تشهد شواطئ ولاية بجاية ظاهرة عمالة الأطفال، وذلك بسبب العوز الذي يجعل هذه الفئة تبحث عن العمل، خاصة في فترة العطلة الصيفية لجمع المال من أجل الدخول المدرسي القادم.
يجوب أطفال لا تتجاوز أعمارهم الـ 16سنة شواطئ ولاية بجاية طيلة النهار، محمّلين بسلال ممتلئة بمواد غذائية مختلفة، لا يقل وزنها عن 12 كيلوغرام يعرضونها على المصطافين، وهي الظاهرة التي تمّت معاينتها من طرف «الشعب»، وتتمثّل في وجود عدد كبير من الأطفال والمراهقين تتراوح أعمارهم بين 8 و16 سنة، يعملون على مستوى الشواطئ، فتراهم ينقلون سلالا ثقيلة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار سنّهم، يعملون طيلة ساعات وكل هذا مقابل أجر زهيد.
ويرى السّيد خزاري أخصائي اجتماعي أنّ «عمالة الأطفال سببها العوز والحاجة، كون تضطر بعض العائلات إلى الزجّ بأبنائها للعمل من أجل مساعدتها، وتوفير مستلزمات الدراسة وملابس العيد، وبالتالي تحرم هذه الفئة من استغلال العطلة، وتجبر على العمل في سنّ مبكرة ممّا يجعلها تتحمل المسؤولية، والأخطر من ذلك أنها تولّد لديها عدم الاستقرار والتصرفات العدوانية بسبب تعرضها للضغوطات، ويحدث هذا في ظل عدم تجسيد القوانين الردعية، المتعلقة باحترام السن القانونية للعمل بالنسبة للقصر، وهذه الظاهرة تؤدي إلى عواقب وخيمة، حيث تقود هؤلاء الأطفال إلى رفقة السوء والتسكع في الشوارع، وبالتالي الوقوع ضحية الآفات الاجتماعية، وعليه يجب التحلي بالوعي وحمايتهم».
وفي هذا الصدد، عبّر بعض المواطنين عن معارضتهم، ومن بينهم السيدة سلاّمى القاطنة بمدينة أوقاس الساحلية، كون العديد من هؤلاء الأطفال يستغلون إلى حدّ بعيد على مستوى الشواطئ المختلفة، حيث أنّهم غالبا ما ينحدرون من عائلات معوزة، دفعتها الحاجة إلى القبول بهذا التنازل، فهذه المهنة الصيفية تسمح لهم بربح بعض النقود أثناء العطلة الصيفية، فتراهم يحملون السلال والقفف ويتجوّلون على الشواطئ طيلة النهار، ويبيعون الكعك، الشاي بالنعناع، الفول السوداني والحلويات، وغيرها على غرار المحاجب، حتى أن بعض هؤلاء الأطفال يبيعون السجائر، وكل يوم على السّاعة التاسعة صباحا يقوم مستخدمو هاته الشريحة بنقل هؤلاء البائعين المتجولين على متن شاحنة صغيرة إلى الشواطئ البحر».
وقد عبّر الكثير من هؤلاء الأطفال الذين التقينا بهم على شواطئ المدينة، عن معانتهم على غرار علي البالغ من العمر 12 سنة، الذي قال، «إنه لعمل شاق أن تجوب الشواطئ من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة السابعة ليلا ليس بالأمر الهيّن». بالإضافة إلى صعوبة الأوضاع، فالعديد من هؤلاء البائعين الصغار يزاولون هذه المهنة الصعبة بشكل غير قانوني، فقط من أجل جمع مبلغ يكفيهم لمواجهة المصاريف التي يقتضيها الدخول المدرسي، وآخرون يتكبّدون كل هذا العناء من أجل إعالة عائلاتهم.
وعلى هامش هذه الظّاهرة، صرح لخضاري عمر من جمعية حماية الطفولة، أن الجمعية سبق وأن حذرّت أولياء هؤلاء الأطفال من أوضاع العمل الخطيرة، ولكن للأسف فالأولياء في حدّ ذاتهم يرغمون أولادهم على العمل وجلب المال. وقد كشف بعض الأطفال المستغلّين ضمن هذه الظروف العسيرة بمرارة عن درايتهم بالأوضاع، حيث صرّحوا: «نحن لا نجني الكثير، ولكن ليس لدينا أي خيار آخر، يجب أن نقوم بمساعدة أهالينا».
هذه أحوال البراءة، التي وجدت نفسها غائصة في بيئة العمل بالرغم من سنها المبكرة، في حين يتمتّع أطفال آخرون بالرّاحة والسباحة، كل هذا بالرغم من وجود تشريع صارم ساري المفعول، من شأنه إدانة هذه الممارسات التي تضر بالصحة الجسدية والعقلية لهذه الشريحة من الأطفال، كما أنها تعيق نموهم الجسدي والأخلاقي بشكل كبير.