مثلما راهن الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد ـ طيب الله ثراه ـ على خدمة البلاد واقرار سياسة الاصلاح والانفتاح السياسي بما لها وما عليها، فانه اولى السياسة الخارجية اهمية كبرى وحرص كل الحرص على تعزيز علاقات الجزائر مع الدول الشقيقة والصديقة وعلى دعم ومساندة القضايا العربية العادلة فكانت الجزائر في عهده المهد لاعلان الدولة الفلسطينية في صائفة ١٩٨٧ والحاضنة القوية لقضية العرب الاولى، فلم تبخل عليها بالدعم المالي وبالغطاء السياسي، وكانت السباقة لاحتضان المقاتلين الفلسطينيين بعد اخراجهم عنوة من جنوب لبنان اثر احتلاله من طرف الكيان الصهيوني.
ومثلما احتضن القضية الفلسطينية ودافع عنها في مختلف القمم والمحافل، فانه وضع قضية الصحراء الغربية على رأس اولويات السياسة الخارجية للجزائر وبذل كل الامكانيات والجهود لابقاء القضية حية ولاجهاض كل المؤامرات التي كان يحكيها الطرف المغربي وبعض الجهات المؤيدة لطرحه، في سبيل الاستحواذ على الاقليم وفرض مغربته.
لقد التزم الراحل الشاذلي بن جديد بتعهدات سلفه هواري بومدين، فاستمر الدعم المادي يتدفق على الشعب الصحراوي، كما استمرت الآلة الدبلوماسية الجزائرية تجهض كل محاولة «لسرقة» حقه في تقرير مصيره بكل حرية ونزاهة.
ورغم الموقف الجزائري الداعم للقضية الصحراوية فان الشاذلي بن جديد لم يضعها حجرة عثرة في طريق بناء الاتحاد المغاربي بل لقد كان من اشد الرؤساء تمسكا باحياء هذا الفضاء واكثرهم حرص على بناء تكتل قوي تذوب امامه الخلافات والاختلافات ولا يمكن ان ننسى اللقاء التاريخي الذي جمعه بالملك المغربي الراحل الحسن الثاني في محاولة لتطبيع العلاقات وتجاوز الاختلافات كما لا يمكن ان نتجاهل قمة زرالدة سنة ١٩٨٨ التي حرص خلالها الشاذلي بن جديد على جمع زعماء اتحاد المغرب العربي بغية دفع مساره الذي ظل متوقفا لسنوات طويلة، منذ ارساء اولى اسسه في لقاء طنجة عام ١٩٥٨.
السياسة الخارجية للجزائر في فترة حكم الراحل الشاذلي بن جديد كانت نشيطة ونستشف ذلك من خلال محاولات التوسط لحلحلة بعض القضايا والازمات ونقف بالمناسبة عند الدور الذي بذلته الجزائر لحل الخلاف الايراني ـ العراقي ووقف الحرب المستعرة بينهما ونذكر بان وزير خارجيتنا محمد الصديق بن يحي دفع حياته ثمنا لجهود الوساطة بين بغداد وطهران.
ان اختصار ما قدمه الراحل الشاذلي بن جديد على المستوى الخارجي في هذه الوقفة امر صعب، لان الرجل انفتح على العالم شرقا وغربا، فقام بزيارات شملت معظم الدول الموزعة على مختلف اركان المعمورة وكانت كل تحركاته مدفوعة بتطوير علاقات الجزائر مع الخارج وحفظ مصالحها وقد كانت الجزائر في عهده مهابة الجانب بعيدة عن كل المشاكل التي صدرت للاسف الشديد من الداخل وكانت سببا في استقالته.
الجزائر الحاضنة القوية لقضية العرب الاولى
سيــاسة خارجيــة فاعلة تجاه قضايا التحرر
فضيلة دفوس
شوهد:722 مرة