إعادة الاعتبار لأحياء العاصمة لا يقتصر على ترميم العمارات داخليا وخارجيا أي الجدران السلالم، الأبواب، الأسقف، والواجهات، كالشرفات والنوافذ واستعمال الطلاء وأنما هناك قرار آخر، ألا وهو إزالة الهوائيات أو ما يعرف بالبرابول عند الانتهاء من كامل عملية التكفل بهذا التراث العمراني.
ويأتي هذا القرار عقب تشخيص دقيق لحالة البنايات على مستوى ولاية الجزائر التي شوهتها تلك الصحون تشويها لا مثيل له جراء الأعداد الخيالية المنصّبة سواء في المنازل أو في الأسطح والأدهى والأمر أنها أصبحت مثبتة في الشوارع بالقرب من صاحب المسكن.. ناهيك ما سببته من تسرب للمياه جراء إحداث ثقوب في الأماكن العليا وفي كثير من الأحيان تؤدي إلى مناوشات بين السكان الذين يرفوضن أن يمرّ الكابل بجانب شرفاتهم.
ولا داعي هنا إلى سرد المزيد من الروايات في هذا الشأن الجميع يلاحظون يوميا الحالة المزرية التي وصلت إليه أحياؤنا جراء فوضى هذه الأجهزة ولابد من إيجاد الحل الفوري وهكذا فإن الربط سيكون جماعيا عن طريق جهاز استقبال أحادي يوضع على مستوى الأسطح، ليبث الصورة أو القنوات المختارة.
وهذا القرار ليس تعسفيا وإنما اتضح مع مرور الوقت بأن تطبيقه حتمية لا مفر منها بعد أن كان مبرمجا خلال السنوات الماضية في إطار ما يعرف بترقية المدينة.. لكن الحال مازال على هذا المنوال الكوابل في كل مكان تضاف إلى خيوط الهاتف والانارة زادت من تشويه المنظر العام.
ويلاحظ حاليا، أن كل هذا التداخل أثر تأثيرا مباشرا على ديكور العاصمة ولم تعد تحمل إلا ذلك الاسم بعد أن وصلت يد الانسان إلى المساس بمعالمها ومميزاتها لما يعرف بالجزائر البيضاء.
وتضع ولاية الجزائر هذا العلم ضمن أولوياتها، وفق تفكير سليم وخطة مدروسة تعتمد على الفعل البيداغوجي القائم على التواصل المباشر مع المعنيين سواء المواطنين أو لجان الأحياء أو الجمعيات أو أعوان البلديات وهذا لإعطائه الطابع الحضاري بإبعاد كل ما هو ردعي أوز جري وإنما قاعدته التفاهمات.. على أن يكون التغيير سريعا من وضع إلى وضع آخر لأن هناك الكثير من الناس لايرون أنفسهم بدون الفضائيات لمدة تفوق عن ٢٤ ساعة أو أقل خاصة محبي الرياضة ومتابعي الأخبار والمسلسلات وفن الطبخ.. هذه حقائق لابد من الإشارة إليها.
وتكون ولاية الجزائر اتخذت كل الاحتياطات الضرورية من أجل الشروع في هذه العملية لأنها التزام مع الآخر تكون بالسرعة المطلوبة لإعادة إلى العاصمة وجهها الحقيقي عماراتها خالية من كل الفوضى السائدة فيها اليوم، بسب ما قام به الانسان أحيانا.
كما ستكون العملية على مراحل وحسب المقاطعات حتى يتمّ التحكم فيها مهنيا وتقنيا كونها ليست سهلة عندما تكون العمارة مليئة بالسكان.. كيف يكون العمل لا يترى؟ لذلك فإن الكثير من العمارات بالعاصمة يصل عدد المنازل إلى ما بين٤٠ و ٥٠ منزلا في الطابق الواحد حوالي ٦ مساكن فما فوق أحيانا حسب التصميم الهندسي.. هذا مايدعو إلى إعداد أرضية عمل وتصوّر أي خطة محكمة قصد معرفة كيفية نزع الصحون المقعرة، والربط بكوابل جديدة.
هذه التفاصيل جديرة بذكرها من باب أنها تجربة جديدة بالنسبة لولاية الجزائر لم تتم من قبل.. وعليه فإن التحضير لها ضرورة لتسيير الأمور وفق ما خطّط لها تتطلّب وقتا طويلا نظرا إلى العدد الهائل للعمارات بالعاصمة.