شهدت بلدية صفصاف الوسرى بولاية تبسة مؤخراً تدعيمها بمشروع حيوي يتمثل في إنشاء محطة بيولوجية لتصفية المياه المستعملة، بغلاف مالي معتبر قُدر بـ 10 ملايين سنتيم، في إطار سياسة الدولة الرامية إلى تحسين تسيير الموارد المائية والحفاظ على البيئة.
أكد رئيس المجلس الشعبي البلدي، أن هذه المحطة ستُحدث نقلة نوعية في مجال استغلال المياه المعالجة، خاصة لفائدة الفلاحين القاطنين بالقرب من موقع المشروع، الذين سيتمكنون من استعمال هذه المياه في أنشطة زراعية متعددة، ما يساهم في توسيع المساحات الفلاحية ودعم الإنتاج المحلي، مع تخفيف الضغط على المياه الصالحة للشرب.
وتقع المحطة الجديدة في نهاية المصب الرئيسي للبلدية، حيث تتوجه المياه بعد معالجتها إلى سد صفصاف الوسرى الذي يُعد بدوره من أهم الموارد المائية في المنطقة، إذ يغذي عدداً من البلديات المجاورة وفي مقدمتها بلدية بئر العاتر، التي تعتمد عليه بشكل كبير في تلبية حاجياتها المائية.
ويُنظر إلى هذا المشروع على أنه خطوة عملية لترسيخ ثقافة جديدة في التعامل مع المياه المستعملة، من خلال تحويلها من مصدر ملوث محتمل إلى مورد حيوي يمكن استغلاله بأمان، بما يضمن الحد من المخاطر البيئية ويعزز الاستدامة. وفي ذات السياق، يرى المختصون أن هذه المحطة تُعتبر إضافة تنموية وبيئية في آن واحد، فهي من جهة تساهم في حماية المحيط عبر التقليل من طرح المياه العادمة بشكل عشوائي، ومن جهة أخرى توفر مورداً إضافياً للفلاحين الذين طالما اشتكوا من ندرة المياه الموجهة للسقي.
وتندرج هذه المبادرة ضمن الجهود الوطنية الرامية إلى مواجهة التحديات المرتبطة بندرة المياه والتغيرات المناخية، من خلال الاستثمار في مشاريع مبتكرة توازن بين متطلبات التنمية المحلية والحفاظ على الموارد الطبيعية.
ويبقى الرهان، بحسب المتابعين، على ضرورة مواصلة تعميم مثل هذه المشاريع النموذجية عبر مختلف البلديات، لما لها من أثر مباشر على دعم الفلاحة المستدامة وتخفيف الأعباء عن الموارد المائية التقليدية. فاعتماد الفلاحين على السقي بالمياه المعالجة لا يمثل فقط خياراً اقتصادياً عقلانياً يحدّ من التكاليف ويحافظ على المحاصيل، بل يشكل أيضاً توجهاً استراتيجياً لمواجهة تحديات ندرة المياه.
ويرى خبراء أن تقليل الضغط على السدود والآبار يتيح إعادة التوازن للنظام المائي وضمان توزيع أكثر عدلاً واستدامة لهذه الثروة الحيوية بين مختلف القطاعات، من زراعة وصناعة واستهلاك منزلي. كما أن تعميم هذه المبادرات يعكس وعياً بيئياً متزايداً لدى السلطات والمجتمع على حد سواء، ويفتح المجال لتحقيق تنمية ريفية متكاملة تراعي متطلبات الحاضر وتؤسس لحلول طويلة الأمد.