فضاءات المجالس الشعبية البلدية في حاجة ماسّة إلى آليات تواصل مع المحيط، وحتى الآن ليس هناك إلاّ ما يعرف بلجنة المدينة “كوفيل” المكوّنة من لجان الأحياء والحركة الجمعوية. هي مساحة للتعبير وإبداء الرأي تجاه القضايا المتعلقة بأحوال البلدية خاصة تسيير الشؤون اليومية كالانارة، جمع النفايات، الحظائر العشوائية، حالة العمارات وغيرها.
فهل هذه الآلية كافية من أجل إحداث التفاعل بين المنتخبين والمواطن؟ لا نعتقد ذلك لأنّ المدة الفاصلة بين كل اجتماع وآخر بعيدة جدا، قد تصل مرة واحدة في 6 أشهر أو خلال سنة. هذا الفراغ في التواصل ولّد تشنّجا بين الطرفين إلى درجة القطيعة أحيانا أو فرض خيارات أكثر راديكالية كالاحتجاجات والاعتصامات أمام مقرات هذه المجالس، لأسباب يمكن تسويتها في حينها لو استمع مسؤولو البلدية إلى انشغالات الناس في الوقت اللائق.
فبالامكان أن نراهن على بدائل أخرى غير لجنة المدينة، شريطة أن تصدر المبادرة عن مسؤولي البلدية والمطلوب منهم أن يجتهدوا وأن يسعوا من أجل إيجاد إطار ملائم للحوار والتشاور بين أبناء البلدية خدمة للصالح العام، كما أنّ الاستعداد لحل المشاكل القائمة يعدّ عنصرا حيويا في التحلي بإرادة تذليل الصعاب لدى المسؤولين المحليين بالتعاون مع شركاء آخرين.
وإن كانت هذه المهمة صعبة، فإنّها غير مستحيلة نظرا لطبيعة المسؤولية الملقاة على عاتق كل من يريد التقدم لتولي مثل هذا المنصب الحسّاس، إذ عليه أن لا ينسى بين عشية وضحاها بأنّه “مفوّض” من قبل أناس الجهة التي ترشح فيها وأن يكون صاغيا لكل من يقصده مهما كانت طبيعة المشاكل المرفوعة إليه.
هذه “الثقافة” غير موجودة عندنا للأسف بمعنى أنّنا لا نستمع للآخر، وإن رغبنا في ذلك فإنّنا نحيل المعني إلى عون في مصلحة ثانية، وهكذا يجد الكثير أنفسهم في حلقة مفرغة ويتولّد عن ذلك كل أشكال الاستياء والتذمر، وتتلاشى عوامل الثقة.
فالبعض من المنتخبين يعتقدون بأنّ تسيير شؤون البلدية لا يتجاوز التوقيع على وثائق الحالة المدنية، في حين أنّ الأمر أكبر من ذلك بكثير. إنّها مسؤولية والتزامات.
مهمّة غير مستحيلة
جمـــال أوكيلــي
شوهد:1143 مرة