فنّدت أسعار مادة البطاطا التي لم تنزل منذ مدة عن سعر 65 دينارا للكلغ كل التصريحات الموجّهة للاستهلاك الإعلامي من طرف مديريتي التجارة والمصالح الفلاحية لبومرداس، الهادفة إلى طمأنة المستهلك بتحسّن وضعية سوق الخضر والفواكه، وتراجع الأسعار الملتهبة لبعض المواد الأساسية تارة بقرب دخول المحصول ما قبل الموسمي، وتارة أخرى بالشّروع في استخراج مخزون غرف التبريد بالنسبة للبطاطا بسعر لا يتعدى 40 دينارا، لكنها في الواقع مجرد عملية ذر للرماد في العيون ولا شيء تحقّق من هذين الخيارين.
تساءل العديد من مواطني ولاية بومرداس عن أسباب استمرار ارتفاع أسعار مادة البطاطا في الأسواق المحلية، رغم دخول المحصول ما قبل الموسمي لشهر نوفمبر، حيث تصل أسعار المنتوج الجديد 85 دينارا وأكثر في بعض الأماكن، في حين لم ينزل سعر المخزنة منها 65 دينارا، وإذا كان الأمر بالنسبة للمحصول الجديد قد يمكن تفهمه بسبب قلة الإنتاج، الذي هو في بدايته وتقلب الأحوال الجوية كذلك، فلا يمكن بأي حال من الأحوال هضم استمرار سعر البطاطا المخزنة بـ 65 دينارا رغم وعود مديرية التجارة التي أعلنت قبل فترة عن الشروع في استخراج حوالي 35 ألف طن على مراحل وبسعر لا يتجاوز 40 دينارا لإعادة الاستقرار للسوق، ومحاولة التخفيف والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن.
الأدهى من كل هذا أن الإجراء الاستعجالي والاستنجاد بغرف التبريد قد أخذ هالة إعلامية على المستوى المحلي، دفعت بمديرة التجارة بالنيابة سامية عباسة ومديرة المصالح الفلاحية وردية بالعقبي إلى تنظيم ندوة صحفية مشتركة للإعلان عن هذه الترتيبات لمواجهة ظاهرة الندرة، الاحتكار والتهاب الأسعار بما فيها فتح نقاط بيع بعاصمة الولاية بسعر 40 دينارا، مع الإعلان “أنّ الديوان الوطني للخضر واللحوم بالتنسيق مع المجالس المهنية لشعبة البطاطا قد أوكل المهمة لـ 9 متعاملين للإشراف على العملية، وتوزيع حوالي 35 ألف طن على أسواق الجملة بمعدل 60 طن يوميا منها حصة بـ 7 آلاف طن لولاية بومرداس”، لكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح، وانتهى بانتهاء الإعلان نتيجة غياب المتابعة وحتى التنسيق ما بين المصلحتين، وهو الانشغال الذي وجّهناه لمديرة المصالح الفلاحية مباشرة بعد الإعلان عن الإجراء كون أن سعر البطاطا لا يزال 60 دينارا عند الباعة المتنقّلين، فما بال ذلك لدى نقاط البيع الثابتة، حيث اعتبرت “ذلك من مهام مصالح الرقابة وحماية المستهلك”.
هكذا تبقى وضعية سوق الخضر والفواكه ببومرداس خارج كل أشكال الرقابة، ولم يعد المواطن بإمكانه معرفة القيمة الفعلية للمنتجات وتكاليفها مقارنة مع الأسعار الجزافية المضاعفة التي يضعها التاجر فوق بضاعته، وأحيانا لا يأبه بذلك لغياب المحاسبة والمتابعة خاصة في الأسواق ومحلات البيع بالبلديات الداخلية التي هي غير معنية تقريبا بإجراءات وتصريحات مديرة التجارة المتعلقة “بنقاط البيع النموذجية المؤقتة” بما فيها المنصبة أيام شهر رمضان، على اعتبار أن منظار الرقابة لا يتعدى أسوار المديرية وحي الكرمة على أقصى تقدير، مقابل تمرير تقارير دورية عن عدد التدخلات التي يقوم بها الأعوان تحت شعار حماية المستهلك وقمع الغش وصلت شهر أكتوبر الماضي 2985 تدخل، لكنها تبقى مجرد أرقام للتصنيف ومرتبطة بالسلع والمواد الغذائية الأخرى، ولا تمس شعبة الخضر والفواكه التي ضاعت بين مصالح التجارة والفلاحة ليبقى المستهلك هو الوحيد من يكتوي بلهب التجار الجشعين، ولم يعد يأبه للأقوال والتصريحات وحتى التبريرات المختلفة.