هل وفت الجزائر وأجيال ما بعد الاستقلال شهداء وشهيدات حرب التحرير الوطني من أزهقت أرواحهم فرنسا الاستعمارية خلال 132 سنة من الاحتلال حقهم؟ وهل نقدر أن نقول اليوم، ونحن نستعد للاحتفال بيوم الشهيد، أننا باقون على عهدهم وعلى مبادئ بيان أول نوفمبر 1954؟ هي الأسئلة التي أجاب عنها أول أمس، من منبر ضيف «الشعب» المجاهد والدبلوماسي، الأستاذ صالح بن القبي وأحد شهود العيان الذين شاركوا في صناعة تاريخ الجزائر.
وقال بن القبي أن «ما وصلت إليه اليوم الجزائر من أمن واستقرار ورفاهية اليوم» هو هدية من الناس الذين لم يساوموا بتاتا على حياتهم وضحوا بالغالي والنفيس من أجلنا ومن أجل أن تسترجع البلاد سيادتها».
كما اعتبر أنه وبالرغم من إقرار الحكومة الجزائرية الـ18 فيفري من كل سنة كاليوم الوطني للشهيد وكذا وضع قانون الشهيد والمجاهد كي يتمكن ذوي الحقوق من أرامل الشهداء وأبنائهم والمجاهدين وذويهم من بعض الامتيازات التي تساعد على تحسين واقعهم اليوم، فلم نف للشهيد حق تضحياته الجسام من أجل أن تحيا الجزائر حرة مستقلة.
وعلل المجاهد بن القبي قوله بكون «التاريخ لا يدرس لمجرد التدريس والتسلية أو سرد القصص، بل لابد لنا أن نستخلص منه العبر كي نتعلم من أخطاء الأجيال التي سبقتنا ونتفداها، وأن نعتبر من مزاياهم وانجازاتهم وتضحياتهم ونسير على دربها’’.
وانتقد الدبلوماسي الأسبق الأساليب العشوائية والملتوية والمضايقات التي تمارسها بعض الأطراف الفرنسية في حق كل من يحاول أن يتكلم عن تاريخ الجزائر، وعن تضحيات أبنائها إبان ثورة التحرير، وهو الأمر الذي عاشه شخصيا خلال تواجده بفرنسا لإلقاء محاضرة حول مجازر 17 أكتوبر 1961، حيث منع من التحدث، عكس المحاضرين الفرنسيين والذين حاولوا تكييف الوقائع الأليمة حسب ما يخدم تاريخ فرنسا الاستعمارية.
وأضاف بن القبي أنه جادل المنظمين الذين منعوه بتذكيرهم بالبعض من المجازر التي قامت بها فرنسا في حق الشعب الجزائري ومنها تلك التي أمر بارتكابها المحافظ «بابون» في مارس 1956 بقسنطينة والتي كانت بمثابة التصفية الانتقائية والتي قتل خلالها الشيخ بوشمال والشيخ رضا حوحو وخطف البرفيسور هدام.
كما حذر المجاهد من أخطار وعواقب المشاحنات التي نشهدها اليوم بين رجالات الثورة الجزائرية، معتبرا أنها لا تخدم سوى مصالح وأطماع أعداء الجزائر.
وللتذكير فقد تم الاحتفال به لأول مرة سنة 1989 بمبادرة من منظمة أبناء الشهداء تكريما لمـا قدمه الشهداء من تضحيات جسام، فيما أقر رسميا في 1990 وقد اختير هذا اليوم تيمنا بتاريخ مولد الشهيد البطل زيغود يوسف في 18 مارس 1929.