يهدّد خطر الاختناقات بغاز أكسيد الكربون آلاف العائلات بسكيكدة، التي تدفع فاتورة غالية نتيجة الاستهزاء بمخاطر هذه المادة كثيرة الاستعمال، بدليل تسجيل عشرات الوفيات واختناق المئات ممّن تمكّنت مصالح الحماية المدنية من إسعافهم، فتحوّل الغاز من نعمة إلى نقمة.
تعجّ المحلات بولاية سكيكدة بالسلع المغشوشة غير المطابقة للمواصفات التي تدخل إلى أسواقنا بطرق مختلفة مستوردة من دول آسيوية كالمدافئ وسخانات الماء وآلات الطبخ، ورغم خطورة هذه الآلات إلاّ أنّ الضّمير الغائب لبعض المستوردين الساعين وراء الربح السريع أهلك أسرا بأكملها، كما أنّ التعديلات التي تجرى على التجهيزات والتوصيلات دون إعلام مصالح الكهرباء والغاز، والقيام بأعمال عشوائية إضافية داخل المنزل يهدد حياة المواطن، لأن مسؤولية شركة سونلغاز تبدأ مع الشبكة الرئيسية للتزويد بالغاز الطبيعي في الحي، وتنتهي عند العداد.
وقصد تحسيس المواطنين وتوعيتهم بطرق الوقاية من مخاطر الاختناق بالغاز، نظّمت المديرية العامة للحماية المدنية بولاية سكيكدة بالتنسيق مع مديرية التربية ومصالح سونلغاز حملة تحسيسة تستمر على مدار أسبوع كامل، تضمّنت إلقاء دروس توعوية بالمؤسسات التربوية للأطوار الثلاثة حول الوقاية من مخاطر الاختناق، وتشمل بلديات سكيكدة والقل وعزابة والحروش ورمضان جمال وتمالوس، بالإضافة إلى إجراء تمارين تطبيقية في الإسعافات الأولوية لفائدة التلاميذ، كما تمّ برمجة حملات تحسيسية لفائدة الأحياء المزوّدة حديثا بغاز المدينة.
وبالرغم من هذه الحملات إلاّ أنّها تبقى في واد والمواطن في وادٍ ثان، لا يأبه في كثير من الأحيان بهذه التنبيهات، ويسعى دائما وراء الثمن المنخفض، وهو ما تنجر عنه مشاكل لا حصر لها تؤدي في كثير من الأحيان إلى هلاك أسر بأكملها.
فمن خلال تجولنا في الكثير من المحلات التي تبيع هذه الآلات، تعرف مؤشرات الأسعار إلى تقارب شديد بين مختلف الأنواع والماركات الموجودة، حيث تتراوح أسعار أجهزة التدفئة بين 20000 دج إلى 40000 ألف دينار، ولا يكاد المشتري يفرق بين الأصلي منها والمقلد نظرا للتطابق الكبير بينهما.
لكل تلك الأسباب، تعرض أربعة أفراد من عائلة واحدة تتراوح أعمارهم بين السنة و 38سنة للاختناق بفعل تسرب غاز المدينة ليتم إسعافهم، الحادثة وقعت بحي الإخوة ساكر وسط مدينة سكيكدة، و تشير المعلومات إلى تسرب للغاز من سخان الماء الموجود على مستوى الحمام، وقد تم نقل المصابين للمستشفى لتلقي العلا ، ووصف حالتهم بالمستقرة، وأصيب رجل يبلغ من العمر 35 سنة، وزوجته، 28 سنة بحروق من الدرجة الثانية، إثر انفجار قارورة غاز البوتان بمنزلهما الواقع بقرية التوميات، ببلدية الحروش.
كما أنقذ أفراد الحماية المدنية برمضان جمال أربعة أفراد من عائلة واحدة من الموت، بعدما أسعفوهم لحظة وصول معلومة تعرضهم للاختناق بالغاز المتسرب من الحمام،
وذكرت معلومات أن الوحدة الثانوية للحماية المدنية برمضان جمال تلقت اتصالا عن تعرض أفراد عائلة للاختناق بغاز ثاني أكسيد الكربون، ليتم التنقل فورا للمكان أين قاموا بإجراء الإسعافات الأولية ونقلهم للمستشفى حيث تماثلوا للشفاء.
فالكثير من المواطنين لا يفرقون بين ما هو أصلي وما هو مقلد، ومن لم يجد بائعا يثق فيه فسيقع لا محالة في اختيار الآلات المقلدة التي غزت الأسواق بشكل رهيب، وقد اشتكى العديد من المواطنين من غياب الرقابة التي من شأنها أن تقلص من حجم الآلات المقلدة والتي تؤدي إلى كوارث لا تحمد عقباها لمشتري هذه الآلات خاصة في فصل الشتاء، ورغم أنّ البعض من المواطنين يفضلون اقتناء ما غلا ثمنه لاعتقادهم بأنّه أصلي، إلاّ أنّ الملاحظ أن حتى الأجهزة المقلّدة تباع تقريبا بنفس ثمن الأجهزة الأصلية.
