كل ما تمّ ترويجه عن برامج إنعاش القطاع السياحي بولاية بومرداس منذ سنوات بتعاقب المدرين والمسؤولين المحليين لم يكن في حقيقة الأمر سوى سراب وتصريحات للاستهلاك، وملء التقارير عن مجمل المشاريع المنجزة والمقترحة لرفع التحدي الاقتصادي وتقديم الاستثمار السياحي كمورد بديل لخلق الثروة ومناصب الشغل والتعويض عن خسائر تراجع مداخيل البترول، وهذا بعد التأكيد أن حظيرة الولاية من الفنادق لا تتعدى 20 مؤسسة بخدمات بعيدة عن المستوى.
تحصي ولاية بومرداس بموقعها السّاحلي وقدراتها السياحية المتنوعة فقط 20 فندقا ومشروعا للانجاز بطاقة استيعاب لا تتعدى 3 آلاف سرير، اثنان منها فقط مصنّفان في خانة 3 نجوم وبخدمات لا ترقى إلى مستوى الجذب السياحي، وهي التصريحات التي كشف عنها مؤخرا مدير القطاع الوردي عبيدي، الذي اعترف صراحة «أنّ عدد المؤسسات الفندقية ومرافق الاستقبال لا تعكس فعلا حجم وقدرات الولاية في مجال الجذب السياحي»،وهو ما يعني حسب ذات المسؤول ضرورة التحرك العاجل لإعادة بعث النشاط السياحي، وتفعيل المشاريع المقترحة للانجاز المتوقفة والمتعثرة أصلا بسبب مشكل العقار الصناعي.
اللافت في الموضوع أن المرافق المذكورة وعدد الأماكن هو نفسه لم يتغير منذ سنوات رغم التصريحات المتكررة للمسؤولين المتعاقبين عن وجود برامج ومشاريع طموحة بإمكانها جعل من بومرداس وجهة سياحية بامتياز، لكنها في حقيقة الأمر ظلّت مجرّد مخطّطات مشاريع والقلة القليلة منها ما تم إنجازه تابع لبعض المستثمرين الخواص لكنها لا ترقى إلى مستوى المنافسة من حيث طبيعة الخدمات والتصنيف الدولي المعمول به لأن أفضلها لا يتعدى تصنيف 3 نجوم، وهنا نعود إلى دعوة والي الولاية في كل مناسبة يعرض فيها قطاع السياحة للمناقشة «إلى عدم الخلط بين موسم الاصطياف والنشاط السياحي المستدام الذي يعتبر التحدي الفعلي لإنعاش الاقتصادي المحلي والوطني»، وهذا طبعا لتفضيل مدراء القطاع اللعب على بعض الاستثمارات الموسمية البسيطة الخاصة باستغلال نشاط الاصطياف والاستجمام في الشواطئ على حساب النشاط الرئيسي الأم الذي فقد البوصلة، إلى درجة العجز في إنجاز مشروع سياحي واحد عبر أزيد من 11 منطقة توسع سياحي على الشريط الساحلي الممتد على ١ . ٨٠ كلم.
كما يعود الحديث مرة أخرى إلى إعادة تحيين هذه المناطق عن طريق التسوية القانونية والإدارية، والمصادقة على مشروع التوسع السياحي للشروع في عملية الاستثمار، حيث كشف مدير السياحة عن «المصادقة مؤخرا على منطقتي النشاطات لكل من ليصالين وتاقدامت بدلس على مساحة إجمالية تتجاوز 100 هكتار كمرحلة أولى وتجربة نموذجية بالولاية، في انتظار المصادقة على 5 مشاريع توسع أخرى هي حاليا لدى الأمانة العامة للحكومة». ويمكن القول أن هذه التحركات السريعة في الميدان بإمكانها إنقاذ هذه الفضاءات من عملية النهب المنظم وظاهرة البناءات الفوضوية خاصة بمنطقة تاقدامت، غابة زموري البحري، المرملة بمنطقة الكرمة، وغيرها من المساحات والأوعية العقارية الأخرى المهددة في حالة بقائها جرداء بدون مشاريع وهياكل قادرة على إعادة إنعاش النشاط السياحي بالولاية.