نوهت الشاعرة ربيعة جلطي في حديث لـ»الشعب« بفترة حكم الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد التي وصفتها بالمفصلية، مؤكدة بأنه استقال بعد أن غرس أولى شجرة للديمقراطية، وإيمانا منه بأن الحلم قد تغير من جيل الثورة التحريرية إلى جيل جديد يقود أو يريد أن يقود مرحلة متميزة بحلم جديد.
»نستمع لبعض الشهادات من المواطنين البسطاء يقولون: عشنا معاه مليح، وهم يقصدون الرئيس الشاذلي بن جديد.. نعم كانت مرحلة حكمه مفصلية، مثلت منعطف الجزائر إلى فترة تاريخية جديدة«.. هذا ما بدأت به الشاعرة ربيعة جلطي حديثها، قائلة بأنه دون شك حصل التحول بكثير من القلق والغضب ولكن أيضا بكثير من الفطنة والذكاء، مشيرة إلى أن الشاذلي بن جديد كان مؤمنا بأن على الجزائر أن تمر إلى مرحلة اجتماعية وسياسية جديدة، بعد أن بلغ في عهده جيل الاستقلال الثلاثين سنة، فكان بذلك يدرك بأن الحلم قد تغير من جيل الثورة التحريرية إلى جيل جديد يقود أو يريد أن يقود مرحلة متميزة بحلم جديد.
وأضافت بأنه حين أدرك أن جيله ربما لم يعد يجيب بدقة عن هواجس الجيل الجديد أمام أحداث 88، استقال بعد أن غرس أولى شجرة للديمقراطية وهي التعددية الحزبية والإعلامية وحرر المجتمع من الغطاء الإسمنتي الذي كانت تمثله فلسفة التسيير المسير.
ووصفت ربيعة جلطي الرئيس الراحل بالعسكري المحنك، مؤكدة بأن الشاذلي بن جديد لو كان به رغبة في الكرسي لكان قاد حربا ضد التاريخ من أجل البقاء ولو بالموت، أو الخراب كما يحصل هذه الأيام في كثير من الدول العربية، وقالت إن الرئيس الراحل كان يدرك بأن زمن تسليم المشعل إلى جيل جديد قد حل فانسحب، مضيفة بأنه إذا كان البعض وقتها قد فسر الأمر على غير وجهه الصحيح فها هو التاريخ ينصف الشاذلي، حيث أنه بعد عشرين سنة من اعتزاله السياسة لا يزال الجزائري من اليمين واليسار والوسط، يحترمه ويقدره.
وقالت جلطي »صحيح إن الظرف المالي والاقتصادي وتدهور سعر البترول ساهم في تعطيل كثير من أحلام التنمية الاجتماعية التي كان يفكر فيها الرئيس الشاذلي بن جديد، تلك التي كانت تقوم على كرامة المواطن وتوصيله إلى العيش الكريم في ظل سوق مفتوحة ودولة سيادة ومؤسسات«.
وفيما يخص واقع الثقافة والمثقفين في عهد الرئيس الراحل، وإن كان هناك اهتمام في زمنه بهذا الصرح أكدت ربيعة جلطي أن عصر الرئيس الشاذلي بن جديد وعلى الرغم من أننا كنا في عهد الحزب الواحد إلا أن تاريخ الثقافة الجزائرية المعاصرة يسجل في عهده عدة ملتقيات أدبية قارة وهامة، مضيفة بأنها أصبحت تقليدا راسخا في الساحة الثقافية الجزائرية منها القصصية والروائية والمسرحية والسينمائية.
وقالت إنها آنئذ قد انتُخبت رئيسة اتحاد الكتاب فرع وهران فسطرت لذلك برنامجا فكريا حافلا، بالأمسيات الفكرية والأدبية بمقر الاتحاد بوسط المدينة وندوات ولقاءات ومحاورة أدباء ضيوف من عرب وأجانب.. مستفسرة في سياق حديثها عن حال الاتحاد اليوم في ظل الانفتاح والبحبوحة؟؟؟ وقالت »من سخرية الأقدار بعد التردي السياسي ذهبنا كعادتنا إلى المقر فوجدناه مستعمرا تتدلى من سقفه الجلابيب تعرض وتباع«.
»الرئيس الشاذلي يبدو وبهدوء مهتما بالثقافة«، هو ما أكدت عليه أيضا الشاعرة القديرة، حيث تحدثت عن إنجازاته التي تمثلت في تشييده لرياض الفتح كمجمع ثقافي كبير وبناؤه المكتبة الوطنية بالحامة وقصر الثقافة وجامعة الأمير عبد القادر، مشيرة إلى أن تكريمه لكاتب ياسين ولكثير من الأدباء والمفكرين تحسب له، ويكفيه فخرا أن في عهده أعلن عن الدولة الفلسطينية المستقلة وعلى أرض الجزائر.
وعادت ربيعة جلطي في حديثها لـ»الشعب« إلى مشاركتها في حفل تكريم أقيم على شرف الكتاب والأدباء، مصرحة بأنه ربما كان هو أول رئيس يجمع كل ذلك الكم من الشخصيات الأدبية والفكرية من جميع الأجيال ومن مختلف الحساسيات السياسية والجمالية في قصر الثقافة، وقالت إنه لم يكن جالسا بل كان واقفا يكرم الأدباء، وهو ما ينم ـ حسبها ـ عن شخصيته وذوقه وأدبه وسط جو من الاستبشار يملأ أرجاء قصر الثقافة الذي كان حديثا آنذاك..
الشاعرة ربيعة جلطي في شهادة لـ”الشعب”:
الرئيس الراحل أدرك أن تسليم المشعل للجيل الجديد قد حان.. فانسحب
هدى بوعطيح
شوهد:838 مرة