وأوضح لنا «خ ـ رياض» مرصّص مختص في تركيب آلات التدفئة وتسخين الماء ،»أنّ سوء التركيب أو عدم معرف الشروط اللازمة التي يتطلبها تركيب مثل هذه الأجهزة يؤدي بشكل كبير إلى حدوث مثل هذه الكوارث، حيث يؤدي أي خلل في عملية التهوية الصحيحة والسليمة في المنزل والتي تسمح بدخول الهواء النقي إلى حدوث اختناقات بالغاز، إضافة إلى عدم القيام بالصيانة الدورية وتفقد سلامة التوصيلات ولو مرة في السنة».
فحتى الرصاصين الذين ليست لهم خبرة كافية في الميدان، ويتم الاستعانة بخدماتهم من أجل عملية الصيانة أو التركيب، وهو الأمر الذي يزيد من درجة الخطورة. ويؤكد نفس المتحدث «أنّ خطأ بسيطا من قبل عامل التركيب قد يحدث تسربا للغاز وهو ما يؤدي إلى نتائج وخيمة، زيادة على بعض التصرفات الخطيرة التي يقوم بها المواطنون، حيث يعمد المواطنين إلى غلق أو سدّ كل الفتحات في المنزل لمنع دخول البرد، وهم في الحقيقة يمنعون تجدد الهواء وخروج الغازات».
أما «ياسين» أحد المختصين المعتمدين في تصليح الآلات المشتغلة بالغاز كالسخانات، أكّد لجريدة «الشعب» أن الحوادث الاختناق ترجع سبب إهمال المواطنين الذين لم يأخذوا الحيطة والحذر أثناء تشغيل السخانات، بحيث يثبتون تلك السخانات بداخل الشقق أو الغرف الصغيرة أو داخل الحمامات، وفي وقت البرد الشديد يغلقون كافة منافذ الهواء أثناء اغتسالهم، وينسونها فيتركونها مشتعلة لمدة طويلة حتى بعد خروجهم من الحمامات، مما يسبب الاختناق المؤدي للموت».
من أجل بيت آمن..
كما نظّمت مديرية التجارة لولاية جيجل بالتنسيق مع جمعية حماية المستهلك ، تحت شعار «من أجل بيت آمن» يوما إعلاميا تحسيسيا حول الوقاية من الحوادث المنزلية بقاعة المحاضرات بالحي الإداري جيجل بحضور ممثلي عدة قطاعات، بهدف تنمية الوعي لدى المستهلك، وتحسيسه بالحوادث المنزلية وكيفية الوقاية منها وكذا الاستعمال الآمن للأجهزة الكهرومنزلية وأجهزة التدفئة، وقد تضمّن البرنامج عدة تدخلات، كمداخلة شركة توزيع الكهرباء والغاز بعنوان «الوقاية من الحوادث الناتجة عن استعمال الغاز الطبيعي، مداخلة المديرية الجهوية للتجارة بعنوان «دور مصالح الرقابة في الوقاية من مخاطر استعمال أجهزة التدفئة»، ومداخلة مديرية الحماية المدنية بعنوان «الوقاية من الحوادث المنزلية»، إضافة إلى مداخلة السيد بوخنوفة عز الدين مختص في أجهزة التدفئة.
وبالرغم من الحملات التحسيسية والتوعية التي باشرتها مصالح الحماية المدنية ومديرية توزيع الكهرباء والغاز من أجل الحد من المخاطر التي تتربص بالمواطنين جراء الاستعمال الخطر لغاز البوتان على وجه التحديد، تسبب انفجار قارورة غاز البوتان متبوعة بحريق داخل غرفة في وفاة طفلين، 3 و4 سنوات، بمشتة أولاد عيسى ببلدية جيملة جنوب عاصمة الولاية جيجل، وتسبب الحادث في إصابة تسعة أشخاص بحروق متفاوتة الخطورة تم نقلهم إلى مستشفى عاصمة الولاية.
الحادث المأسوي حدث في بداية الشهر الجاري، عقب انفجار قارورة الغاز التي كانت تستعملها العائلة في التدفئة وخلف وفاة طفلين يبلغان من العمر 3 و4 سنوات، وإصابة تسعة أفراد من نفس العائلة بحروق خطيرة.
وحسب المكلف بالإعلام على مستوى مديرية الحماية المدنية، فإنّ هذه الأخيرة تدخّلت في الوقت المناسب وذلك من أجل إسعاف وإجلاء تسعة محروقين، منهم اثنان يعانيان حروقا من الدرجة الثالثة وسبعة آخرين حروقهم من الدرجة الثانية، تمّ نقلهم إلى مصلحة الاستعجالات الطبية بمستشفى محمد الصديق بن يحي بعاصمة الولاية جيجل رفقة جثتي الطفلين.
حسب نفس المصالح، فإنّ السبب المرجح لوقوع الحادث هو التسربات لغاز مدفئة موصولة بقارورة غاز البوتان، ما أدى إلى انفجار متبوع بحريق شبّ في قاعة الاستقبال المتواجدة بالطابق الأرضي لمنزل متكون من طابقين، وخصّصت مصالح الحماية المدنية لنقل المصابين حسب ذات المتحدث أربع سيارات إسعاف وأخرى تابعة للقطاع الصحي بذات البلدية وشاحنة إطفاء وطبيب و22 عون تدخل.