تواصل ولاية الجلفة جهودها لتعزيز قطاع تربية الأغنام من خلال تبنّي أساليب حديثة تهدف إلى دعم المربّين وضمان استمرارية الثروة الحيوانية، يتزامن ذلك مع تحدّيات مناخية وبيئية تتطلّب حلولا مبتكرة تسهم في تخفيف الأعباء وتحقيق إنتاجية أعلى.
أكّد مفتش البيطرة بدائرة الجلفة، شدولي زهير، في حديث خاص لـ«الشعب”، أنّ تشجيع المربّين على استحداث مراعي شبه طبيعية يمثل أحد الحلول الرئيسية لمواجهة التغيرات المناخية وتقليل التكاليف المرتفعة، وأشار شدولي إلى أنّ السلطات ترافق المربّين في هذا التوجّه لتحقيق نقلة نوعية في الإنتاج، والتقليل من الاعتماد على النمط التقليدي المتمثل في رحلتي الشتاء نحو الصحراء والصيف نحو الشمال الغربي والشرقي.
وأوضح محدّثنا أنّ حماية السلالات المحلية، خاصة السلالة الحمراء وسلالة الدمان، تأتي في صدارة الأولويات من خلال منع اختلاطها مع السلالات المستوردة لضمان استمرارية نقائها وإنتاجيتها العالية.
وأشاد شدولي بتجربة أحد المربّين في بلدية عين الإبل التي تعدّ نموذجا رائدا، حيث نجح في استصلاح الأرض وغرس نباتات علفية لتوفير غذاء للأغنام على مدار العام، ممّا ساهم في خفض التكاليف وزيادة الإنتاجية. وأضاف أنّ المربّين يمكنهم السير على هذا المنوال واستحداث مراع شبه طبيعية لربح الوقت والمصاريف، مشيرا إلى أنّ الدولة سترافقهم في هذه الجهود بدلا من النظام التقليدي الذي يحتاج إلى تحديث جذري لضمان استدامة الثروة الحيوانية.
وأكّد المتحدّث أنّ الموال هو العنصر الأساسي في الحفاظ على الثروة الحيوانية الوطنية، ويجب عليه اتباع أسس علمية وتحديث آليات جديدة في التربية، مشدّدا على ضرورة تفكير الموالين في استحداث مراع شبه طبيعية كوسيلة فعّالة لتوفير العلف على مدار السنة، وأنّ هذه الخطوة تعزّز الاستفادة من دعم الدولة وتخفّف التكاليف على المربّين الذين يمكنهم بذلك مواجهة التغيّرات الطبيعية.
الـتغطـيةــــ الصـحيـة الـشامـلة للأغـنام
وفي إطار الجهود المبذولة لتعزيز صحة القطيع، وتقديم تغطية صحية شاملة، حذّر شدولي من الاستعمال العشوائي للأدوية البيطرية، إذ يشكّل خطرا كبيرا على الثروة الحيوانية، مؤكّدا أنّ “التغطية الصحية مسؤولية البياطرة، وعلى الموالين أن يتفادوا التدخّلات غير المدروسة”، كما شدّد على ضرورة تجديد القطيع بشكل دوري وعدم بيع الإناث للحفاظ على تكاثر السلالات، مشيرا إلى أنّ التعاون مع البياطرة أمر حيوي لضمان سلامة القطيع.
حـماية السلالات المحلية
وأثمرت جهود السلطات - حسب شادولي - في حماية السلالات المحلية من خلال منع اختلاطها مع السلالات المستوردة، مع التركيز على السلالة الحمراء وسلالة الدمان الموجودتين في ولايتي الجلفة والبيض، وتعتبر هاتان السلالتان الأفضل من بين خمس سلالات في الوطن، والمعروفتين بإنتاجيتهما العالية من اللحم والصوف.
وفي إطار البرنامج الذي أطلق مجدّدا في مارس 2021، أشار شدولي أنّه قد تم تفعيل نقاط تفتيش لحجز الأغنام المخالفة للقوانين، حيث تم خلال الأيام التي سبقت عيد الأضحى، حجز 70 رأسا للغنم من نوع “سيداو” في حاسي بحبح، في خطوة حيوية نحو تأمين صحة الثروة الحيوانية.
وأكّد شدولي أنّ نقاط التفتيش المنتشرة على الحدود الجنوبية، إلى جانب جهود المفتشين البياطرة والبياطرة الخواص، تسهم بشكل كبير في الحفاظ على صحة الماشية ومنع انتقال الأمراض مثل “طاعون المجترات الصغيرة” و«الجدري”.
ويتمثل دور المفتشين الخواص في مراقبة الأغنام التابعة للموالين وتلك التي تدخل إلى الأسواق الأسبوعية. مشيرا إلى أنّ هذه الإجراءات تهدف إلى ضمان استمرارية الإنتاج وحماية نقاء السلالات المحلية، ممّا يعزّز دعم استدامة الإنتاج الحيواني الوطني.
برنامج تـكويـن بـالمـعهد التكنولوجـي
وكان المعهد التكنولوجي المتخصّص في الفلاحة الرعوية بولاية الجلفة، قد أطلق مع بداية شهر سبتمبر، برنامجا تكوينيا موجّها للفلاحين والمربين في الولايات السهبية، والذي يشمل: الجلفة، الأغواط، البيض، النعامة، المسيلة، غرداية وتيارت. ويهدف هذا البرنامج إلى تحسين القدرات الإنتاجية للفلاحين ومربّي الأغنام.
وأدرج المعهد في هذا البرنامج مواد جديدة مثل: المقاولاتية، تربية النخيل، الطبوغرافيا، العتاد الفلاحي، وتطوير المراعي. إلى جانب المواد التقليدية التي تتعلق بتربية الأغنام، الإبل، الأرانب، الدواجن والنحل.
وخلال الموسم الفلاحي 2023-2024، تم تكوين 350 فردا، منهم 263 فلاحا وموالا ونساء ريفيات من سبع ولايات سهبية، بالإضافة إلى 87 إطارا في القطاع الفلاحي. وفي ولاية الجلفة وحدها، تم تكوين 139 فلاحا ومربيا وامرأة ريفية، ومن المنتظر أن يلعب المعهد دورا بارزا في تعزيز القدرات الإنتاجية للمربّين، من خلال إدخال تقنيات جديدة وتوسيع مجالات التكوين، بما في ذلك تطوير المراعي والأشجار المثمرة.