نهضـة تنموية عصرية بسواعـد وطنيـة

جزائر الاستقلال.. إنجـازات بالجملـة وتحدّيـات مستمرة

ج. علي

استعرض رئيس نادي تاريخ الأمير عبد القادر، ورئيس فرع الجمعية الوطنية لمؤسسة الأمير عبد القادر بولاية سعيدة، السيد مرابطي بغداد رؤيته لواقع التنمية في الجزائر، متحدثا في تصريح لـ “الشعب”، بصوت مفعم بالتجربة والصدق عن التحديات والإنجازات بعد أكثر من ستة عقود من الاستقلال.


قال مرابطي بغداد تمر الجزائر بذكرى تاريخية خالدة، وهي الذكرى الثالثة والستون لاسترجاع السيادة الوطنية بعد كفاح مرير خاضه شعب أعزل إلا من إيمانه بوطنه وعدالة قضيته، ستة عقود مرت منذ أن علت رايات جيش التحرير الوطني في شوارع المدن والقرى، معلنة ميلاد جزائر حرة سيدة، أرضا وشعبا.
واجهت الجزائر المستقلة منذ اللحظة الأولى إرثا استعماريا ثقيلا، خلف فراغا إداريا واقتصاديا مقصودا لإضعاف الدولة الناشئة، غير أن عزيمة أبناء نوفمبر لم تخمد، إذ سارعت القيادة الجديدة إلى بناء مؤسسات الدولة الحديثة، وأعادت هيكلة الجيش الوطني الشعبي ليكون الضامن للأمن والسيادة، والتفتت إلى أهم أسس النهضة التعليم والصحة.
 وأولت الجزائر المستقلة أهمية قصوى لتكوين الإنسان، فشرعت في تعميم التعليم المجاني، وبناء المدارس والجامعات، وإيفاد البعثات للخارج لسد النقص في الكفاءات الذي خلفه الاستعمار. وفي الصحة، بنيت الهياكل الضرورية واستعين بالأصدقاء من الدول الشقيقة لسد الاحتياجات المستعجلة.
وتوالت المحطات الكبرى مع مشروع الإصلاح الزراعي الذي مكن الفلاح من أرضه، وتشييد مصانع كبرى لتأسيس قاعدة صناعية وطنية في فترة الرئيس الراحل هواري بومدين، الذي راهن على بناء دولة قوية داخليا وذات كلمة مسموعة خارجيا، مدافعة عن القضايا العادلة للشعوب.
ورغم ما مرت به الجزائر من هزات وظروف صعبة، حافظت على مسارها التنموي، فأسست شبكات طرقات وسكك حديدية، وشيدت عشرات السدود لمواجهة التقلبات المناخية. وفي السنوات الأخيرة، اتجهت نحو استكمال منظومتها المائية بإنشاء محطات تحلية المياه، بإشراف مباشر من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إدراكا لأهمية الأمن المائي في ظل التحديات البيئية.
ولم يكن ملف الأمن الغذائي بمعزل عن هذا التوجه، إذ شهدت الجزائر توسعا كبيرا في الزراعة المسقية، وارتفاعا في إنتاج الحبوب والخضر والفواكه، إلى جانب تعزيز الصناعات الغذائية لضمان الاكتفاء وتقليل فاتورة الاستيراد. هذه الديناميكية رافقتها إجراءات اجتماعية ملموسة، شملت زيادات معتبرة للموظفين والمتقاعدين لتحسين القدرة الشرائية وضمان حياة كريمة، إلى جانب سياسة واضحة لدعم الجالية الوطنية بالخارج وتشجيعها على الاستثمار والارتباط الدائم بالوطن الأم. ومع كل هذا التقدم، تبقى الجبهة الاجتماعية الرهان الأهم لحماية الاستقرار.
فجودة التعليم، وتحصين الهوية الوطنية، وتشجيع البحث العلمي، وتحفيز الشباب على الابتكار والمبادرة، كلها ملفات حيوية لصناعة جزائر قوية متماسكة، وفية لتضحيات شهدائها ومجاهديها.
كما أن التوجه نحو مشاريع الطاقة الشمسية وتعميمها من شأنه تخفيف فواتير الكهرباء على المواطنين وتوفير مداخيل من التصدير لدول أخرى.
 إلى جانب تعويض أي نقص محتمل في الطاقة الكهربائية التي نجحت الشركة الوطنية المعنية في تقليص انقطاعها شبه كليا، مما ساعد أيضا على تحسن السياحة التي تعرف انتعاشا من خلال بناء أعداد كبيرة من الفنادق والمنشآت السياحية، وهو ما شجع أعدادا كبيرة من أبناء الجالية الجزائرية في الخارج على زيارة الوطن مستفيدين من تسهيلات الدولة كتخفيض أسعار النقل الجوي والبحري، ما منحهم فرصة التعرف أكثر على تقاليد وأعراف وطنهم وربط أبنائهم بهويتهم الأصيلة.
 ونحن نعيش الذكرى الثالثة والستين لعيد الاستقلال وعيد الشباب، أن يحافظ أبناؤنا على وطنهم، فهو لا بديل له. وقد أكد شبابنا تمسكهم به وبعلمه الذي يحملونه معهم أينما حلوا، وهذه ظاهرة إيجابية يجب أن تثمن وتغرس في الأجيال القادمة كما أرادها الشهداء الأبرار والمجاهدون الأخيار.
 الجزائر المنتصرة اليوم، مفتوحة أمام كفاءاتها ورجالها الذين هم كثر، وهي تستحق أن نقدم أنفسنا ودماءنا من أجلها، لأنها معرضة دوما للمخاطر لكنها ستظل عصية على الأعداء، لأنها سقيت بدماء الشهداء ويدافع عنها أحفادهم الأوفياء.
ويبقى الرهان على الإنسان أولا وأخيرا، فالأوطان تبنى بسواعد أبنائها وكفاءاتهم، وبروح الانتماء التي أكدها شباب الجزائر، وأكثر من أي وقت مضى، فهي تحتاج إلى كل عقولها وسواعدها، لترسم صفحة جديدة في سجل بلد قدم ملايين الشهداء، وسيظل عصيا على كل المؤامرات.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025