ترميم العمارات القديمة على مستوى الأحياء الرئيسية بالعاصمة ستعيد إلى هذا التراث العمراني وجهه اللاّمع ليعانق تلك التّسمية الأزلية «الجزائر البيضاء»، وحاليا فإنّ العديد من البنايات تحوّلت إلى ورشات للأشغال اليومية المتواصلة من الصباح الباكر إلى غاية المساء.
ما يلاحظ في هذه الأماكن غياب وسائل حماية المارة، الذين يضطرون إلى اتباع الرصيف المعتاد السير عليه، إلا أن الهياكل الحديدية المثبتة في هذا الحيّز أخرجت هؤلاء الى قارعة الطريق ممّا يعرضهم إلى أخطار المركبات، وإن حاولوا تفادي ذلك والمرور تحت تلك الركائز، فقد يتعرّضون إلى سقوط قطع حديدية خاصة بالعمل أو البقايا من الحجارة وغيرها.
وقد صادفنا رجلا حاملا رضيع في يديه وهو يصرخ معاتبا العمال في الأعلى، مطالبا منهم وضع حواجز حتى لا تتهاوى تلك الأغراض على الناس، غير أنه لم يجد تلك الآذان الصاغية وبقي صوته مجرد صيحة في واد تردّدها جدران باستور مكان الحادثة، وكان خياره مواصلة طريقه مادام لم يكن هناك رجع الصدى تفاديا لوقائع أخرى.
بالرغم من الشّبكة ذات اللون الأخضر التي وضعت خصيصا لحماية المارة، إلاّ أنّها لم تشفع لذلك كونها لا تؤمّن بشكل كامل الناس، وتكتفي فقط باعتراض انتشار بقايا عملية الترميم حتى لا تسقط في الأسفل، غير في أوقات معينة يستحيل التحكم في هذه الظاهرة.
هذا كله يؤدي بنا إلى التأكيد بأن هؤلاء المقاولين الخواص لا يوفّرون الوسائل اللازمة لحماية ذلك العامل المعلق في السماء، والخطر يهدده في كل لحظة، والمواطن في الأسفل الذي يخاف ضربات غير متوقّعة، ونشير هنا إلى أن السنة الماضية توفي عامل إثر تعرّضه لصعقة كهربائية من التيار العالي بعد أن لمس الكوابل.
وعليه فمن الضّروري الاسراع من أجل تحرك الجهات المسؤولة، خاصة من ولاية الجزائر لمراقبة العمال المصرّحين لدى الضمان الاجتماعي من قبل هؤلاء الخواص، فقد تبين من قبل أن عددا كبيرا من الشباب الذين وظّفوا لمدة محددة لا يستفيدون من الحماية الاجتماعية، وقد وجد مسؤولو الصندوق في حرج عندما تعرّض هؤلاء لإصابات تطلّبت تعويضات عاجلة..هذا ما نخشى منه اليوم.
وفي مقابل ذلك، فإنّ الأشغال الجارية على مستوى تلك الأحياء ذات الحركة اليومية تستدعي الاسراع في العمل حتى ترفع الورشة فورا، وعدم تجاوز آجال معينة لأن المكان محل تردّد الناس في كل لحظة، مع الوجود الكبير للمقرات الادارية والخدماتية، وهذا جانب مهم جدا.
وبالتوازي مع ذلك، فإنّ عملية الترميم هذه جاءت في سياقها المأمول، وهذا مع تزايد ظواهر انهيار البنايات داخليا وخارجيا نظرا لفعل يد الانسان.
^ داخليا: فإنّ جل العمارات بلغت درجة عالية من التدهور في السلالم، الجدران، الأسقف، الأسطح، الأرضية، المصاعد، أبواب المدخل، غياب الانارة وتدهور النوافذ المطلّة على الواجهة الأخرى. هذه حالة هذا العمران الموجود بمدننا الكبرى.
^ خارجيا: زوال لون العمارات وتحوّلها الى منظر منفر ومقزّز، ناهيك عن سقوط أجزاء من الشرفات فوق رؤوس الناس وعلى السيارات.
ويوجد هذا المشكل لدى البنايات التي لم تشملها عملية الترميم للأسف، وكم من مرة أبلغ سكانها الجهات المسؤولة منها بلدية الجزائر الوسطى، سيدي امحمد، القصبة وباب الوادي، غير أن الأوضاع ماتزال على حالها للأسف، هناك شكاوي وطلبات ملقاة في الأدراج لم يرد عليها حتى الآن، وهذا كله من أجل إبلاغ المسؤولين في البلديات بحالة هذه العمارات التي تتطلّب ترميما فوريا.