجهول غير مسموح به.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024