حوّلت أجهزة المكيّفات الهوائية المثبتة على جوانب شرفات العمارات أو المؤسّسات الإدارية أو المحلات الأرصفة الخاصة بالمارة إلى برك مائية يستحيل سلكها نظرا لغزارة سقوط القطرات من الأعلى باتجاه الأسفل.
وتزداد هذه الظّاهرة انتشارا مع اشتداد الحرارة إلى الدرجة القصوى في كامل أحيائنا، خاصة عبر الشوارع الرئيسية كديدوش مراد وبن مهيدي، هذا ما أثار حفيظة الناس الذين يعملون كل ما في وسعهم من أجل تفادي الوقوع عرضة لما تلفضه تلك المكيّفات من مياه على ملابسهم.
وقد وصل الأمر في بعض الجهات إلى مستوى غير مقبول جراء الكميات الهائلة المتساقطة، والتي أوجدت ديكورا منفرا ومغلقا نتيجة تشويه المحيط بشكل مدهش وغريب في آن واحد لا يقبل به في الحواضر الكبرى.
هذا الانشغال الذي يطرحه المواطن لا يجد صداه على مستوى البلديات أو جهات مسؤولة أخرى كونه خارج صلاحيتها، زيادة على أنّ جل المواطنين اشتروا منازلهم وهي الآن ملكية خاصة، لكن ما استفادوا منه يتعلق بالأجزاء الداخلية وليس الخارجية لا يحق له إلحاق الضّرر المادي بالآخر مطلوب منه أن يجد حلاّ عاجلا مهما كان الأمر لأنّ ما يحدث في أرصفتنا ينم عن سلوكات غير حضارية بعيدة كل البعد عن معنى الحس المدني، المفروض أن يكون حاضرا في مثل هذه الحالات المتعلّقة بنموذج الحياة اليومية.
والكثير من النّاس اهتدوا إلى الحلول التّرقيعية التي ترمي إلى تمديد أنابيب من الجهاز إلى مخرج بعيد لا يقطر على الناس، غير أنّ كثرة المياه قد تفيض أحيانا في نفس المكان محدثة بقعة واسعة، مع تسرّبها إلى زوايا أخرى تسبب في كثير من الأحيان مناوشات وملاسنات بين الجيران جراء تعرض ملابسهم والأغطية إلى المساس وهي في الشرفات.
ونأسف هنا إلى أنّ الكثير من الناس لا يهمّه هذا الأمر بمجرد تنصب المكيف لا يعبأ بما يحدثه من مشاكل بالنسبة للآخر، وهو يرى يوميا ما يقع من كوارث في الحي، لكن لا حياة لمن تنادي، والكثير من هؤلاء حاولوا الاجتهاد في هذا الشأن، من خلال تثبيت أنابيب في الجدار الخارجي، غير أنّ هذا العمل أثّر تأثيرا كثيرا على المنظر العام، بسبب كثرة عددها ولونها المختلف.
ولابد من الإشارة هنا إلى أنّ تلك السيول اليومية من المياه، أدّت إلى إحداث تشقّقات في الواجهة المقابلة للعمارة مهدّدة بانهيار أجزاء منها خاصة الشرفات، وهذا كله لأن السكان لم يراعوا جانب الحيطة يضاف إلى ذلك سقي النباتات بطريقة فوضوية لا تخضع لأي منطق معقول، فإلى متى هذا التّهاون؟ في الوقت الذي أصبح المكيّف نعمة على العائلة داخليا ونقمة على الناس خارجيا.