تخفيــف الضّغــط علـى السّدود في الولايــات الداخليــة
تضمّن برنامج الإقلاع الاقتصادي، الذي أسّس له وأرسى دعائمه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، العديد من المشاريع الكبرى الهادفة إلى ضمان استمرارية تزويد مختلف ولايات الوطن بالماء. وتُعدّ محطات تحلية مياه البحر من أبرز هذه المكاسب، إذ تعكس رؤية مستقبلية ثاقبة وبُعد نظر السلطات العليا في البلاد. وقد جرى إنجاز العديد من هذه المحطات في الولايات الساحلية، بينما لا تزال أخرى قيد الإنجاز، بهدف تحقيق الاكتفاء المائي وتخفيف الضغط على السدود في الولايات الداخلية، خاصة مع بروز مناطق صناعية كبرى تطالب هي الأخرى بحصتها من هذه المادة الحيوية.
عمدت السلطات المحلية في العديد من ولايات الوطن إلى تعزيز وإعادة الاعتبار لشبكاتها الثانوية الخاصة بالماء الشروب، الأمر الذي ساهم في تحسين نوعية الخدمات المقدّمة للمواطنين، وضمان التوزيع العادل بين المناطق الحضرية والريفية، وهو هدف سامٍ والتزام انتخابي جاء به رئيس الجمهورية في حملته الانتخابية الأولى، ووجد طريقه نحو التجسيد في العديد من مناطق الوطن، وبالتوازي مع ذلك، تم اللجوء الى حلول تقنية حديثة لحماية الثروة المائية من الضياع، عبر تفعيل بروتوكول لتقليص ضياع المياه وتجديد الشبكات في إطار مخطّطات تنموية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار التوزيع الديمغرافي في المدن والأحياء الجديدة.
تعليمات رئيس الجمهورية الرامية الى ضمان تزوّد المواطنين بالماء الشروب وتفادي الانقطاعات، تندرج في إطار تجسيد مقاربة شاملة تجمع بين الجانب الاستعجالي والمخطّط التنموي لضمان تسيير عقلاني للموارد المائية، وتفادي أي اضطرابات قد تمس بالحياة الكريمة للمواطن الجزائري.
هذه المقاربة المدعومة بالإرادة السياسية القوية لرئيس الجمهورية، تعكس التزامه الراسخ بتحقيق العدالة في التزوّد بالمياه خاصة في فصل الصيف، وضمان استمرارية خدمات الجزائرية للمياه ومختلف شركاء القطاع حتى في أصعب الظروف المناخية، تأكيداً على أن الماء يتجاوز كونه مورداً طبيعياً فقط، بل يتعدّاه ليصبح عنصراً أساسياً في تحقيق التنمية والاستقرار الاجتماعي.
إنّ النتائج التنموية الشاملة في مجال الماء الشروب، والتي جاءت كمحصّلة لتجسيد مضامين الرؤية الاقتصادية التي جاء بها رئيس الجمهورية، لم تكُ وليدة اللحظة، بل هي ثمار مقاربة طموحة ظهرت منذ سنوات بشكل ملحوظ عبر مختلف ولايات الوطن، خاصةً الجنوبية منها.
وشهدت منطقة الساورة، نهاية العام الماضي، تسليم المشروع الضخم الخاص بتحويل المياه الجوفية الألبية من حقل تجميع المياه بقطراني باتجاه مدينة بشار والبلديات المجاورة لها على مسافة 213 كلم.
مشروع مياه بوسير الذي تم تجسيده في ظروف قياسية بإمكانيات وطنية، جاء للتصدي لبلطجة المخزن وتجاوزه للخطوط الحمراء فيما يخص حسن الجوار، واستغلاله لورقة الثروة المائية لضرب استقرار البلاد، غير أن يقظة سكان المنطقة وتجنّد السلطات المحلية لإتمام المشروع الذي أقرّه رئيس الجمهورية لفائدة الولاية، مكّنا من استفادة المنطقة من الموارد المائية المحلية بشكل مستمر ودون انقطاع.
في السياق ذاته، شهدت ولاية تندوف هي الأخرى تجسيد العديد من البرامج التنموية الرامية الى ضمان استمرارية التزوّد بالماء الشروب، وقد حازت مشاريع قطاع الموارد المائية حصة الأسد من البرنامج التكميلي الذي أقرّه رئيس الجمهورية لفائدة الولاية خلال زيارته التاريخية الأولى إليها، حيث يبرز مشروع جلب المياه جنوب - جنوب كأحد أضخم المشاريع المائية ببلادنا، والذي بموجبه سيتم جلب المياه الصالحة للشرب من الحقول الجوفية بولاية أدرار باتجاه ولاية تندوف على مسافة تفوق 1000 كلم، وهو ذات المشروع الذي سيعمل على تزويد سكان الولاية بالمياه الصالحة للشرب، وتدعيم مصانع المعالجة الأولية لخامات الحديد بمنطقة غار الجبيلات باحتياجاتها من المياه.
إن ما تحقّق حتى الآن من إنجازات في مجال الأمن المائي ببلادنا، أو ما هو في طريق التجسيد من مشاريع كبرى، يُعدُّ مكسباً وطنياً يعكس التزام رئيس الجمهورية بوعوده تجاه المواطنين، وحرص السلطات العليا على ضمان التزوّد بهذه المادة الحيوية، ويؤكّد أن التحدّيات مهما بلغت حدّتها، يمكن تجاوزها بتخطيط محكّم ومتابعة مستمرة، وتسخير كل الوسائل المادية والبشرية اللازمة لتنفيذ هذه البرامج. ومما لا شك فيه، أن قرار رئيس الجمهورية الأخير، سيقضي على التراكمات التي أدّت الى ندرة أو انقطاع المياه الصالحة للشرب في بعض المناطق، وسيضمن لا محالة تزويداً مستمراً بالمياه لفائدة المواطنين الجزائريين أينما كانوا ومهما كانت الظروف.